السبسي يحذر من «مخاطر داخلية» في تونس.. وممتن لأصوات النساء

المرزوقي يدعو إلى الهدوء إثر احتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية

السبسي أثناء حديث إلى الصحافيين في تونس أمس (أ.ب)
السبسي أثناء حديث إلى الصحافيين في تونس أمس (أ.ب)
TT

السبسي يحذر من «مخاطر داخلية» في تونس.. وممتن لأصوات النساء

السبسي أثناء حديث إلى الصحافيين في تونس أمس (أ.ب)
السبسي أثناء حديث إلى الصحافيين في تونس أمس (أ.ب)

حذر المرشح الفائز في انتخابات الرئاسة التونسية الباجي قايد السبسي أمس مما سماها «مخاطر في الداخل» تهدد الدولة، وأعلن من ناحية أخرى عزمه التنحي عن رئاسة حزب «نداء تونس» خلال يومين. وجاء هذا فيما دعا الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي أمس إلى «التهدئة» بعد تسجيل أعمال عنف احتجاجية على نتائج الانتخابات.
وقال السبسي في كلمة له أمس بعد يومين من إعلان فوزه في السباق الرئاسي حسب النتائج الأولية لهيئة الانتخابات إن «هناك مؤسسات منذ البداية أرادت تعطيل المسار الديمقراطي والانتخابي لكنها لم تفلح». ولم يوضح السبسي الجهات التي تشكل تهديدا، لكنه أشار في كلمته أمام عدد من قياديي حزبه والسياسيين المساندين لحملته الانتخابية إلى أن «هناك تهديدا آخر من الداخل، وهو تهديد أخطر وأدهى وأمر، ولا بد أن نبقى في حالة يقظة». وأضاف: «إذا نجحت هذه المحاولات سيذهب كل ما فعلناه أدراج الرياح».
وأحد أبرز الملفات التي ستنكب عليها الحكومة المقبلة هو الاستمرار في مكافحة الإرهاب خاصة في المرتفعات والجبال غرب البلاد إلى جانب ملاحقة العناصر الإرهابية المتمركزة في جبل الشعانبي. وأفاد السبسي في كلمته أيضا بأنه سيغادر منصب رئيس حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية ويستعد لتشكيل الحكومة المقبلة خلال يومين، ودعا قياديي حزبه ومسانديه من السياسيين إلى التفكير في المرحلة المقبلة. وبخصوص طبيعة الحكم في المرحلة المقبلة، أكد السبسي أن حزب نداء تونس لن يحكم لوحده حتى لو تحصل على الأغلبية المطلقة لأن هذا ليس في مصلحة البلاد. وأوضح «ما حققناه لا رجوع فيه، لنا ضوابط لاحترام الدستور نصا وروحا واستكمال المؤسسات واحترام إرادة الشعب».
وأبدى السبسي من ناحية أخرى امتنانه لأصوات النساء اللاتي صوتن له بكثافة. ومن بين أكثر من مليون و700 ألف صوت تحصل عليها السبسي في الدور الثاني من السباق الرئاسي أوضحت الأرقام أن أكثر من 61 في المائة من الأصوات جاءت من النساء. وفي المقابل تحصل المرزوقي على أكثر من مليون و300 ألف صوت من بينها 39 في المائة جاءت من النساء.
وقال السبسي في كلمته أمس «أوجه تحية للمرأة التونسية لأني لن أنسى أن خلال هذه المبارزة السلمية المرأة صوتت لي بمليون صوت». وأضاف السبسي «من الوفاء أن نذكر الحبيب بورقيبة الذي راهن على المرأة. حتى أكون أمينا كنت إلى جانبه عندما قرر أن يمضي قدما في مشروع مجلة الأحوال الشخصية». وينظر إلى الراحل الحبيب بورقيبة باني دولة الاستقلال الذي حكم تونس بين عامي 1957 و1987 كمحرر للمرأة التونسية عبر التشريعات التي تضمنها قانون الأحوال الشخصية.
في المقابل، دعا المرزوقي أمس إلى «التهدئة» خصوصا في جنوب البلاد حيث تشهد بعض القرى أعمال عنف احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية. وقال المرزوقي في خطاب توجه به إلى التونسيين «مرة أخرى، أتوجه إليكم جميعا بخصوص الأحداث الجارية الآن التي لها علاقة بنتائج الانتخابات. بقدر ما أتفهم مشاعر البعض، غضبهم أو أنهم لم يجدوا النتائج التي يريدونها، بقدر ما لا أقبل ولا أفهم أن تكون هذه الاحتجاجات عنيفة وأن تؤدي إلى حرق مقرات دولة أو أحزاب أو لا قدر الله تهديد حياة المواطنين. هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا». وأضاف: «أود أن أدين كل ما له علاقة بالعنف. أنا تلميذ (نيلسون) مانديلا و(المهاتما) غاندي ولا يمكن أن أقبل بالعنف وسيلة للتعبير عن المشاعر السياسية. (اتبعوا) الطرق السلمية» للتعبير.
وقال محمد علي العروي الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إن محتجين أحرقوا مركز الحرس الوطني (الدرك) والمعتمدية في منطقة سوق الأحد من ولاية قبلي (جنوب). وأوضح أن قوات الأمن استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وذكر أن عددا من عناصر الأمن أصيبوا خلال المواجهات مع المحتجين.
وأضاف المرزوقي في خطابه «أريد أن أتوجه إلى أهلي في الجنوب وخاصة ولاية قبلي التي أنا منها لأقول لهم: طلبي الملح لكم أن توقفوا كل الاحتجاجات محبة في تونس قبل أن يكون محبة في، محبة في تونس وفي الولاية».
وفي سيدي بوزيد (وسط غرب) أحرق محتجون الليلة قبل الماضية 3 مكاتب بمبنى تابع لوزارة الزراعة، وأغلقوا بعجلات مطاطية محترقة طريقا تقع أمام مكتب «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، قبل أن يعود الهدوء صباح أمس إلى المدينة.
ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات، شهدت بعض قرى الجنوب التونسي احتجاجات وأعمال عنف. وقد أحرق محتجون مركزي الشرطة والحرس وحاولوا اقتحام مديرية الأمن الوطني في الحامة التابعة لولاية قابس (جنوب) التي شهدت أعمال عنف الأحد والاثنين، وفق وزارة الداخلية. وسجلت احتجاجات أيضا في القصرين (وسط غربي) والقيروان (وسط) وتطاوين (جنوب). يذكر أن هيئة الانتخابات كانت أفادت بأنها ستعلن النتائج النهائية للدور الثاني للرئاسية التي أفرزت فوز السبسي بنسبة 55.68 في المائة من الأصوات مقابل 44.32 في المائة لمنافسه المرزوقي، غدا، في حال لم يتقدم المرزوقي بطعون ضد النتائج الأولية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».