الهند: 25 مليار دولار إيرادات صناعة الترفيه والإعلام عام 2014

{والت ديزني} و{فوكس القرن العشرين} و{وارنر براذرز} تنافس بوليوود

ملصق لأحد الأفلام الهندية من انتاج {بوليوود}
ملصق لأحد الأفلام الهندية من انتاج {بوليوود}
TT

الهند: 25 مليار دولار إيرادات صناعة الترفيه والإعلام عام 2014

ملصق لأحد الأفلام الهندية من انتاج {بوليوود}
ملصق لأحد الأفلام الهندية من انتاج {بوليوود}

في سبتمبر (أيلول) حقق فيلم بوليوود «خوبسورات» أرباحا طائلة، وجاء في المرتبة التالية فيلم «بانغ بانغ» الذي حقق نجاحا فائقا.
قام بإنتاج الفيلمين شركتا والت ديزني وفوكس إنترناشيونال بالترتيب. وفي كل شهر، يجري إنتاج فيلم أو أكثر من أفلام بوليوود التي تعرض على شاشات السينما بصورة مستقلة أو في تعاون بين استوديوهات عالمية في الهند.
نمت صناعة الترفيه والإعلام في الهند بنسبة 19 في المائة في العام الماضي، بإيرادات تقدر بـ20 مليار دولار أميركي، ومن المتوقع أن تصل إلى 25 مليارا في عام 2014، وفقا لتقرير صدر عن «إرنست آند يونغ» للاستشارات؛ لذلك ليست مفاجأة أن تدخل شركات هوليوود مثل والت ديزني وفوكس القرن العشرين وفياكوم 18، ووارنر براذرز وسوني بيكتشرز إلى سوق الأفلام الهندية وأن تعمل على إنتاج أو تسويق أو توزيع أفلام هندية.
ما الذي يجذب الاستوديوهات العالمية إلى الهند؟
تعد صناعة السينما الهندية من أكبر الكيانات المنتجة للأفلام في العالم، بل الأكبر على الإطلاق، إذ يجري إنتاج أكثر من 1200 فيلم سنويا بأكثر من 20 لغة، ويجري بيع ما يزيد على 3.3 مليار تذكرة سنويا، مما يجعل الهند صاحبة أكبر عدد من رواد السينما. ويبلغ حجم صناعة السينما الهندية 5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تزداد بمعدل نمو سنوي يصل إلى 14.1 في المائة.
بالإضافة إلى ذلك، من الأسهل تحقيق الربح في الهند بدلا من لوس أنجليس، حيث يبلغ متوسط تكلفة إنتاج الفيلم في بوليوود نحو مليوني دولار فقط، في مقابل 47.7 مليون دولار في هوليوود. كما تنخفض تكاليف التسويق كثيرا في الهند. بدأت شركات هوليوود في اكتشافها للهند من خلال دبلجة أفلامها باللغة الهندية ولغات محلية. وفي الوقت الحالي أصبحت نسبة تتراوح ما بين 40 إلى 50 في المائة من إيراداتها تأتي من الأفلام المدبلجة باللغات الهندية.
ورغم وجود والت ديزني في الهند منذ عام 2009، فإن فيلم «خوبسورات» هو أول فيلم ناطق باللغة الهندية يجري الإعلان رسميا أنه من إنتاج ديزني في الهند. كانت الأفلام الأخرى من إنتاج الشركة مع شريك هندي «يو تي في». ولكن يعد تقديم الفيلم رسميا على أنه من إنتاج ديزني بالكامل خطوة في استراتيجية أكبر، حيث تحاول الشركة الاقتراب باسمها الشهير من أذواق مشاهدي الأفلام في الهند، وسط دفعة أكبر تتقدم بها في الدول ذات الأسواق الاقتصادية الناشئة الرئيسة. سيكون الإصدار التالي من ديزني في بوليوود «حيدر وبي كي»، بطولة شاهد كابور وعامر خان.
