نشاط استخباراتي إقليمي ـ غربي لمواجهة «داعش» يُثمر توقيف رؤوس إرهابية كبيرة

تقارير سورية ضخمة تصل إلى واشنطن عبر الحكومة العراقية.. وحزب الله خارج المعادلة

عقدت لجنة العلاقات الخارجية في البيت الأبيض الأسبوع الماضي جلسة استماع حول المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا والمخاطر المحتملة منهم (أ.ف.ب)
عقدت لجنة العلاقات الخارجية في البيت الأبيض الأسبوع الماضي جلسة استماع حول المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا والمخاطر المحتملة منهم (أ.ف.ب)
TT

نشاط استخباراتي إقليمي ـ غربي لمواجهة «داعش» يُثمر توقيف رؤوس إرهابية كبيرة

عقدت لجنة العلاقات الخارجية في البيت الأبيض الأسبوع الماضي جلسة استماع حول المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا والمخاطر المحتملة منهم (أ.ف.ب)
عقدت لجنة العلاقات الخارجية في البيت الأبيض الأسبوع الماضي جلسة استماع حول المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا والمخاطر المحتملة منهم (أ.ف.ب)

نشط في الفترة الأخيرة، وخصوصا بعد قيام التحالف الإقليمي - الدولي لمواجهة «داعش» التعاون بين أجهزة الاستخبارات الإقليمية والغربية، بمسعى لتبادل معلومات أمنية أدت في كثير من الأحيان لتوقيف عدد من الرؤوس الإرهابية الكبيرة.
ولا يقتصر هذا التعاون على الدول الحليفة والصديقة، بل يتخطاه ليصل لتنسيق استخباراتي بين دول متخاصمة ومتواجهة يندرج بإطار التقاء المصالح. ويرى المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما)» رياض قهوجي، أنه من الطبيعي أن تنشط الحركة الاستخباراتية، خصوصا بين دول هي في مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع «داعش»، متحدثا عن تنسيق القوى الدولية مع المخابرات التركية والأردنية والعراقية، واللبنانية، «باعتبار أن لبنان أحد دول المواجهة مع (داعش)».
وأوضح قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العمل الاستخباراتي «يعتمد على مبدأ الأخذ والعطاء، فإذا أعطت الولايات المتحدة الأميركية الأجهزة اللبنانية المعنية معلومات معينة، ستكون بانتظار أن يرد لها لبنان الخدمة بمعلومات تخدمها في وقت لاحق». وأضاف: «يتفوق لبنان من حيث العنصر الاستخباراتي البشري، إلا أنه بحاجة لمنظومات إلكترونية متطورة ترصد الاتصالات والتحركات، تمتلكها القوى الإقليمية والدولية، وقد يكون من المفيد لو تم مد لبنان بها من خلال برامج المساعدات العسكرية التي وقعها مع فرنسا وغيرها بإطار هبة الـ3 مليار السعودية».
وقد برز التعاون الاستخباراتي اللبناني - الغربي قبل عام تقريبا مع توقيف قائد «كتائب عبد الله عزام» ماجد الماجد، بتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، وبعده مباشرة مع إلقاء القبض على أحد مساعديه، وهو الفلسطيني نعيم عباس، أحد قادة كتائب «عبد الله عزام»، والمتهم بكونه «نقطة الوصل» بين عشرات من مجموعات إرهابية أنشأها تنظيم القاعدة ومتفرعاته في لبنان وسوريا، وتعمل على تجنيد انتحاريين وإدخال سيارات مفخخة إلى لبنان.
