صعد الحوثيون في اليمن من اعتداءاتهم على المؤسسات الرسمية ومنازل الخصوم السياسيين، في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي من قراراته في التعيينات، مقابل تحركات الحوثيين وتعييناتهم لمسؤولين خلافا لقرارات الرئيس هادي.
واستولى الحوثيون، أمس، على هيئة الطيران ورفضوا قرار تعيين بديل لرئيس الهيئة، حامد فرج، كما قاموا باعتقال وكيل الجهاز المركزي للأمن السياسي (المخابرات)، لشؤون الأمن الداخلي، اللواء يحيى المراني، إضافة إلى تفجيرهم منزل الشيخ أحمد مرشد فازع المراني، في منطقة أرحب.
واعتبر مصدر في الحكومة اليمنية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تصرفات الحوثيين واستيلائهم على المؤسسات الرسمية يعد «انقلابا على السلطة الشرعية للرئيس هادي والحكومة اليمنية، بصورة كاملة»، وحذر المصدر من «مغبة الاستمرار في الاستيلاء على المؤسسات»، ومن «تحرك شعبي رافض لمثل هذه التصرفات»، وقال المصدر إن «اتفاق السلم والشراكة بات في حكم المنتهي بسبب تصرفات الجماعات الحوثية التي تسعى إلى السيطرة الكاملة على الدولة اليمنية».
في هذه الأثناء، بات معظم المسؤولين اليمنيين محاصرين في منازلهم بسبب تحركات ميليشيا الحوثي والتهديدات التي طالت، أيضا، الصحافيين ووسائل الإعلام التي باتت تحت سيطرتهم.
وكان الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وشركات الطيران والمطار، وقاموا أمس بمداهمة عدد من شركات النفط الأميركية واليمنية، إضافة إلى وزارتي الدفاع والداخلية وغيرهما من الوزارات والجامعات والمعاهد. وفي محافظة حجة ترأس مندوب عبد الملك الحوثي اللجنة الأمنية بعد تكليفه من قبل المحافظ، ويسير الحوثيون معظم أمور وشؤون الدولة اليمنية، بعد استيلائهم على البنك المركزي والتمويل الحكومي، بصورة تامة.
ووقع الحوثيون والأطراف السياسية اليمنية في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي اتفاقا للسلم والشراكة، بعد اقتحامهم العاصمة صنعاء وبقية محافظات شمال اليمن، وكان برعاية الأمم المتحدة.
إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن المفاوضات التي جرت الأسابيع الماضية بين الحوثيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي (السني)، توقفت بعد تعثرها «بسبب تعنت الحوثيين (أنصار الله) ورفضهم للتهدئة». وقال مصدر سياسي يمني إن «الحوثيين يحاولون جر حزب الإصلاح إلى مواجهة مسلحة، كما هي الحال مع تنظيم (أنصار الشريعة)، التابع لتنظيم القاعدة، الذي تدور بينه وبين الحوثيين مواجهات (حامية الوطيس) في رداع بمحافظة البيضاء وأرحب بشمال صنعاء»، حسب زعم الحوثيين.
من ناحية ثانية، أدى 3 محافظين يمنيين اليمين الدستورية أمام الرئيس هادي بصنعاء، وهم محافظو عدن، والحديدة، وحضرموت، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن هادي قوله إن «التحديات والصعوبات تواجه اليمن على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية ومكافحة الإرهاب.. إننا نعمل جاهدين مع كل القوى الخيرة في الوطن من أجل تجاوز التحديات والخروج باليمن إلى مرافئ الأمن والأمان والاستقرار».
وأضاف هادي: «السنوات الماضية ومنذ تسلمنا السلطة كانت مليئة بالتحديات المختلفة، وقد بذلنا جهودا مضاعفة بدعم أبناء اليمن وكل الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي للسير في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل وصولا إلى اتفاق السلم والشراكة الوطنية لتجنيب البلد مآلات لا تحمد عقباها»، وأشار الرئيس اليمني إلى أن «لجنة صياغة الدستور تضع اللمسات الأخيرة على مشروع الدستور الجديد لليمن الاتحادي المبني على العدالة والمساواة والشراكة في السلطة والثروة»، وأكد أن «تجربة الأقاليم لا تعني التجزئة للبلاد بقدر ما هي توزيع عادل للسلطة والثروة وإعطاء الصلاحيات الكاملة للأقاليم بعيدا عن المركزية المفرطة التي كانت أحد أهم عوائق التنمية».
