في بوادر أزمة بين مجلس النواب الليبي والحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، دافع الثني أمس في جلسة طارئة عقدها المجلس بمقره المؤقت في مدينة طبرق (شرق البلاد) عن أداء حكومته، في مواجهة مطالبة بعض النواب له بتقديم استقالته من منصبه.
وقبل هذه الجلسة، تداول أعضاء في المجلس معلومات عن توافق عدد منهم، يتجاوز العشرين عضوا من المقاعد الـ200 التي تمثل إجمالي عدد أعضاء البرلمان، على إقالة الثني واختيار مرشح آخر لخلافته في رئاسة الحكومة.
واستدعى الأمر وصول الثني برفقة بعض وزرائه إلى مقر المجلس، الذي عقد أمس جلسة كرسها للاستماع للثني والوزراء حول أداء الحكومة وما أنجزته منذ نيلها ثقة المجلس حتى الآن على مختلف الأصعدة، خاصة على الصعيد الأمني.
وقال بيان للمجلس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الثني قدم تقريرا مفصلا تضمن ما اتخذته حكومته من إجراءات وقرارات تجاه الملفات المطروحة أمامها وفي مقدمتها الملف الأمني، وما تواجهه من مصاعب في تنفيذ بعض القرارات والمشاريع المكلفة إياها».
ولفت إلى أن الجلسة شملت أيضا استجواب أعضاء الحكومة حول أداء وزاراتهم كل في اختصاصه، وما يواجهونه من عراقيل ومصاعب على طريق إنجاز المهام المكلفين إياها على مختلف الأصعدة.
لكن بيان المجلس سعى إلى إعطاء انطباع بأن الثني باق في مكانه ولن يتم تغييره، مضيفا أن «أجواء من الجدية في الطرح والنقاش تسود هذه الجلسة، تؤكد روح التضامن والتفاهم بين أعضاء المجلس وأعضاء الحكومة في سعيهم من أجل وضع الحلول المناسبة لما تواجهه البلاد من مصاعب على طريق إعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار واستعادة الشرعية في بعض أجزائها التي تسيطر عليها قوى خارجة عن الشرعية».
وكان «تحالف القوى الوطنية»، الذي يرأسه الدكتور محمود جبريل، كشف النقاب عن تحركات سرية داخل البرلمان لإسقاط حكومة الثني، وقال في بيان له، إنه «رغم أن أداء هذه الحكومة دون المستوى المطلوب؛ فإنه يؤكد ضرورة المحافظة على استقرار الأجهزة الشرعية الحالية، حفاظا على تماسك البرلمان ووحدته، في وقت يشكك البعض في شرعيته، محاولين إقناع المجتمع الدولي بذلك».
واعتبر التحالف أن «وحدة التيار الوطني في مواجهة هجمة قوى التطرف تسمو فوق كل الاعتبارات الآن»، مطالبا نواب البرلمان بالتعاون مع هذه الحكومة ومراقبتها ومتابعتها حتى تقوم بالمهام المنوطة بها».
وتأتي الأزمة الطارئة بين البرلمان وحكومته المنبثقة عنه بعد ساعات من تهديد مجلس النواب الليبي بإغلاق المجال الجوي أمام 4 مطارات تابعة لما سمي بـ«عملية فجر ليبيا» وقواتها العسكرية في «معيتيقة وزوارة وسرت ومصراتة»، وذلك ردا على قرار مفاجئ اتخذته قوات «فجر ليبيا» بإغلاق المجال الجوي للجنوب الليبي ومدينتي الزنتان وغدامس.
وقال مراقبون محليون لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التهديد يمثل ما وصفوه بنقلة جديدة وخطيرة لطبيعة الصراع السياسي بين مؤسسات الشرعية الرسمية في ليبيا والجماعات المناوئة لها».
وزعمت قناة محلية موالية لجماعة الإخوان المسلمين أن طائرة حربية مجهولة الهوية اخترقت أمس، المجال الجوي لمدينة زوارة بحسب ما أكدته الغرفة الأمنية المشتركة هناك، ونقلت القناة عن مصادر أن الطائرة الحربية لم تخرج من أي مطار من المطارات التابعة لرئاسة الأركان العامة سواء من قاعدة معيتيقة الجوية أو من الكلية الجوية بمصراتة، فيما قالت مصادر عسكرية وشهود عيان في طرابلس إن «طائرة مجهولة حلقت أيضا في سماء المدينة بعض لوقت أمس؛ لكنها لم تشن أي غارات جوية على أي أهداف».
