الأكل النباتي يجذب الطلاب العرب إلى الهند

إقبال شديد على دروس الطهي من الجيل الصاعد

الأكل النباتي يجذب الطلاب العرب إلى الهند
TT

الأكل النباتي يجذب الطلاب العرب إلى الهند

الأكل النباتي يجذب الطلاب العرب إلى الهند

في شقته المستأجرة في منطقة جور باغ في دلهي، وضع علي بن محمد أمين الطالب القادم من السودان أطباقا نباتية هندية لتناول وجبة العشاء - حبات الفول والفول الأخضر مع رايتا (طبق هندي سريع التحضير يتكون من فاكهة أو خضراوات أو أي شيء آخر يتم خفقه مع الزبادي المخفوق).
لقد جاء إلى الهند منذ 8 أشهر، وتحول إلى اتباع نظام غذائي نباتي بعد أن أخرج صنف اللحوم من وجبته الغذائية. والتحق بدروس طهي هندية لمدة 4 أسابيع في فصول نيتا ميهتا للطهي حتى يتعلم كيفية طهي الأطعمة الهندية.
يقول علي: «في الوقت الحالي لست جيدا جدا في طهي الأطباق الهندية ولكني جيد إلى حد ما. كانت رحلتي للتحول إلى الطعام النباتي ممتعة. بمجرد أن وصلت إلى هنا، جذبني الطعام الهندي. وفي حين يشكو كثيرون من زملائي العرب من الطعام الهندي المليء بالبهارات، وعدم وجود مطبخ عربي أصيل في الهند. كنت مستغرقا في تناول بارانتا (الخبز الهندي المحمر)، وراجما تشاوال (المكون من اللوبيا والأرز)».
وأضاف علي ضاحكا: «ربما يجعلني شغفي المتزايد بالمطبخ الهندي أغير مهنتي من الهندسة إلى الطهي. وسوف أذهب بالتأكيد لحضور بعض دورات الطهي الاحترافية المتخصصة في المطبخ الهندي».
تجذب الهند، التي تضم أكثر من 500 مليون شخص نباتي، الكثير من الطلاب القادمين من الشرق الأوسط لتبني نظام غذائي نباتي على الأقل لفترة خلال إقامتهم في الهند. تحول البعض في البداية إلى الطعام النباتي بسبب عدم توفر الطعام العربي الأصيل، ولكن فضل البعض الغذاء النباتي حبا منهم في تنوع الأطعمة النباتية الهندية، حتى إن المتحمسين لها قالوا إنها صحية وإنهم سيحاولون البقاء نباتيين عندما يعودون إلى بلادهم الأصلية.
قال رياض العباسي، هو طالب عربي عمره 21 عاما يدرس في جامعة أميتي بنيودلهي: «كنت غير نباتي طوال حياتي. ولم أكن أعلم شيئا عن طبيعة المطعم النباتي الهندي. وكنت أفتقد أطباقي المفضلة من الكبسة والمكدوس والمطبق والحمص والفتوش والبسبوسة. ولكني بمجرد أن جربت الطعام الهندي، وجدت أنه أفضل اختيار، وأنا في الوقت الحالي أتناول جميع أصنافه. من بين أصناف الأكلات الهندية النباتية التي أثارت إعجابي: بارانتا وخبز النان بالجبن وباني بوري (عبارة عن بوري دائري مجوف ومقرمش محشو بمزيج من المياه المنكهة والتمر الهندي والفلفل والبطاطس والبصل والحمص وبهارات شات ماسالا)، وماسالا دوسا (عبارة عن كريب مُخمر أو فطيرة مصنوعة من خليط الأرز والعدس الأسود)، وكادي شاوال (المكون من زبادي بالكاري والأرز). وأصبح أول شيء أبحث عنه في مطعم أو في أي مكان أذهب لتناول الطعام به هو القائمة النباتية. فقد أحببت الأكلات النباتية».
يستطيع رياض طهي العدس بالكاري مع أرز جيرا أو حبوب الكمون. ويضيف: «أحب أيضا مشروب لاسي (وهو مشروب زبادي يكون حلو أو مالح المذاق) وداهي (نوع من الزبادي) والسمبوسك».