ومن بين جميع الشركات البارزة التي دخلت سوق بوليوود، تبدو شركتا فوكس ستار استوديوز، التي تعد مشروعا مشتركا بين فوكس القرن العشرين وستار المملوكتين لقطب الإعلام روبرت ميردوخ، الأكثر طموحا، حيث يوجد 28 عملا هنديا في انتظار الصدور في عام 2014، فيما يعادل فيلما كل أسبوعين. يقول فيجاي سينغ، الرئيس التنفيذي لفوكس ستار استوديوز: «تقوم الشركة بتأكيد قوي على وجودها طرفا رئيسا في مجال صناعة الأفلام الهندية». كما تشارك فوكس ستار أيضا في إنتاج الفيلم المقبل «بومباي فيلفت». وسوف تطرح شركة هوليوود الكبرى، التي دخلت السوق الهندية في عام 2008، الأفلام الـ28 في دور السينما على مدار 52 أسبوعا باللغات الهندية والتاميل والإنجليزية. يشار إلى أن مثل هذا العدد من الأفلام يفوق حجم إنتاج أي شركة عالمية أخرى في الهند. وتملك الشركة خططا تجارية أيضا سوف تنفذها في غضون الشهور المقبلة. ومن بينها إقامة شراكة مع «فيشيش فيلمز» في صفقة تتضمن 3 أفلام، ومع المخرج أمول غوبتا لإنتاج فيلم «هاوا هاواي»؛ كما تتعاون مع شركات جديدة مثل «بوجا للترفيه والأفلام»، وأخرى قديمة مثل «فانتوم» و«إلومينيتي» و«إنديمول إنديا». أما شركة فياكوم 18، التي تجسد مشروعا مشتركا بين شركتي فياكوم ونتوورك 18، فتنتج أفلاما تحت اسم «فياكوم 18 موشن بيكتشرز» في الهند. وكان أحدث الأفلام التي أنتجتها فيلم «باغ ماليكا باغ» الذي حقق نجاحا كبيرا، بالإضافة إلى أفلام أخرى مثل «الرئيس» و«إنكار» و«سبيشال شابيز» و«صاحب بيو أور عودة الرجل العصابة»... إلخ. كما أطلقت فياكوم 18 قناة «كولورز» (ألوان) التي تعد من أبرز قنوات الترفيه في الهند. وتعد وارنر براذرز من شركات الإنتاج السينمائي الكبرى في هوليوود التي أقامت قاعدة تابعة لها في الهند. منذ عام 2008، أنتجت وارنر براذرز عددا من الأفلام مثل «يوت باتناج» و«فاس غاي ري أوباما» و«جان كاهان سي آي هاي» و«أتيثي توم كاب»... إلخ.
ولكن الطريق في الهند لم يكن ممهدا أمام الشركات العالمية. خاضت شركة وارنر براذرز أسوأ تجربة لها في البداية عندما فشلت محاولتها الإنتاجية الأولى ذات الميزانية المنخفضة، وكذلك مشروعها الأكبر «تشاندي تشوك إلى الصين» بطولة أكشاي كومار وديبيكا بادوكون. وفي وقت لاحق، حققت الشركة أرباحا بإنتاج فيلم «أتيثي توم كاب جاوغ؟» (عزيزي الضيف متى ستغادر؟). وأقامت شركة سوني اليابانية العملاقة مكتبا للإنتاج في الهند يحمل اسم سوني بيكتشرز إنديا. وكانت أول شركة من هوليوود تعيد إنتاج فيلم بوليوود «سواريا».
نقلت وسائل الإعلام عن جواهر شارما، المدير الإداري لشركة «ريلايانس بيغ بيكتشرز»، قوله إن مكتبات النصوص في الشركات العالمية هي أكبر ميزة، تستفيد منها الشركات في إعادة إنتاج أفلام هوليوود بخلفية هندية. علاوة على ذلك، تملك الاستوديوهات الأجنبية مزيدا من الأموال لتعزيز جودة الإنتاج في الأفلام الهندية.
يعد فيلم «بانغ بانغ» الذي ينتمي لفئة أفلام الحركة في بوليوود والمصنف في المجموعة الأولى في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، وهو من إنتاج فوكس ستار، نسخة جديدة رسمية من فيلم «فارس ويوم» الذي قام ببطولته توم كروز.