وكان مجلس النواب اتهم في بيانه قوات «فجر ليبيا» بممارسة الإرهاب الجوي للمرة الأولى منذ اندلاع الخلاف السياسي والعسكري بين الطرفين، وقال إن «الإرهاب وصل إلى السماء بعد محاولة خطف طائرة كانت تقل وفدا من أعضاء إلى مدينة غات، في زيارة رسمية ومعلنة والتهديد بإسقاط الطائرة»، مشيرا إلى أن قوات «فجر ليبيا» قامت بخطوة غير مسبوقة في مشروع تقسيم ليبيا بتقطيع أوصال البلاد ومنع التواصل والترابط بين ليبيا بقرار غير شرعي وغير قانوني بحظر الطيران على الجنوب الليبي ومدينتي الزنتان وغدامس.
وعد المجلس هذه الأعمال تصنف أعمالا إرهابية بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي أقره أخيرا، وهدد بأنه سيتخذ كل الإجراءات الحاسمة عبر الجهات المختصة لإغلاق المجال الجوي أمام مطارات معيتيقة وزوارة وسرت ومصراتة، في حال استمرار هذه الأعمال الإرهابية.
من جهة أخرى، انهارت الهدنة التي أعلنها الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، برناردينو ليون، بمدينة بنغازي، بعدما اندلعت أمس، اشتباكات جديدة بين قوات الجيش الليبي والجماعات المتطرفة في المدينة.
وشنت قوات الجيش هجمات على عدة مواقع لما يسمى تنظيم أنصار الشريعة المتشدد ومجلس شورى ثوار بنغازي في حي الصابري وطريق المطار والنهر، حيث اتهم متحدث باسم الجيش الجماعات المتطرفة بخرق الهدنة أولا.
وكانت بعثة الأمم المتحدة والجيش الليبي أعلنا هدنة غير مشروطة لدواع إنسانية في المناطق المتأثرة بالنزاع في مدينة بنغازي، على أن يقوم الهلال الأحمر الليبي بإجلاء المدنيين من المناطق المتأثرة وانتشال الجثث وتسهيل عملية نزح مياه الصرف، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لرعاية الجرحى وتأمين الغذاء والمؤن الضرورية الأخرى.
وأدرج مجلس الأمن الدولي، بطلب من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، على قائمته السوداء للمنظمات الإرهابية، فرعين من جماعة أنصار الشريعة في ليبيا التي تقول واشنطن إنها «مسؤولة عن هجوم 2012 الذي أودى بحياة السفير الأميركي و3 أميركيين آخرين».
وقال دبلوماسيون بالأمم المتحدة، إن «(أنصار الشريعة - بنغازي)، و(أنصار الشريعة - بدرنة) أضيفا إلى قائمة العقوبات المتعلقة بـ(القاعدة)، وسيخضعان لحظر للسلاح وحظر دولي للسفر وتجميد الأصول». وقال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، في بيان «الجماعتان مسؤولتان عن أعمال إرهاب في ليبيا، منها هجمات بالقنابل وخطف وقتل».
من جهته، أوضح إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن القرار الذي دخل حيز التنفيذ يفرض تجميدا على أموال «أنصار الشريعة» وحظرا على توريد السلاح إليها، كما يفرض حظرا دوليا على سفر عناصرها.
ولفت في مقابلة بثتها وكالة «شينخوا الصينية» إلى أن «مخابرات بعض الدول الكبرى لديها معلومات وافية عن قيادات التنظيم وتحركاتهم ومواقع نشاطات تنظيم أنصار الشريعة»،.
بوادر أزمة بين البرلمان الليبي وحكومة الثني بعد تحذير تحالف جبريل بإسقاطها
انهيار الهدنة في بنغازي.. ومجلس الأمن يضيف «أنصار الشريعة» للجماعات الإرهابية
بوادر أزمة بين البرلمان الليبي وحكومة الثني بعد تحذير تحالف جبريل بإسقاطها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة