سقوط مدينة «الشيخ مسكين» أهم نقطة استراتيجية في القطاع الأوسط بيد المعارضة

أكثر من 200 قتيل من قوات النظام السوري في 45 يوما

سقوط مدينة «الشيخ مسكين» أهم نقطة استراتيجية في القطاع الأوسط بيد المعارضة
TT

سقوط مدينة «الشيخ مسكين» أهم نقطة استراتيجية في القطاع الأوسط بيد المعارضة

سقوط مدينة «الشيخ مسكين» أهم نقطة استراتيجية في القطاع الأوسط بيد المعارضة

أكد معارضون سوريون أن قوات النظام السوري والميليشيات المساندة خسرت أكثر من 200 مقاتل حتى الآن خلال المعارك الطاحنة المستمرة في مدينة الشيخ مسكين بدرعا، وذلك جراء محاولات النظام المستمرة لاستعادة سيطرته على المدينة التي استولت عليها فصائل المعارضة في التاسع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حين أطلقت قواتها في الجبهة الجنوبية معركة «ادخلوا عليهم الباب»، وتمكنت من السيطرة على قرابة 90 في المائة من المدينة.
وقال الناشط الإعلامي أبو أوس الحوراني، لـ«الشرق الأوسط»، إن مدينة الشيخ مسكين «تشهد معارك ضارية بشكل مستمر منذ اندلاعها، خاصة في محيط اللواء 82 الذي تريد قوات الجيش الحر تحريره من قوات النظام المتمركزة داخله، حيث إن عملية تحرير اللواء لا تقل أهمية عن تحرير المدينة، وذلك نظرا لكونه نقطة انطلاق عمليات قوات النظام ضد أحياء الشيخ مسكين المحررة، ولكونه يعتبر قاعدة القصف الثقيل الذي يستهدف المدينة والقرى المجاورة لها». وأشار الحوراني إلى أنه «لا يمكن للجيش الحر قبل إتمامه عملية تحرير اللواء أن ينطلق في عمليات تحرير النقاط العسكرية الواقعة على طريق مدينة إزرع، وأهمها بلدة قرفا مسقط رأس رستم غزالة، رجل أمن النظام المعروف، الذي حول البلدة إلى ثكنة عسكرية تقع على طريق مدينة إزرع المعقل الأكبر لقوات النظام في القطاع الأوسط».
وكانت قوات النظام السوري قد لجأت في محاولاتها المتكررة لاستعادة الشيخ مسكين إلى أساليب مختلفة من الحرب، أخذت شكل «المواجهات المباشرة» على جبهات الحي الشرقي بشكل خاص، وامتازت بأسلوب «الكر والفر» في أكثر الأحيان، نظرا للمقاومة الكبيرة التي واجهتها من قبل قوات المعارضة المرابطة على تلك الجبهة. بالإضافة إلى ذلك، اعتمد النظام أسلوب «الأرض المحروقة»، بتكثيف قصفه لأحياء المدينة، في عمليات انتقامية كان الهدف منها جعل الدمار مقدمة لانسحاب المعارضة من الأحياء التي تسيطر عليها. ولكن يبقى أهم ما شهدته الحرب في الشيخ مسكين اتباع النظام لأسلوب «الحيلة» في بعض الأحيان، حين أقدم قبل أسابيع على دفع مقاتلين له إلى ارتداء لباس عائد لمقاتلين من «جبهة النصرة» بغية التسلل والدخول إلى مناطق تتمركز فيها مجموعات مقاتلة تابعة للجيش الحر للانقضاض عليها، لكن تلك المحاولة سرعان ما انكشفت وتم قتل المجموعة بأكملها والتي زاد عدد عناصرها على 30 عنصرا.
وسرعان ما جاءت معركة الشيخ مسكين بنتائجها الفورية على الأرض، لتحدث انقلابا في موازين السيطرة بعيد اندلاعها مباشرة، حين أجبرت قوات المعارضة قوات النظام على الانسحاب من مدينة نوى الواقعة غربا، وسجلت في ذلك الوقت إنجازا مزدوجا بإعلانها تحرير مدينتي نوى والشيخ مسكين في اليوم نفسه، وتمكنت بذلك من إنهاء سلطة قوات النظام في القطاع الغربي بشكل كامل وفتح باب السيطرة على أهم نقطة استراتيجية تقع في القطاع الأوسط وهي مدينة الشيخ مسكين.
ولفت الحوراني إلى أن «الخسائر الفادحة التي تكبدها النظام في الشيخ مسكين، باعتبار أن عدد قتلاه من قواته والميليشيات المساندة لها تخطى الـ200، دفعته إلى تكريس نهجه الانتقامي ضد قرى حوران بشكل عام ومدينة الشيخ مسكين وباقي نقاط التماس بشكل خاص، وذلك باعتماده أسلوب القصف التدميري الكثيف بأكثر من 400 برميل متفجر وأكثر من 300 غارة منذ نفذها منذ بدايات الشهر الماضي، أكثرها استهدف الشيخ مسكين ومدينة نوى والقرى القريبة منهما كابطع وداعل وطفس وبصر الحرير».
وتعتبر مدينة الشيخ مسكين ذات أهمية بالغة لكل من الجيش الحر والنظام على حد سواء لوقوعها على طريق درعا القديم من جهة، ومحاذاتها للأوتوستراد الدولي الذي يوصل إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وكانت المدينة بمثابة نقطة ارتكاز رئيسية لقوات النظام في المنطقة الوسطى وعقدة طرق إمداد لقواته في المنطقة الغربية قبل خروجه من نوى. وبسقوط مدينة الشيخ مسكين يعتبر خط الدفاع الأول عن مدينتي أزرع الواقعة في الشرق والصنمين الواقعة شمالا قد سقط نهائيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».