وزير الإعلام في جنوب السودان: قوات التمرد غير منضبطة

جوبا وحركة التمرد تتبادلان الاتهامات بعد يوم من توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار

وزير الإعلام في جنوب السودان:  قوات التمرد غير منضبطة
TT

وزير الإعلام في جنوب السودان: قوات التمرد غير منضبطة

وزير الإعلام في جنوب السودان:  قوات التمرد غير منضبطة

تبادلت حكومة جنوب السودان والمتمردون الاتهامات بعد 24 ساعة من توقيع رئيس الدولة سلفا كير ميارديت ونائبه المقال زعيم التمرد رياك مشار في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اتفاق وقف إطلاق النار، بينما رفضت حركة التمرد الاتهامات، وقالت إن القوات الحكومية هي التي قادت الهجوم على مواقعها في مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، وقد هددت الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (الإيقاد) بأنها ستتدخل عسكريا في حال خرق الأطراف عملية وقف إطلاق النار. وقال وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل ماكوي، إن قوات رياك مشار ما زالت تواصل هجومها على الجيش الشعبي (جيش جنوب السودان). وأضاف أن التعليمات التي أصدرها رئيس البلاد سلفا كير أن تبقى قوات الجيش الشعبي في مواقعها وأن ترد للدفاع عن نفسها، وقال: «قواتنا لن تقف مكتوفة الأيدي في حال الهجوم عليها وتنتظر وسطاء (الإيقاد)، وخصوصا أن هذه الهجمات من قبل مجموعة مشار تحدث كثيرا بعد كل اتفاق ولا تفعل (الإيقاد) شيئا». وقال إن قوات مشار غير منضبطة ولا تخضع للنظام، ولذلك تنتهك وقف اتفاق إطلاق النار في كل مرة وتهاجم مواقع قوات الجيش الشعبي والمدنيين. ومن جانبه، اتهم تعبان دينق، كبير المفاوضين عن الحركة الشعبية المعارضة التي تزعمها رياك مشار في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، القوات الحكومية بأنها شنت هجوما على مواقع الحركة في مدينتي بانتيو وفاريانق في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، والتي ظلت هدفا عسكريا بالكر والفر من قبل الطرفين لموقعها الاستراتيجي ولمصدر النفط فيها والذي توقف منذ اندلاع الحرب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال دينق إن قوات تابعة للجبهة الثورية المكونة من الحركة الشعبية في الشمال وحركة العدل والمساواة وجيش جنوب السودان تقدمت من مدينتي بانتيو وفاريانق وهاجمت مواقع قواته في بلدتي تور والحفرة. وأضاف: «إننا ندين هذا الهجوم السافر من قبل القوات الحكومية وحلفائها على مواقعنا بعد يوم واحد من توقيعنا اتفاق وقف إطلاق النار مع حكومة جوبا»، داعيا وسطاء «الإيقاد» ودول (التروكيا) والأمم المتحدة لإدانة الهجوم وإجراء تحقيق فوري حول الحادثة.
وكان المتحدث باسم المتمردين لول روي كوانج قد اتهم القوات الحكومية بشن هجوم على مواقع قواته في ولايات الوحدة، جونقلي وأعالي النيل بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار يوم الجمعة الماضي، وقال إن الحكومة قلبت الوضع ثم ذهبت إلى الإعلام لاتهام حركته. ومع كل اتفاق لوقف الأعمال العدائية تتبادل أطراف النزاع في جنوب السودان الاتهامات بخرق الاتفاق، رغم أن الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد) التي ترعى وساطة بين الطرفين حذرت في آخر قمة لها انعقدت الأسبوع الماضي في أديس أبابا الحكومة والمتمردين بقيادة مشار من خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع أمس بشكله النهائي من رئيسي الوفدين نيال دينق نيال من الحكومة وتعبان دينق قاي من حركة التمرد، وقالت «الإيقاد» إنها ستتدخل عسكريا لمواجهة أي خرق، كما أنها ستحظر الأسلحة وسفر المتورطين في هذه الانتهاكات، وقد أمهلت المنظمة الإقليمية الطرفين 15 يوما لحل القضايا الخلافية حول تقاسم السلطة بينهما.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.