وكانت الحكومة اليمنية أعلنت إحالة نحو 20 ألفا من موظفي القطاع الحكومي المدني إلى التقاعد دون توظيف آخرين محلهم في خطوة تهدف إلى توفير مليارات الريالات للخزينة العامة الفارغة.
وقال أحمد الشامي وزير الخدمة المدنية في مؤتمر صحافي أول من أمس عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة إن القرار قضى بإحالة من بلغوا الأجلين القانونيين في القطاع المدني إلى التقاعد. وأشار إلى أن القانون ينص على التقاعد بعد الخدمة في الوظيفة لمدة 35 عاما أو بلوغ سن الستين. وأضاف الشامي أن الحكومة لن توظف آخرين بدلا من المتقاعدين ضمن ما يعرف بنظام الإحلال.
وذكر أن القرار سيتم تنفيذه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة وأنه سيوفر نحو 10 مليارات ريال سنويا.
وقال الوزير إن هناك حزمة من الإصلاحات الاقتصادية منها القضاء على الازدواج الوظيفي، الذي قال إن الحكومة تسعى للقضاء عليه، وإنها ستنتهي من تحديد هوية أصحاب الوظائف المزدوجة خلال مدة أقصاها 5 أشهر.
وأظهرت إحصاءات رسمية أن عدد موظفي القطاعين العام المدني والعسكري في اليمن ارتفع من 436 ألفا و351 موظفا عام 2000 إلى أكثر من مليون ومائتي ألف في نهاية عام 2013، موزعين على 1450 دائرة ومؤسسة حكومية.
ويعاني اليمن من ترهل إداري ضار ومشكلة ازدواج وظيفي عميقة، حيث تم إغراق الجهاز الإداري بشقيه المدني والعسكري بأعداد غفيرة من الموظفين والمجندين وأغلبها أسماء وهمية وليس لهم وجود في الجانب العملي.
وتعكف الحكومة اليمنية منذ عام 2006 تحت ضغط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على تنفيذ نظام البطاقة الوظيفية الممغنطة في القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية بهدف القضاء على الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية.
ويؤكد تقرير رسمي نشر في الآونة الأخيرة أن تحديث نظام البصمة والصورة الحيوي يمكن أن يوفر على الموازنة العامة أكثر من 200 مليون دولار سنويا من تكلفة الرواتب والأجور.
وأشار التقرير إلى أن سعة النظام الحالي للبصمة والصورة وعمره 8 سنوات، غير كافية للتعامل مع حجم القوى العاملة بالقطاع العام التي تبلغ نحو 1.2 مليون موظف؛ إذ صمم لتسجيل 500 ألف موظف فقط.
ويعد نظام البصمة والصورة في الخدمة المدنية أحد أبرز الإصلاحات الاقتصادية ذات الأولوية وعددها 13 إصلاحا ضمن الإطار المشترك للمسؤوليات المتبادلة بين اليمن والمانحين.
ويواجه البلد ضغوطا وصعوبات مالية واقتصادية غير مسبوقة بعدما جمدت السعودية معظم مساعداتها. وكان الاقتصاد انكمش بنسبة 7.12 في المائة خلال 2011 حين عصفت الاضطرابات بالبلاد إثر انتفاضة شعبية.
وقالت حكومة اليمن في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي إن الاقتصاد والموازنة العامة تكبدا خسائر تقارب 1.482 تريليون ريال (6.9 مليار دولار) جراء التخريب المتكرر لخطوط نقل النفط والغاز وشبكات الكهرباء بين عامي 2012 و2014.
ويعاني اليمن من ضغوط مالية بسبب التفجيرات المتكررة لخطوط أنابيب النقل التي غالبا ما ينفذها رجال قبائل على خلاف مع الحكومة المركزية، وهو ما يسبب نقص الوقود ويقلص إيرادات التصدير.
وتشكل صادرات الخام ما يصل إلى 70 في المائة من إيرادات الميزانية التي تضررت كثيرا جراء هبوط أسعار النفط والهجمات المتكررة على أنابيب نقله.
مصدر يمني لـ «الشرق الأوسط»: {اتفاق السلم والشراكة} مع الحوثيين بات في حكم المنتهي
بعد اعتقال مسلحي الحركة وكيل الأمن السياسي والسيطرة على هيئة الطيران
مصدر يمني لـ «الشرق الأوسط»: {اتفاق السلم والشراكة} مع الحوثيين بات في حكم المنتهي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة