سريلانكا تجذب المشترين الأجانب مع ازدهار سوقها بعد نهاية الحرب الأهلية

رغم التغييرات التي أدخلتها على قوانين الملكية في 2013

سريلانكا تجذب المشترين الأجانب مع ازدهار سوقها بعد نهاية الحرب الأهلية
TT

سريلانكا تجذب المشترين الأجانب مع ازدهار سوقها بعد نهاية الحرب الأهلية

سريلانكا تجذب المشترين الأجانب مع ازدهار سوقها بعد نهاية الحرب الأهلية

غالبا ما يطلق على سريلانكا في هذه الأيام لقب «بالي المقبلة»، فقد زادت معدلات السياحة أكثر من الضعف منذ توقفت عام 2009 الحرب الأهلية التي دامت 26 عاما في هذه الجزيرة التي يشبه تشكيلها الجغرافي شكل دمعة في المحيط الهندي، حيث وصل إليها 1.27 مليون زائر من العام الماضي. واشترى بعض هؤلاء الأجانب منازل مخصصة لقضاء العطلات، وخصوصا على طول الساحل الجنوبي للجزيرة، رغم أن التغييرات التي تم إدخالها على قوانين الملكية في عام 2013 جعلت من هذه المشتريات أمرا أكثر تعقيدا وتكلفة.
لم يكن قرار الشراء مفاجئا بالنسبة إلى الكثيرين. كان ماثيو هاراغين، وهو سمسار أوراق مالية متقاعد من بريطانيا، وزوجته سو، وهي فنانة، قد زارا البلاد لأول مرة منذ 15 عاما يغرض قضاء الإجازة. وقال السيد هاراغين هاتفيا خلال آخر رحلة للزوجين إلى أوروبا: «لقد امتزجت سريلانكا بالكامل في دمائنا. كان الشعب وكل شيء عن المكان يتحدث إلينا، ولكن في ذلك الوقت، وبطبيعة الحال، كانت الحرب ما زالت مستعرة، ولذلك لم نكن نفكر في العيش هناك».
ولكنهما عادا بعد أن خبا أوار الحرب لقضاء عطلة أخرى، ثم اشتروا منذ نحو 3 سنوات أرضا في بستان جوز هند في ميديغاما، التي تقع على مسافة ليست بالبعيدة من عاصمة الإقليم الجنوبي غالي، وعلى بعد مسافة قصيرة من شاطئ ركوب الأمواج.
وأمضيا 18 شهرا في بناء منزل مكون من 5 غرف على الطراز الاستعماري من الخشب مع بلاط تيراكوتا وأرضيات من الإسمنت المصقول. قال السيد هاراغين: «أصبح شكله النهائي يشبه القصر، على نحو أكثر كثيرا مما كنا نتوقع». وأشار إلى أن المنزل وحمام السباحة والأرض تكلفوا ما مجموعه نحو 500 ألف جنيه إسترليني أو 783010 دولارات (رغم أن أسرة هاراغين ذكرت المبالغ بالجنيه الإسترليني، ولكن يتم حساب المنازل الراقية في سريلانكا بالدولار الأميركي أو بالروبية السريلانكية وتكون الصفقات النهائية بالروبية).
جعلت التحسينات السريعة التي تم إدخالها منذ انتهاء الحرب على البنية التحتية من الساحل الجنوبي للبلاد أكثر يسرا وأكثر جاذبية للسياح وللراغبين في شراء منازل.
«كانت المسافة تستغرق 5 ساعات بالسيارة من المطار إلى غالي»، حسب كافيتا ديفي فايلا، الذي انتقل إلى سريلانكا قادما من أستراليا في أوائل عام 2013 ليعمل مساعدا للمدير التنفيذي لفندق أمانغالا الفخم في قلعة غالي (القلعة التي تم تشييدها خلال القرن السادس عشر تقع ضمن لائحة التراث العالمي لليونيسكو).
تستغرق الآن الرحلة التي تبلغ مسافتها 100 ميل أقل من ساعتين. وقالت السيدة فايلا: «أعتقد الآن مع وجود طرق سريعة أن هذا الأمر يعتبر أكثر ما يميز البلاد ويجعلها أكثر انفتاحا وسهولة».
أتى مايكل ووليمينا مانسيل منذ عامين فقط إلى سريلانكا بغرض قضاء الإجازة من قطر، حيث يعمل السيد مانسيل مهندس بترول. وقررا شراء منزل، ودفعا 650 ألف دولار للحصول على منزل مكون من 3 غرف نوم مبني على الطراز الاستعماري داخل جدران القلعة.
قال السيد مانسيل، وهو بريطاني: «تم تشييده في عام 2006، ولكن كل شيء داخل القلعة ينبغي بالطبع أن يكون على النمط التقليدي، ولذلك فإنه يبدو كما لو كان قد تم تشييده منذ عدة قرون مضت». وقالت السيدة مانسيل، وهي فنانة هولندية، إن عددا قليلا من السمات الأكثر جاذبية في المنزل هي شرفته الواسعة على السقف ونسيم البحر العليل. وقالت: «نعم، وقعنا في حب المنزل ولكننا وقعنا أولا في حب سريلانكا، حيث تتمتع سريلانكا بكل شيء: الغابات والحياة البرية والجبال».
لا توجد إحصاءات رسمية عن أسعار العقارات في سريلانكا، ولكن إدوارد همبل، العضو المنتدب لشركة «بيرل بروبيرتيز»، وهي وكالة يقع مقرها في غالي وتركز في المقام الأول على تلبية احتياجات الأجانب، أشار إلى وجود زيادة تصل إلى 5 أضعاف في قيمة العقارات المقامة على الشواطئ رئيسية بين عامي 2009 و2012.
وقال إن أحد المنازل الذي كان يمكن أن يباع مثلا مقابل نحو 500 ألف دولار في عام 2009 في تالب، وهي واحدة من أكثر المناطق المرغوبة والمرتفعة التكلفة في الطرف الجنوبي من الجزيرة، قد تصل قيمته الآن إلى نحو 2.5 مليون دولار. واليوم، يرى السيد همبل أن نحو 60 في المائة أو 65 في المائة من المناطق المطلة على شاطئ البحر من بينتوتا إلى هامبانتوتا (نحو 110 أميال بطول الساحل الجنوبي بما في ذلك إقليم غالي) مملوكة لأجانب.
كان الإقبال على الشراء قد توقف في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012، عندما أعلنت سريلانكا عن إدخال تعديلات على قوانين الملكية في العام التالي.
قال السيد همبل: «ظلت السوق ميتة لمدة 9 أشهر. وتدهور الوضع من استقبال 4 أو 5 مشترين محتملين كل يوم إلى استقبال 3 أو 4 مشترين محتملين كل شهر».
ولكن بمجرد إصدار التوجيهات الجديدة في يونيو (حزيران) عام 2013، بدأت السوق تتعافى حسب قوله. وأضاف: «لم تعد السوق مزدحمة مثلما كان الوضع في نهاية الحرب، ولكنها جيدة جدا».
تحد القوانين الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، من استغلال الأجانب للأراضي باستئجارها لمدة 99 عاما، وأوقفت الشراء المباشر للأراضي الذي كان مسموحا به من قبل، وأضافت ضريبة دمغة خاصة تبلغ نسبتها 15 في المائة من سعر استئجار الأرض، كما اقتصر تملك الأجانب على 49 في المائة من أسهم أي شركة محلية منشأة بغرض شراء أراضٍ، فينبغي أن تكون أغلب الأسهم مملوكة لشريك محلي.
قال السيد همبل: «إنه مكلف ولكنني أعتقد أن السوق ستستوعبها وتتحرك للأمام على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة». وأضاف قائلا: «أعتقد أن القوانين لا تزال مواتية لشراء ممتلكات في سريلانكا أكثر من بالي أو بوكيت، وهي الأسواق التي نفضل أن نقارن أنفسنا بها، ولكننا ما زلنا أرخص كثيرا، أرخص بمقدار 4 أو 10 مرات».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».