السياسة هي سبب اجتياح العنف العالم الإسلامي

كارين آرمسترونغ تلاحق في «حقول الدم» التطرف وحصاد الكراهية

كارين أرمسترونغ .. وفي الإطار غلاف «حقول الدم»
كارين أرمسترونغ .. وفي الإطار غلاف «حقول الدم»
TT

السياسة هي سبب اجتياح العنف العالم الإسلامي

كارين أرمسترونغ .. وفي الإطار غلاف «حقول الدم»
كارين أرمسترونغ .. وفي الإطار غلاف «حقول الدم»

أصدرت كارين آرمسترونغ، التي تعد واحدة من أهم من كتبوا، في الغرب، عن الأديان والروحانيات، وخاصة الإسلام، كتابا جديدا بعنوان «فيلدز أُف بْلَد» (حقول الدم). وآرمسترونغ، كاثوليكية تركت الدير، ثم الكاثوليكية، ثم الأديان، قبل أن تعود إلى ما تسميه «ميستيسزم» (الغيبيات).
بهذا الكتاب تكون كارين قد وضعت مؤلفها الـ20، وكانت قد نشرت قبل ذلك: «تاريخ الله» (تاريخ الأديان) و«الإسلام: تاريخ مختصر»، و«محمد: حياة رسول»، و«الحرب من أجل الله» (المتطرفون في اليهودية والمسيحية والإسلام)، و«المسيحي الأول: أثر القديس بطرس على المسيحية»، و«الإنجيل في رأي امرأة: حرب الجنسين المسيحية في الغرب»، و«الحروب الصليبية وأثرها في عالم اليوم»، و«الغيبيون البريطانيون في القرن الرابع عشر»، و«القدس: مدينة واحدة و3 أديان»، و«بوذا»، و«العقيدة بعد هجمات11 سبتمبر».
من أهم فصول الكتاب الجديد، بداية العنف: رعاة ومزارعون. الهند: الطريق النبيل. الصين: رجال ومحاربون. المعضلة اليهودية. المسيح: هذا العالم. البيزنطيون: كارثة إمبراطورية. المعضلة الإسلامية. الحروب الصليبية والجهاد. العصر الحديث: تقدم العلمانية. الدين يرد. الإرهاب المقدس. الجهاد العالمي.
وكعادتها عندما تكتب في موضوع معيّن، تبدأ آرمسترونغ بخلفية تاريخية عميقة. في كتابها الجديد، بدأت بالعنف، عنف ما قبل التاريخ: عنف الرعاة، وعنف المزارعين. لكنها، ركّزت على العنف المرتبط بالأديان تحديدا، وتمهد للحديث عن العنف المعاصر المستند إلى خلفيات دينية.
لهذا، يمكن اعتبار نهاية الكتاب هي أهم ما جاء فيه، وخلاصتها: انتصرت العلمانية، ثم تراجعت الأديان، ثم عادت الأديان لتواجه العلمانية، وعاد بعضها غاضبا (عنيفا).
تكسر آرمسترونغ، التركيز التقليدي على عنف «الجاديين» الإسلاميين، وعنف المسيحيين (الحروب الصليبية). وتفصّل عنف الهندوس والبوذيين والكونفشيوسيين، وكذلك اليهود. ذلك أن تاريخ اليهود مليء بالعنف، ومفصّل في كتبهم المقدسة.
في البدء، كان العنف بدائيا. كان نزاعا على الأرض، والماء، والممتلكات، والنساء. ثم صار دينيا. وعلى العكس من فلسفات اليوم (خاصة الغربية)، لم يكن الدين في الماضي، مسألة منفصلة وشخصية. فقد ساد جميع جوانب المجتمع. وظل العنف لقرون، خليطا من بدائية ودين: عدوان زراعي، أو رعوي، وغضب آلهة أو فرحها، وهزيمة محارب أو انتصاره. وصارت الانتصارات احتفالات مقدسة، والهزائم حزن مقدس، حتى الانتقام. واستمر ذلك جيلا بعد جيل، وعلى مدى قرون من الزمن.
وفي عصر الأديان السماوية، كما تسرد آرمسترونغ، صارت الدعوة إلى السلام والعدل سببا، أو هدفا، أو عذرا لعنف باسم الدين، لكنه، في الحقيقة، يخالف تعاليم ذلك الدين.
لهذا، تخلص آرمسترونغ، إلى موضوع الكتاب: ليس الدين هو سبب العنف، بل أتباع الدين هم السبب، ولكن (وهنا تثير غضب الكثير ممن ينتقدونها) ليس بسبب الإيمان بالدين.
وتجادل، كثيرا وبالتفصيل، في معنى كلمات، مثل: «إيمان»، و«عقيدة». وتجادل، أيضا، في تأثير السياسة والسياسيين، أولا: علم السياسة (الوصول إلى الحكم)، ثانيا: أخلاق السياسيين (مناورات، ومؤامرات)،
ثالثا: خلط الدين بالسياسة («الله معنا»).
وتنتقد آرمسترونغ خلط الدين بالسياسة (بسبب نفاق السياسيين)، لكنها، في الوقت نفسه، تؤيد خلط الدين بالسياسة (بسبب الهدف الأساسي من الأديان: تأسيس مجتمع عادل).
وفي هذا، تسهب الكاتبة في الحديث عن الهدف الأساسي من رسالة المسيح، وتقول، إنها «سياسية بقدر ما هي روحية»، ألم يدع إلى مجتمع عادل؟ ألم يثر ضد فساد وعنف الإمبراطورية الرومانية؟ ألم ينتقد أصحاب الامتيازات؟ ألم يدع إلى العطف على المشردين والفقراء؟ ألم يدع إلى التضحية، مالا، ووقتا؟
وتلاحظ آرمسترونغ، أن بعض الفلاسفة الغربيين يسمون هذا «مسيحية متطرفة»، وتقول الشيء نفسه تقريبا، عن أنبياء المسلمين واليهود، وعن إله الهندوس، وأتباع بوذا، وغيرهم. وتدعو إلى تعريف واضح لكلمة «تطرف» في المحتوى الديني. وتقول: «يبدو أن التطرف هو فقط ما لا يريد غير المتطرف».
وتصل، في الفصول الأخيرة من الكتاب، إلى العنف الذي طال الشرق الأوسط خلال نصف القرن الماضي، وخاصة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، وتقول: «ليس الدين ولكن السياسة، هي سبب العنف الذي يجتاح العالم الإسلامي اليوم».
قبل أن يجف حبر طباعة الكتاب، وجد ناقدو آرمسترونغ فرصة جديدة لنقدها. ولم يكن ذلك نقدهم الأول:
انتقدوا، أولا، تركيزها على الدين (بداية بكتاب «تاريخ الله»)، وتجاهلها نظريات تاريخية، واستراتيجية (مثل: «ميزان القوى» و«الواقعية»، على طريقة هنري كيسنغر). وانتقدوها ثانيا، بصورة شخصية، خصوصا بسبب تركها الدير، ثم تركها الكاثوليكية، بل قال بعضهم إنها «كلوزيت مسلم» (مسلمة في الخفاء). وانتقدوا ثالثا، تركيزها على الإسلام، بالأحرى دفاعها عن الإسلام (وليس المسلمين). من بين هؤلاء مجموعة «نيوكون» (المحافظون الجدد. وهم خليط من يهود ومسيحيين متطرفين).
كان هؤلاء جميعهم، يتابعون الكتاب وهو في مراحل النشر، وقد امتشق المحافظون الجدد سيوف عنفهم الفكري الذي لا يقل، ربما، عن العنف الدموي في «حقول الكراهية».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.