كذلك تعلم الطلاب الوافدون من الشرق الأوسط الأسماء الهندية للخضراوات مثل بهندي (البامية) وكيرالا (القرع المر) ولوكي (الكوسة) بالإضافة إلى كلمات هندية قليلة، أبرزها «نامستي» و«بايا ثيك بايسي لاغو» (التي تستخدم في المساومات عند الشراء).
كما تلعب دلهي دورا في تقديم الأطعمة الشهية لهواة الطعام الوافدين من الشرق الأوسط. في منطقة نظيم الدين في دلهي، حيث يقيم الكثير من الطلاب العرب، يقدم «مطبخ ماما» فصولا خاصة لطهي الأكلات النباتية الهندية. وتستمر حصة الطهي المعتادة التي يقدمها طهاة محترفون من «مطبخ ماما» نحو ساعتين، حيث يدرس طاه محترف طرقا بسيطة في الطهي بإعداد 3 وصفات نباتية مكونة من الأزر وخبز تشاباتي.
تشترك السيدة كالرا مدرسة الطهي في الشعور بالدهشة من حجم إقبال الطلاب الأجانب في الهند وخاصة آكلي اللحوم على الأكلات النباتية الهندية. تقول سارة (24 عاما) من الدمام: «قبل انتقالي إلى دلهي قرأت مقالا يشير إلى أن المسلمين في الماضي كانوا يتناولون القليل للغاية من اللحوم وأنهم كانوا نباتيين تقريبا، ولم تقل الشريعة إن اللحم ضروري. وكان معظم المسلمين في العصور القديمة يتناولون اللحم يوما واحدا في الأسبوع إذا كانوا أغنياء مثلهم مثل أفراد الطبقة الوسطى. وإذا كانوا فقراء يتناولونه في الأعياد». ولكنها تضيف: «عندما أخبرت أسرتي بهذا الأمر ضحكوا جميعا لفكرة التحول إلى نباتيين أو على الأقل الحد من اللحوم في وجباتنا الغذائية. ولكن بمجرد أن وصلت إلى نيودلهي، لاستكمال دراستي العملية في مجال الهندسة، قررت التحول إلى نباتية وبعد الحصول على دورة تدريبية سريعة في طهي الأطعمة الهندية النباتية، أشعر بمزيد من الروحانية والصحة».
من جهة أخرى، هناك بعض من تحولوا إلى النظام الغذائي النباتي لأسباب صحية.
من المثير للاهتمام التعرف على قصة التحاق نور زيلان مؤيد بدراسة منظومة أيوفيدا الطبية الهندية. يقول نور: «منذ عامين كان شقيقي الأكبر يعاني من قرح بالمعدة والتهابات في الأمعاء (وهو مرض وراثي في العائلة)، والتي لم يتعاف منها رغم تلقيه العلاج في أفضل المستشفيات. وفي ملاذ أخير، وصل إلى مستشفى يطبق نظام أيوفيدا في ولاية كيرالا في جنوب الهند، وبعد اتباعه لنظام غذائي نباتي تماما وعقاقير أيورفيدية تعافى أخيرا ومنذ ذلك الحين تحولت عائلتنا إلى الغذاء النباتي. وبعد الانتهاء من دراستي بالمدرسة في بلادي، بدأت في دراسة طب الأيورفيدا حتى أعمل في هذا المجال».
وتقول أماني رمضان، الطالبة الوافدة من مصر، التي تدرس في إحدى كليات الفنون الشهيرة إنها تحولت أيضا إلى الغذاء النباتي، مشيرة إلى أنها قبل زيارتها إلى الهند لم تتناول مطلقا القرع المر، ولكنها أصبحت من أكبر محبي هذا النوع من الخضراوات. وأضافت: «ساعدني هذا الطعام على تجنب الإصابة بمرض السكري في مراحله الأولى. وقد جعلت والدتي تتحدث مع إحدى صديقاتي الهنديات التي تعلم طهي القرع المر، حتى تتعلم منها كيفية إضافته إلى الأطعمة التي تعدها لأسرتي مرتين أسبوعيا على الأقل حيث إن مرض السكري المزمن وراثي في عائلتي».



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.