نصف مليون شخص مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا

قوات الاحتياط بين المطلوبين.. والتمنع يشمل جميع الطوائف بينهم العلويون

نصف مليون شخص مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا
TT

نصف مليون شخص مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا

نصف مليون شخص مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا

ألفا دولار، هي التكلفة التي دفعها عبد الرحمن (21 عاما) للخروج من سوريا عبر طرق التهريب إلى لبنان، هربا من الخدمة العسكرية الإلزامية، قبل عام. اتخذ قراره بعدم تأدية الخدمة العسكرية في صفوف القوات الحكومية. «لا أريد أن يكون موتي عبثيا»، يقول عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، كما يرفض في الوقت نفسه أن يقاتل في صفوف أي جهة أخرى. «هذه الحرب ليست حربنا.. ولا طائل منها، فاتخذت عائلتي قرارا بتهريبي من البلاد كي أنجو من الخدمة، بعد أن انعدمت سبل التهرب منها».
وعبد الرحمن، الذي يتحدر من إحدى بلدات ريف حمص، واحد من نصف مليون شاب سوري، وردت أسماؤهم في قوائم أعدتها شعبة التجنيد العسكري في القوات الحكومية السورية، لإلزام شبان للالتحاق بالقطع العسكرية، بحسب ما كشفته «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، في تقرير أصدرته أمس، مشيرة إلى أن معظم هؤلاء يتحدرون من محافظات حماة، ودمشق، واللاذقية، وطرطوس.
ونقلت الشبكة عن شبان زاروا مراكز التجنيد، واطلعوا على تلك القوائم، قولهم: إن «أعمار المطلوبين تتراوح بين 18 و35 عاما». كما لفتت إلى أن «السلطات السورية لم تصدر أي قرار رسمي بكل ذلك، لكنها وزعت تلك القوائم، وبدأت بعمليات الدهم والاقتحام ثم الاعتقال في الكثير من المحافظات، مما يشير إلى منهجية وسياسة تطبيق مركزية». وأشارت إلى «عمليات دهم وخطف واعتقال، تركزت في مدينة حماة ودمشق وجبلة واللاذقية، إضافة إلى الحواجز العسكرية التي اعتقلت عشرات الشباب الذين لا يحملون وثيقة تثبت تأجيلهم من الخدمة العسكرية».
وتضاربت المعلومات حول تاريخ القرار الصادر عن المديرية العامة للتجنيد. فبينما ذكرت مصادر في المعارضة إن «القرار صدر في شهر سبتمبر (أيلول) الفائت»، قالت مصادر أخرى إن القرار صدر يوم السبت الماضي، والذي تمنع بموجبه السفر لمن لم يحصل على موافقتها، وأبلغت القرار إلى كل أفرع الهجرة والجوازات.
وتناقل ناشطون ما سموه «البلاغ الفوري المرسل إلى كل أفرع الهجرة والجوازات في سوريا»، وقالوا إن «وزارة الدفاع طلبت فيه بتاريخ 16 / 12 / 2014 عدم السماح لمن أنهى الخدمة الإلزامية بالسفر وهو جاهز للاحتياط إلا بعد حصوله على موافقة شعبة تجنيده». وأضافوا أن «مديرية التربية في حلب أصدرت قرارا يبدأ تنفيذه بداية العام المقبل، ويقضي بضرورة استخراج الموظفين بيان وضع عن الخدمة الإلزامية وإلا سوف يتم توقيف الراتب».
لكن مصادر في المعارضة، قالت: إن «القرار صادر في السابق ويتجدد كل فترة»، مشيرة إلى أن السلطات تجدد تأكيدها على تنفيذه كل 3 أشهر.
وكانت السلطات السورية، في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي، منعت الشباب السوريين ممن تتراوح أعمارهم بين (18 - 42) عاما من السفر خارج البلاد إلا بموافقة شعبة التجنيد، مستثنية أولئك الذين استطاعوا دفع البدل النقدي، أو من كان لديه إعفاء من الخدمة، وذلك تفعيلا لقرار صدر في وقت سابق، عبر المرسوم التشريعي رقم 104 لعام 2011، الخاص بالتعبئة العامة، والذي صدر بعد بدايات الثورة، وأعطى السلطات التنفيذية الحق في منع السوريين من السفر. كما عمم القرار على فرع الهجرة والجوازات في المطارات والمنافذ الحدودية.
وأكد عضو المجلس الوطني السوري أنس عيروط الذي يتحدر من طرطوس، أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد جدد مطلع هذا الشهر قراره بمنع السفر عن المطلوبين، إلا بعد أخذ موافقة شعبة التجنيد، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن القرار يشمل المطلوبين للخدمة الإلزامية، وآخرين مطلوبين للاحتياط، وهم ممن أدوا الخدمة في وقت سابق. وقال إن «القرار يأتي على ضوء الإرهاق الكبير الذي تعاني منه القوات النظامية، وحاجتها لأعداد كبيرة من الجنود بعد الخسائر التي منيت بها منذ شهر يونيو (حزيران) الفائت».
ولا يرى عيروط أن الرقم الذي كشفت عنه، والبالغ نصف مليون مطلوب، «مبالغا فيه»، قائلا إن «قوائم المطلوبين تتضمن أسماء أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و42 عاما، ويصل عدد هؤلاء إلى ما يقارب هذا الرقم»، مشيرا إلى أن الإجراءات «بدأت تطبق بالفعل».
واعتبر عيروط أن استدعاء هذا العدد إلى الخدمة الإلزامية، «دليل على انهيار النظام، وانغلاق أبواب انضمام السوريين إلى صفوف قواته، وبينهم العلويون، بعدما قتل عدد كبير منهم في معارك كثيرة»، مشيرا إلى أن هذه الورقة هي الأخيرة التي يلعبها، ويحاول الإثبات بأنه صامد، مشددا على أن التمنع «يشمل جميع الطوائف السورية، بينهم أبناء منطقة الساحل».
ويعيش السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام هاجس اقتيادهم إلى التجنيد الإجباري واستدعاء الاحتياط، حيث يقتادون إلى التجنيد بعد توقيفهم على الحواجز العسكرية، أو عبر مداهمات للمنازل. ويقول ناشطون في العاصمة إن «السوريين يسعون إلى تسفير أبنائهم خارج البلاد للنجاة من الخدمة الإلزامية خوفا على حياتهم حيث سيزج بهم في أتون معركة لا يعلم متى ستنتهي، ناهيك بالابتزاز المالي الذي يتعرضون للتوسط لدى أزلام النظام لإرسال أبنائهم إلى مناطق هادئة نسبيا، أو لتأجيل سوقهم».
ويشترط القرار بمنع أي شاب سوري من السفر خارج البلاد قبل حصوله على وثيقة «بيان وضع» تثبت بأنهم غير مطلوبين للخدمة الاحتياطية، وهي صادرة عن شعبة تجنيده وتسديد رسومها البالغة 300 دولار أو ما يعادلها بالليرة السورية، للمصرف الحكومي. ويشمل القرار أيضا الذكر الوحيد لعائلته والذي هو أساسا مستثنى من الخدمة الإلزامية، حيث يتوجب عليه الحصول على الوثيقة مع إعفائه من دفع الرسوم.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».