وأخيرا ترددت معلومات عن تعاون استخباراتي غربي لبناني أدى لتوقيف العراقية سجى حميد الدليمي، الزوجة السابقة لزعيم «داعش» أبي بكر البغدادي. وشدد قهوجي على أن «العمل الاستخباراتي يختلف كليا عن العمل السياسي، فأجهزة الاستخبارات تمتلك قدرة أكبر على التواصل مع الخصوم»، وقال: «عندما تقرر دولة معينة أن توصل رسالة إلى أخرى معادية، تبحث عن دولة تلعب دور الوسيط أو تعتمد على جهاز استخباراتها».
ولا يستبعد قهوجي وجود «نوع من التواصل غير المعلن» بين الاستخبارات الإيرانية، (وتلقائيا حزب الله)، والاستخبارات الأميركية والغربية بما يتعلق بموضوع «داعش» والمجموعات التابعة لـ«القاعدة».
بالمقابل، ينفي الخبير العسكري والاستراتيجي المقرب من حزب الله، أمين حطيط، إمكانية تنسيق الحزب مع أميركا بالموضوع الاستخباراتي، نفيا قاطعا، لافتا إلى أن «التعاون بينهما مختوم بالشمع الأحمر».
ويشير حطيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لبنان حاليا ليس جزءا من التحالف الدولي - الإقليمي لمواجهة «داعش» كما أنه بالوقت عينه ليس ضده، وأضاف: «هو يسير في منطقة رمادية، بما يعطيه هامش تحرك وفرصة للاتصال والاستماع، ولا شك هو متعاون معه».
وأوضح حطيط أن «كل الدول الأعضاء في التحالف كما تلك التي خارج هذا التحالف، تعي تماما حساسية موقف لبنان وبالتالي تتفهم الخطوات التي يتخذها، علما أن ما يهم أميركا حاليا هو الحفاظ على استقرار لبنان وأن لا ينهار الوضع فيه، أما ما هو خارج هذا العنوان فهي لا تجد نفسها معنية به». وشدد حطيط على أن «عالم المخابرات هو عالم المواجهة والتعاون في آن، وبالتالي أية علاقة ممكن أن تنشأ في هذا العالم، حتى ولو كانت عدائية على المستوى السياسي». وهو ما يفسر المعلومات التي ذكرها «معهد ستراتفور» الأميركي، المقرب من الاستخبارات الأميركية، أخيرا، حين تحدث عن أن السلطات السورية تقدم الكثير من المعلومات الاستخباراتية، عبر الحكومة العراقية، إلى الولايات المتحدة، حول مواقع تنظيم «داعش» و«مجموعة خراسان»، التابعة لتنظيم «القاعدة».
وأشار المعهد إلى أنه تلقى معلومات عن «تقارير استخباراتية سورية ضخمة تصل إلى واشنطن عبر الحكومة العراقية»، لافتا إلى أن «السوريين يقدمون إلى الأميركيين معلومات حول مخازن سلاح (داعش)، ومراكز التدريب ومقار القيادة في محافظات حلب ودير الزور والرقة. كما أن الاستخبارات السورية تقدم معلومات حول مجموعة خراسان، التي استهدفتها الغارات الجوية الأميركية. وتعتبر المجموعة فرعا من تنظيم القاعدة، وحليفا رئيسيا لجبهة النصرة».
وكشف التقرير الأميركي الذي صدر نهاية الشهر الماضي عن أن «المسؤولين العراقيين يحاولون إقناع الولايات المتحدة بالمشاركة في لقاءات استخبارية، تتضمن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية والعراقية والسورية، وهو اقتراح رفضته الولايات المتحدة حتى الآن».
واعتبر المعهد أنه «يمكن لبغداد أن تلعب دورا مسهلا بسبب علاقاتها بإيران والولايات المتحدة، كما أنها مهددة من قبل التنظيم»، متوقعا أن «تبقى الإدارة الأميركية على مسافة من الموضوع وتدير مثل هذا التنسيق الاستخباري بهدوء، فتقوم أيضا بتوظيف قدراتها في جمع المعلومات الاستخباراتية لمراقبة تنظيم (داعش) والتحقق من أي معلومة تتلقاها من مصادر بديلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.