على مدار الأعوام، تعاونت شركة إيروز إنترناشيونال مع أرقى المواهب في الصناعة. وهي أول شركة ترفيه هندية تطرح للتداول في بورصة نيويورك. بعد إنتاج أفلام ناجحة مثل «رام ليلا» و«رانجاهانا» و«راجكومار» في العام الماضي، تستمر إيروز في إقامة شراكات مع منتجي أفلام بارزين وشركات إنتاج كبرى مثل «إيلوميناتي» و«مادوك» و«فانتوم فيلمز».
كانت شركة «إنديمول الهند» الذراع الهندية لشركة الأفلام الهولندية «إنديمول» طرفا رئيسا في ساحة الإنتاج التلفزيوني الهندية، إذ قدمت برامج مثل «بيغ بوس» و«أرض الخوف». وأعلنت الشركة أيضا عن المشاركة في إنتاج 3 أفلام بالتعاون مع إيروز العالمية، وخرجت بكيان منفصل يحمل اسم «آيدنتيتي موشن بيكتشرز». كما تعرض شبكة «بي بي سي» بعض البرامج الناجحة على التلفزيون الهندي بالإضافة إلى قنوات الأطفال التي تديرها ديزني في الهند. كما تدخل استوديوهات هوليوود أيضا سوق السينما الإقليمية الهندية. على سبيل المثال أنتجت استوديوهات فوكس لمحبي أفلام التاميل «إنغايوم إيبوثم» (في كل مكان طوال الوقت).
من جانب آخر، يجري الممثل والمنتج السينمائي البوجبوري رافي كيشان محادثات مع شركة إنتاج عالمية. ويشار إلى أن نحو 75 فيلما باللغة البوجبورية يجري إنتاجهم سنويا وتحقق عائدات تبلغ أكثر من ملياري روبية. وينمو هذا المبلغ سنويا بنسبة 20 في المائة، حيث يشاهد نحو 350 مليون شخص أفلاما بوجبورية في شمال هند وخارج البلاد. وتأتي نحو 50 في المائة من أرباح الأفلام في الهند من أفلام محلية، وفقا لإحصائيات صادرة عن محللين.
يقول جهيل ثاكار، مدير الإعلام والترفيه في «كيه بي إم جي الهند»: «يمكن أن يفتح فيلم ناجح بابًا لأرباح طائلة أمام شركات الإنتاج العالمية. ومن المنتظر شركات فوكس وفياكوم 18 وديزني لإنتاج أفلام باللغات البنغالية والمالايامية والبوجبورية». يقول سنيغ إن شركة فوكس تناقش إبرام مزيد من تعاقدات الشراكة في إنتاج أفلام ناطقة باللغات التاميلية والبنغالية والمالايامية. وقد أصدرت والت ديزني الهند فيلم مغامرات خياليا بلغة التيلجو باسم «أنغاناغا أو ديرودو». وقال فيكرام مالهوترا، الرئيس التنفيذي لفياكوم 18 موشن بيكتشرز: «نحن نتفاوض حول الكثير من نماذج العمل مع شركاء محلية لدخول ساحة الأفلام الناطقة بلغات محلية في الربعين الرابع والخامس التاليين».
تعلم شركات هوليوود أن نشاط الأفلام المحلية يختلف عن الهندية، وأن المكاسب التي تحققها دور العرض تقدم نسبة أعلى من الربح. يقول تيمي قندهاري، المدير التنفيذي للترفيه والإعلام في «بي دبليو سي الهند»: «إن هذه الأفلام تستمر لفترات أطول في دور العرض مقارنة بالأفلام الهندية، كما أنها تحقق أرباحا أكبر». وأضاف مالهوترا من فياكوم 18 أن «السينما الناطقة بلغات محلية تعمل بصورة أفضل في القضايا والموضوعات التي تحتل قلوب المتحدثين باللغة».



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.