الباجي قائد السبسي يبدأ حملة الانتخابات الرئاسية من مسقط رأس بورقيبة

الغنوشي: لقائي مع بن جعفر والرياحي جرى بناء على طلبهما

السبسي لدى إطلاق حملته الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
السبسي لدى إطلاق حملته الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
TT

الباجي قائد السبسي يبدأ حملة الانتخابات الرئاسية من مسقط رأس بورقيبة

السبسي لدى إطلاق حملته الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
السبسي لدى إطلاق حملته الرئاسية أمس (أ.ف.ب)

أطلق الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، حملته الانتخابية الخاصة بمنافسات الرئاسة من مدينة المنستير، مسقط رأس الحبيب بورقيبة، الرئيس التونسي الأسبق، وزعيم الاستقلال الوطني. ويأتي هذا الاختيار على خلفية التأثير الكبير لـ«نداء تونس»، والشعبية الكبرى التي يحظى بها في منطقة الساحل التونسي المهد الطبيعي لأفكار بورقيبة، قائد عمليات التحديث الاجتماعي في البلاد، ومحاولة الاستفادة من التعاطف التاريخي لمدينة المنستير مع القيادات السياسية التي تربت على يدي بورقيبة وعملت معه ومن بينهم قائد السبسي.
وخلال اجتماع شعبي حاشد بأنصاره المنتشين بفوزهم في الانتخابات البرلمانية (85 مقعدا مقابل 69 لحركة النهضة)، قدم قائد السبسي أبرز الخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي المتعلق بالانتخابات الرئاسية، وأكد على «ضرورة استرجاع هيبة الدولة، وإعداد جيل جديد قادر على تسلم المشعل وقيادة البلاد نحو بر الأمان»، على حد تعبيره.
ويثير ترشح قائد السبسي تخوفات عديدة نتيجة النجاح الذي حققه حزبه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وإمكانية استحواذه على المؤسسات الدستورية الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان) في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية.
ولم تبق عدة أطياف سياسية مكتوفة الأيدي، بل عملت على قطع الطريق أمام «نداء تونس» بعقد تحالفات بين المرشحين الكثر للانتخابات الرئاسية. وعقد عدة مرشحين لهذه الانتخابات اجتماعا نهاية الأسبوع الماضي، ضم أحمد نجيب الشابي (مرشح الحزب الجمهوري) ومصطفى بن جعفر (التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) ومحمد الحامدي (حزب التحالف الديمقراطي) وعماد الدايمي (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية)، بيد أن الاتفاق على تقديم مرشح وحيد للعائلة الديمقراطية في مواجهة قائد السبسي بات أمرا بعيد المنال، إذ إن الأطراف المجتمعة جاءت إلى الاجتماع وكل واحد منها يحمل أسبقية شخصية في الفوز بصفة مرشح العائلة الديمقراطية.
ولم تقدم حركة النهضة الإسلامية مرشحا للانتخابات الرئاسية، وقالت إنها ستدعم رئيسا توافقيا، وسارعت في المقابل إلى توضيح خفايا الاجتماع الذي جمع راشد الغنوشي رئيس الحزب مع بن جعفر وسليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر الفائز بـ16 مقعدا. وقال الغنوشي في بيان أصدره مكتب الإعلام في حركة النهضة إن اللقاء جرى «بناء على طلبهما، وكل على حدة».
وتجرى الانتخابات الرئاسية في تونس يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وبدأت الحملة الانتخابية في الأول من الشهر نفسه وتتواصل حتى الثاني والعشرين منه. وينافس قائد السبسي 26 مرشحا بيد أن النتائج التي أعقبت الانتخابات البرلمانية قلصت من عدد المرشحين خاصة مرشحي الأحزاب التي حصلت على مقعد إلى خمسة مقاعد، وبات قائد السبسي يحظى بحظوظ وافرة للفوز، كما خفتت حدة المنافسة على «الرئاسية» من قبل عدة مرشحين من بينهم أحمد نجيب الشابي والمنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر، وهم كانوا من بين أهم المتنافسين على منصب الرئيس قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة.
وفي المقابل، ارتفعت أسهم المرشحين المستقلين، إذ اغتنموا الفرصة لملء الفراغ الذي خلفه باقي المرشحين، واعتمد كل مرشح منهم على إشارات مختلفة لجلب الناخبين التونسيين، فمصطفى كمال النابلي (المحافط الأسبق للبنك المركزي) أطلق حملته الانتخابية من مدينة ساقية سيدي يوسف (الكاف) الواقعة شمال غربي تونس، وهي مدينة امتزجت فيها دماء التونسيين مع الجزائريين خلال حرب التحرير الوطني. وقال النابلي إن «دور رئيس الجمهورية هو أن يخلق لحمة بين كل جهات البلاد».
أما رجل الأعمال محمد الفريخة، الذي فاز بمقعد برلماني كمرشح ضمن لوائح حركة النهضة، فقال إنه يثق في فوزه وسيكون في الرئاسة في حال مروره إلى الدور الثاني. وأطلق حملته الانتخابية من مدينة صفاقس (350 كم جنوب العاصمة التونسية) وهي المدينة التي فاز فيها في الانتخابات البرلمانية. وكانت حركة النهضة قد نفت في السابق دعمها للفريخة في الانتخابات الرئاسية ودعته إلى سحب ترشحه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.