مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون يخططون لهجوم مضاد على «داعش»

الاستراتيجية تدعو لعزل التنظيم في معاقله وتشكيل 3 فرق عسكرية جديدة وحل الميليشيات

مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون يخططون لهجوم مضاد على «داعش»
TT

مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون يخططون لهجوم مضاد على «داعش»

مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون يخططون لهجوم مضاد على «داعش»

تخطط قوات الأمن العراقية، مدعومة بالقوة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والمئات من المستشارين العسكريين، إلى شن هجوم كاسح كبير ضد مقاتلي تنظيم داعش في العراق، وهي حملة من المتوقع أن تشهد جملة من التحديات اللوجيستية والسياسية الكبيرة.
وينحصر هدف الحملة في كسر احتلال «داعش» في مناطق شمال وغرب العراق، واستعادة سيطرة الحكومة العراقية على مدينة الموصل وغيرها من المراكز السكانية، فضلا عن الطرق الرئيسة بالبلاد وحدودها مع سوريا، وذلك بحلول عام 2015، وفقا لمسؤولين أميركيين.
وسيتطلب الهجوم الذي يجري التخطيط له بمعاونة المخططين العسكريين الأميركيين تدريب 3 فرق عسكرية عراقية جديدة – أي ما يقدر بنحو 20 ألف جندي – خلال الشهور المقبلة.
ويقول مسؤول عسكري أميركي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا لأنه يناقش التخطيط للحرب إننا «نبحث عن التوازن بين إتاحة السبيل لكي يجهزوا خططهم وبين امتلاك كامل السيطرة عليها، ولكي نضمن أيضا أن خططهم لا تتجاوز حدود قدراتهم الحقيقية».
وأفصح أكثر من 10 مسؤولين أميركيين وعراقيين عن تفاصيل الاستراتيجية التي من المؤكد أن ترى النور في القريب العاجل. وتدعو الاستراتيجية الأساسية إلى الهجوم على مقاتلي تنظيم داعش بهدف عزله في معاقله الكبيرة مثل مدينة الموصل. ومن المرجح أن يمكن ذلك القوات العراقية، وقوات البيشمركة الكردية، مع المقاتلين الذين تم تجنيدهم من العشائر السنية، من مواجهة العدو الضعيف الذي قطعت عنه خطوط الإمدادات والتعزيزات في سوريا التي تتعرض الآن للضربات الجوية الأميركية.
وتم تشكيل فريق عمل تحت قيادة الجنرال الأميركي جيمس إل تيري من أجل الإشراف على الجهود العسكرية الأميركية، بينما يقود الجنرال بول إي فان مقر قيادة فرعي في بغداد للإشراف على مئات المستشارين والمدربين العسكريين الأميركيين العاملين مع القوات العراقية. ويتوقع توسيع الوجود العسكري الأميركي من بغداد وأربيل إلى مراكز عسكرية إضافية، بما في ذلك قاعدة الأسد الجوية في محافظة الأنبار ومعسكر التاجي شمال بغداد.
وتواجه الاستراتيجية الكثير من العقبات منها أن تنظيم داعش قد يسعى لثبيت أقدامه في المناطق التي يسيطر عليها. كما لم يتم تكليف أي وكالة أميركية بمهمة تدريب الشرطة العراقية، على الرغم من تحمل الأخيرة مسؤولية حماية المناطق التي يقوم الجيش العراقي بتحريرها.
وتشكل الميليشيات الشيعية، وبعض منها يتلقى دعما من إيران، عائقا آخر. فقد صرح أنتوني بلينكين، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما، الأسبوع الماضي بأنه من الأهمية بمكان انسحاب الميليشيات الشيعية، أو حلها، أو ضم أفرادها تحت قيادة قوات الأمن العراقية. لكن فؤاد معصوم، الرئيس العراقي الجديد، أشار إلى الحاجة إلى بقاء الميليشيات حتى القضاء تماما على تنظيم داعش.
والتحدي الأكبر يكمن في مزامنة الحملة العراقية مع الجهود الأميركية لتدريب قوات المعارضة السورية المحاصرة. فلم يبدأ حتى الآن برنامج وزارة الدفاع الأميركية لتدريب 5 آلاف مقاتل من المتمردين السوريين في العام على الأراضي السعودية والتركية، مما يزيد من احتمالات دفع مقاتلي تنظيم «داعش» مرة أخرى إلى العمق السوري قبل أن توجد على الأرض قوة سورية مدربة ومجهزة من قوات المعارضة لمواجهتهم.
وهناك تحد آخر يفرض نفسه على واقع الأحداث. إذ يقول المسؤولون العسكريون إن البيت الأبيض قيد عدد المستشارين العسكريين والمحللين وأفراد الأمن الأميركيين المبتعثين إلى العراق بـ1600 فرد فقط. وقد كان هناك 1414 فردا في العراق حتى يوم الجمعة الماضي، مع 600 فرد منهم يعملون في مهام الاستشارات العسكرية من مراكز العمليات المشتركة في بغداد وأربيل. وصرح اليستير باسكي، المتحدث باسم البيت الأبيض، بأن هذا الرقم لم يكن الحد الأقصى، وإنما هو عدد الأفراد المطلوبين للاضطلاع بالمهام الحالية هناك. وقال مسؤول عسكري أميركي إنه من المرجح أن يزداد عدد الأفراد هناك. هذا وقد صاغ المخططون العسكريون خيارات تفيد بإمكانية نشر لواء كامل إضافي من القوات الأميركية، أي نحو 3500 فرد، وذلك لتوسيع الجهود الاستشارية وتسريع وتيرة إعادة بناء القوات العسكرية العراقية.
ويقول المسؤولون العسكريون الأميركيون إن القوة العراقية المبدئية التي يخططون لتقديم المشورة إليها تتألف من 9 ألوية و3 ألوية من وحدات البيشمركة الكردية – أي نحو 24 ألف جندي. وتتطلب خطة الهجوم المضاد مضاعفة ذلك الرقم بإضافة 3 ألوية أخرى، وقد يتراوح عدد الجنود في كل لواء منها بين 8 آلاف إلى 12 ألف مقاتل.
وهناك جهد مواز لتأسيس ألوية جديدة من الحرس الوطني في كل المحافظات العراقية لتضطلع بمسؤولية تأمين المناطق بعد هجوم الجيش العراقي. وقد طرحت مبادرة الحرس الوطني من جانب المسؤولين الأميركيين لفتح السبيل أمام العشائر السنية في الغرب والشمال العراقي للعب دور كبير في الدفاع عن أراضيهم، مما يلطف كثيرا من التوترات الطائفية هناك. ولا يزال على البرلمان العراقي أن يسن تشريعا ينظم تأسيس تلك الوحدات التي لا تزال في حاجة إلى التدريب والتجهيز.
نتيجة لما تقدم، قد تكون هناك حاجة فعلية إلى سياسة «تواصل» حتى يتسنى للحكومة العراقية، بمعاونة أميركية، العمل بصورة مباشرة مع العشائر السنية في الوقت الراهن، حسبما أفاد بلينكين في مؤتمر عقده في مركز كارنيغي للسلام الدولي خلال الأسبوع الماضي.
بدوره، صرح الجنرال راي أوديرنو، رئيس أركان الجيش الأميركي وكبير القادة العسكريين السابقين في العراق، لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأربعاء الماضي: «لن ننتهي من ذلك الأمر في غضون 3 أسابيع، أو شهر، أو شهرين. إن الجهود قد تستمر لـ3 أو 4 سنوات».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.