الجيش الليبي يضرب أهداف مصراتة الحيوية لتخفيف الضغط على قواته في الهلال النفطي

مخاوف من تدمير نصف مخزون البلاد من النفط مع استمرار الحرائق

جانب من جلسة محاكمة رئيس الاستخبارات السابق عبد الله السنوسي وآخرين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة محاكمة رئيس الاستخبارات السابق عبد الله السنوسي وآخرين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يضرب أهداف مصراتة الحيوية لتخفيف الضغط على قواته في الهلال النفطي

جانب من جلسة محاكمة رئيس الاستخبارات السابق عبد الله السنوسي وآخرين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة محاكمة رئيس الاستخبارات السابق عبد الله السنوسي وآخرين في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

لليوم الثاني على التوالي استمر اشتعال الحرائق في خزانات النفط في مرفأ السدرة أكبر موانئ النفط الليبية الواقعة بمنطقة «الهلال النفطي» شرق البلاد، بينما سعت طائرات الجيش الليبي لتخفيف عبء القتال على القوات البرية التي ما زالت تمنع تقدم قوات فجر ليبيا وأنصار الشريعة باتجاه المنطقة، عبر شن غارات جوية للمرة الثانية على أهداف حيوية واستراتيجية في مصراتة بغرب البلاد أمس (الأحد).
وقال محمد الحجازي المتحدث باسم القيادة العامة للجيش إن القوات الجوية هاجمت ميناء مصراتة وأكاديمية تابعة للقوات الجوية قرب المطار وأكبر مصنع للصلب في ليبيا والذي يقع في مدينة مصراتة الغربية.
لكن إسماعيل شكري المتحدث باسم القوات المتحالفة مع فجر ليبيا الذي أكد وقوع الغارات الجوية قال: إن غارات الطيران لم تتسبب في أضرار، وأضاف أن المطار في مصراتة ما زال يعمل كالمعتاد وأن طائرة أقلعت قبل قليل.
وأعلن المكتب الإعلامي لقطاع الدفاع الجوي بمصراتة أن المضادات الأرضية المتمركزة التابعة له حالت دون تحقيق الطيران الحربي أهدافه. وقال المكتب في بيان له إن هذا القصف لم يسفر عن أي أضرار مادية أو بشرية، موضحا أن «طائرة عسكرية دخلت أجواء مدينة مصراتة، في محاولة لضرب المناطق الحيوية بالمدينة، لكن تم رصد تحرك هذه الطائرة ومتابعة مسارها وبفضل المضادات الأرضية تفشل هذه الطائرة في تحقيق هدفها، وتبتعد مما اضطرها للقصف العشوائي».
كما اعتبر المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا، أن القصف الجوي الذي استهدف بنية تحتية في مدينة مصراتة لا يعتبر قصفا عسكريا بل هو قصف سياسي لتقويض فرص نجاح الحوار الذي دعت إليه الأمم المتحدة.
وقال مسؤول محلي في مدينة مصراتة إن غارات جوية استهدفت 3 مواقع حيوية في مدينة مصراتة لأول مرة في تاريخ الصراع الليبي بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
وقال شهود عيان في المدينة إن «أصوات الطائرات، التي حلقت على ارتفاع شاهق، سمعت في المدينة قبل أن تطلق صواريخها باتجاه الكلية الجوية الملاصقة لمطار المدينة الدولي، إضافة إلى الميناء البحري، ومصنع الحديد والصلب».
وتقع مصراتة على مسافة 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس وترتبط بجماعة فجر ليبيا ويوجد فيها ميناء بحري رئيسي ومنطقة للتجارة الحرة، ونجت المدينة حتى الآن من القتال الذي هدد بتقسيم ليبيا.
وطلبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، من محكمة الجنايات الدولية ملاحقة قادة وأمراء الميليشيات المسلحة لما يسمى بفجر ليبيا وتنظيم أنصار الشريعة، والمتورطين في ارتكاب أعمال إرهابيه وانتهاكات جسيمه لحقوق الإنسان وإثارة العنف وفقا للقرارات الأممية بشأن ليبيا رقم 2174 ورقمي 1970 - 1973. ومعاهدة روما التأسيسية للجنائية الدولية.
وقال علي الحاسي المتحدث باسم القوات الحكومية المرابطة في منطقة الهلال النفطي إن «إدارة الدفاع المدني لم تستجب لمطالب التعامل مع الحريق، وإن عمليات الإطفاء تدار حاليا من قبل متطوعين ومعاونة عناصر حرس المنشآت النفطية».
ولفت إلى أن «رجال الإطفاء والحماية المدنية والمتطوعين يحاولون قدر استطاعتهم إطفاء النيران حتى لا تنتقل إلى الخزانات الأخرى وسط ظروف صعبة»، مشيرا إلى أن عمليات الإطفاء تستغرق أياما.
ويقع مرفأ السدرة على الساحل الليبي على بعد نحو 180 كيلومترا شرق مدينة سرت، وبه 4 من المراسي المجهزة لسفن الشحن.
وطبقا لما أعلنه العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي فإن «ميليشيات فجر ليبيا حاولت الإغارة على مرفأ السدرة النفطي من خلال مقاتلة ميغ 23 استخدمتها للمرة الأولى (أمس)».
وأشار وفقا لتصريحات صحافية إلى أن «هذه الطائرة التي استولت عليها هذه الميليشيات من تركة نظام القذافي العسكرية انطلقت لتنفيذ غارتها على السدرة من مطار الكلية الجوية في مصراتة وهو ما جعلنا نستهدفه إضافة إلى مواقع أخرى تتمركز فيها هذه الميليشيات». وقال: «إنهم حوروا طائرات تدريب إلى مهام قتالية ونجحوا في صيانة مقاتلات معطوبة من تركة النظام السابق»، مهددا بـ«تنفيذ غارات أخرى للجيش على أهداف في مدينة مصراتة ما لم تكف عن هجماتها».
إلى ذلك، زار الحاسي مدينة سرت الساحلية لتقديم العزاء لأسر الجنود التابعين للكتيبة 136 مشاة الذين قتلوا خلال مواجهات في محيط محطة الخليج البخارية بالمدينة.
وقال المبروك أبو سيف رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، إنه «لا يمكن قبول تبرير الهجوم الذي استهدف الخزانات النفطية»، واعتبر أن عملية التفجير تعد «انتهاكا صارخا لسيادة الدولة وزعزعة أمنها واستقرارها».
وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت (500 كيلومتر شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس)، وتحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.
وتحاول قوات فجر ليبيا منذ نحو أسبوعين السيطرة على هذه المنطقة التي تعد أغنى مناطق البلاد بالنفط.
وأطلقت هذه القوات على عملية زحفها مطلع الأسبوع الماضي باتجاه الهلال النفطي اسم «عملية الشروق لتحرير الحقول النفطية» زاعمة أنها مكلفة من قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته.
ويتنازع على الشرعية في ليبيا التي يعصف بها القتال والفلتان الأمني حكومتان وبرلمانان منذ سيطرة فجر ليبيا على العاصمة طرابلس في أغسطس (آب) الماضي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».