قادة التمرد في السودان يتهمون قوات الجيش باغتصاب مائتي امرأة

طالبوا بان كي مون بإجراء تحقيق شفاف حول عمل البعثة المشتركة في دارفور

قادة التمرد في السودان يتهمون قوات الجيش باغتصاب مائتي امرأة
TT

قادة التمرد في السودان يتهمون قوات الجيش باغتصاب مائتي امرأة

قادة التمرد في السودان يتهمون قوات الجيش باغتصاب مائتي امرأة

طالبت قيادات التمرد في السودان بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في جريمة اغتصاب 200 امرأة وقاصر في منطقة تابت في شمال دارفور، واتهمت القوات المسلحة السودانية بارتكابها، إلا أن هذه الأخيرة نفت هذه الاتهامات جملة وتفصيلا.
ودعا رؤساء حركة «العدل والمساواة» وفصيلي تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي وعبد الواحد محمد نور، مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة مشتركة مع مجلس السلم والأمن الأفريقي لإعادة النظر في أمر تكوين البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد).
ووجه قادة الحركات المسلحة، التي تقاتل في دارفور، خطابا إلى بان كي مون أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أوضحوا فيه أن جريمة الاغتصاب البشعة للنساء والأطفال والقاصرات التي وقعت في 31 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في قرية تبات (ولاية شمال) تعد جريمة تقشعر لها الأبدان، وأشار الخطاب إلى أن الشعب السوداني فقد الثقة في المنظمة الأممية، وأصبح يتساءل عن جدوى وجود بعثة «اليوناميد» في دارفور. كما اعتبر قادة الحركات المسلحة أن البعثة المشتركة لحفظ السلام في الإقليم أضحت عاجزة وغير حريصة على تنفيذ تفويضها، وأن إخفاقاتها أصبحت تمثل إساءة للأمم المتحدة وللاتحاد الأفريقي وتعبر عن خلل في قدرة المنظمتين على حفظ السلام والأمن الدوليين.
ووصفت قيادة الحركات المتمردة في خطابهم جريمة الاغتصاب الجماعي، التي يتهم الجيش السوداني بارتكابها في حق مائتي امرأة وقاصر، بأنها جريمة ضد الإنسانية، وقال بيان القادة بهذا الخصوص «يجب ألا تكتفي المنظمة الدولية في التعاطي مع هذه الجريمة النكراء بالبيانات والشجب، مثلما حدث في الكثير من الجرائم الكبرى التي ارتكبت في دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق، فهذه الجريمة مكتملة الأركان وأشخاصها معروفون». وأضاف أنه لا بد من التحقيق فيها على الفور، وتقديم الجناة إلى العدالة، مؤكدا أن «سلاح الاغتصاب معتمد لدى نظام الخرطوم لكسر إرادة الشعب في الأقاليم المهمشة حتى لا يتجرأ الشعب للمطالبة بحقوقه، أو مقاومة سياساته».
وطالب رؤساء الحركات المسلحة في خطابهم بان كي مون بإجراء تحقيق مستقل وشفاف حول عمل البعثة المشتركة في دارفور، ومحاكمة الذين ثبت تقصيرهم أو تواطؤهم مع الحكومة السودانية في الاستهتار بحياة المواطنين في الإقليم، وأشاروا إلى أن المتهمين يمثلون شخصيات إقليمية ودولية، وشخصيات أخرى توجد في صف القيادة الأول في بلادهم، واعتبروا أن السماح لهم بالإفلات من العقاب سيشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم في حق شعوبهم والقارة والعالم أجمع، كما شدد الخطاب على ضرورة إجراء مراجعة شاملة في تكوين البعثة المشتركة في دارفور، من حيث تفويضها وإدارتها، وقد تم إرسال صورة من الخطاب إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وأمين عام الجامعة العربية، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي.
من جهته، اعتبر ياسر عرمان، الأمين العام للحركة الشعبية في السودان، اغتصاب أكثر من 200 امرأة انتهاكا لكل الإرث الوطني والوجدان المشترك للسودانيين. وقال في تصريحات إن الجريمة «كشفت ازدواجية المعايير داخل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومجلس الأمن تجاه نظام الخرطوم»، متهما المجتمع الدولي بالفشل في حماية المدنيين في السودان، كما دعا القوى السياسية المعارضة والمجتمع المدني إلى الاتفاق على برنامج مشترك يختلف عن الماضي، وقال إن استهداف المدنيين في النيل الأزرق، ودارفور وجبال النوبة واغتيال أكثر من 200 شاب وطفل في الخرطوم في انتفاضة سبتمبر (أيلول) الماضي يؤكد أن الحكومة تستهدف الجميع.
وكانت تقارير نشرتها بعض المنظمات المحلية والدولية زعمت أن جنودا من الجيش السوداني قد ارتكبوا جرائم اغتصاب جماعي لنحو 200 امرأة وقاصر في قرية تابت، شمال دارفور الأسبوع الماضي، بعد أن فقد الجيش أحد أفراده في القرية. غير أن المتحدث باسم الجيش نفى هذه المزاعم.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.