هادي يدرس تشكيل لجنة اقتصادية ويدعو اليمنيين إلى الحفاظ على الدولة ومؤسساتها الدستورية

الحوثيون يكثفون تحالفاتهم مع قبائل مأرب النفطية تمهيدا لاجتياحها

نشطاء يمنيون ينظمون وقفة تضامنية في صنعاء أمس مع نظراء لهم مازالوا معتقلين منذ عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
نشطاء يمنيون ينظمون وقفة تضامنية في صنعاء أمس مع نظراء لهم مازالوا معتقلين منذ عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
TT

هادي يدرس تشكيل لجنة اقتصادية ويدعو اليمنيين إلى الحفاظ على الدولة ومؤسساتها الدستورية

نشطاء يمنيون ينظمون وقفة تضامنية في صنعاء أمس مع نظراء لهم مازالوا معتقلين منذ عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)
نشطاء يمنيون ينظمون وقفة تضامنية في صنعاء أمس مع نظراء لهم مازالوا معتقلين منذ عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح (أ.ف.ب)

تداخلت في اليمن الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، ففي الوقت الذي ما زال فيه شبح انهيار التسوية السياسية قائما في ظل الوضع الأمني المنفلت وانتشار جماعات متشددة في أرجاء البلاد كتنظيم القاعدة وجماعة الحوثي المتمردة التي تسيطر على معظم محافظات البلاد، والحركات الانفصالية والحقوقية في جنوب وغرب البلاد، هناك الوضع الاقتصادي المتردي والمتفاقم مع تدني الأجور وانعدام فرص العمل.
وعقد الرئيس عبد ربه منصور هادي، أمس، اجتماعا بهيئة مستشاريه من أجل مناقشة مسودة قرار تشكيل اللجنة الاقتصادية الخاصة بدراسة الوضع الاقتصادي والمالي، والمقدمة من الحكومة وقوامها والمهام المناطة بها والأسس التي تحدد زمنها وإطارها ومعايير الكفاءة المطلوبة في أعضائها والمنصوص عليها في اتفاق السلم والشراكة الموقع بين الأطراف اليمنية وبالأخص بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي. وذكرت مصادر رسمية أن الاجتماع ناقش، أيضا، مشروع قرار خاص بتشكيل لجنة مشتركة لـ«إعداد مصفوفة تنفيذية عاجلة لمخرجات الحوار الوطني خاصة بقضية صعدة ولجنة أخرى مماثلة للقضية الجنوبية والمهام المناطة بتلك اللجان والوزارات المعنية المشاركة فيها، ومقترحات بأسماء الخبراء المرشحين من قبل المكونات السياسية التي ستشارك نيابة عنها في هذه اللجان».
واعتبر الرئيس اليمني «الوضع الراهن صعبا ودقيقا ويحتاج إلى إخلاص النوايا بصورة صادقة وواضحة»، ودعا إلى «الحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها الدستورية باعتبار ذلك الضمان الأكيد لتحقيق الأمن والاستقرار والعمل وفقا لمقتضيات اتفاقية السلم والشراكة الوطنية المرتكزة على أسس ترجمة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل».
وتأتي هذه الإجراءات التي يتخذها هادي في ضوء اتفاق السلم والشراكة الموقع في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، والذي نص على تشكيل لجنة اقتصادية من مهامها أن تضع «برنامجا شاملا ومفصلا وواضحا ومزمنا للإصلاح الاقتصادي، يهدف في المقام الأول إلى تجفيف منابع الفساد في جميع القطاعات ومعالجة اختلالات الموازنة العامة وترشيد الإنفاق»، وتحدد اللجنة «الاختلالات الناتجة عن الفساد المستشري وسوء التدبير، وتقترح مع الحكومة الجديدة حلولا حول الإصلاحات الشاملة المطلوبة في قطاعي النفط والطاقة، بطريقة تحقق مطالب الشعب وتطلعاته»، حسب نص الاتفاق.
ويعاني اليمن من أوضاع اقتصادية صعبة، حيث تعتمد الموازنة العامة للدولة على إيرادات النفط، وهي محدودة، إضافة إلى المساعدات الاقتصادية من الدول المانحة. ويعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. وأعلن وزير الزراعة والري، فريد مجور، أن أكثر من نصف أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية، إضافة إلى انتشار الأوبئة والأمراض وعجز المستشفيات الحكومية عن توفير التطبيب اللازم والمجاني للمواطنين الفقراء، في حين انتشرت المشافي الخاصة التي لا يعجز معظم المواطنين عن دفع تكاليفها. كما يعاني اليمنيون مشكلة شح المياه الجوفية وبالأخص في العاصمة صنعاء والمحافظات الجبلية التي تزرع نبتة القات، حيث تشير معظم التقارير إلى أن الحوض المائي للعاصمة صنعاء على وشك أن ينضب في غضون بضع سنين جراء الاستنزاف المفرط للمياه في ري تلك الشجرة (القات)، وتقف الحكومات اليمنية المتعاقبة عاجزة عن القيام بأي إجراء تجاه زراعة القات والتوسع فيه، فهناك نسبة غير قليلة من السكان تعمل في زراعته وبيعه، ولم تستطع تلك الحكومات، حتى اللحظة، توفير البدائل الاقتصادية المناسبة للمزارعين والباعة من أجل التخلي عن الأنشطة التي يقومون بها حاليا، والتي تؤثر على مستقبل البلاد.
في غضون ذلك، تشهد محافظة مأرب، شرق البلاد، حالة من التوتر غير المسبوق بعد أنباء عن سعي الحوثيين إلى اجتياح المحافظة التي تعد أحد أكبر منابع النفط في اليمن وتوجد بها المحطات الغازية لتوليد الكهرباء. وقد تداعى عدد من القبائل ووضعت مسلحين حول المحافظة لمنع الحوثيين من الدخول إليها. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قبلية في مأرب أن هناك مساعي يقوم بها الحوثيون والرئيس السابق علي عبد الله صالح لدى رجال القبائل في مأرب من أجل التوصل إلى تسوية تسمح بتشكيل لجان شعبية مشتركة من الجانبين، القبائل والحوثيين، تتولى السيطرة على المحافظة، في الوقت الذي ترفض فيه القبائل، رفضا قاطعا، دخول الحوثيين إلى مأرب تحت أي مسمى كاللجان الشعبية أو غيرها. وحذرت المصادر من خطورة سيطرة الحوثيين على هذه المحافظة «لأنهم سيضعون أيديهم على منابع النفط وسيتحكمون بها بصورة كاملة، الأمر الذي سيجعل سلطات الدولة كافة تخضع لسيطرتهم».
وتخوض كل الأطراف السياسية والقبلية والمذهبية صراعات مختلفة في مأرب النفطية التي تخضع جارتها محافظة الجوف لسيطرة الحوثيين بصورة شبه كاملة. ونفت المصادر القبلية التوصل إلى أي اتفاق مع الحوثيين بخصوص السماح لميليشياتهم تحت مسمى اللجان الشعبية بالسيطرة على محافظة مأرب. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يعوضون قلة أنصارهم في مأرب بعقد تحالفات مع زعماء قبائل واللعب على وتر الدعم بالمال والسلاح، وفي سياق هذه المساعي اقتحم الحوثيون، أمس، منزل محافظ محافظة مأرب سلطان العرادة في صنعاء، واستقر مسلحوهم بداخله، في الوقت الذي يخوض فيه الحوثيون صراعات مسلحة في شرق ووسط وغرب البلاد وعلى أطراف المناطق الجنوبية، بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال بحجة محاربة المتشددين الإسلاميين وبحجة إسقاط الإجراءات الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة السابقة، غير أنهم استمروا في التوغل في المحافظات وبسط سيطرتهم وافتتاح مكاتب ونشر الميليشيا المسلحة في كل أنحاء البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.