تضارب بين حصيلتي الأمم المتحدة والحكومة لقتلى أكتوبر

إجراءات أمنية مشددة تسبق إحياء يوم عاشوراء في كربلاء

جانب من الاجتماع الذي استضافه البرلمان الأوروبي في بروكسل حول أوضاع حقوق الإنسان بالعراق («الشرق الأوسط»)
جانب من الاجتماع الذي استضافه البرلمان الأوروبي في بروكسل حول أوضاع حقوق الإنسان بالعراق («الشرق الأوسط»)
TT

تضارب بين حصيلتي الأمم المتحدة والحكومة لقتلى أكتوبر

جانب من الاجتماع الذي استضافه البرلمان الأوروبي في بروكسل حول أوضاع حقوق الإنسان بالعراق («الشرق الأوسط»)
جانب من الاجتماع الذي استضافه البرلمان الأوروبي في بروكسل حول أوضاع حقوق الإنسان بالعراق («الشرق الأوسط»)

أفادت مصادر في الشرطة العراقية، أمس، بأن السلطات المحلية في كربلاء اتخذت إجراءات أمنية مشددة بمشاركة أكثر من 30 ألف من قوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية لتأمين إحياء يوم عاشوراء الذي سيصادف الثلاثاء.
وقالت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية إن السلطات اتخذت تدابير أمنية لإحياء يوم عاشوراء في كربلاء، حيث تم اعتبار يومي غد الأحد وبعد غد الاثنين عطلة رسمية تسبق إحياء المناسبة في كربلاء، فضلا عن إقامة أطواق أمنية متعددة في محيط المدينة ونشر نقاط تفتيش إضافية والاستعانة بطيران الجيش لحماية ومراقبة الأوضاع في محيط كربلاء. وذكرت أن الخطط قيدت حركة السيارات والمركبات باستثناء السيارات المكلفة بواجبات أمنية. وتوقعت المصادر أن يتدفق الملايين من العراقيين خلال اليومين المقبلين إلى كربلاء للمشاركة في إحياء المناسبة التي تتزامن هذا العام مع معارك كبيرة بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش في مناطق متفرقة في العراق.
في غضون ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أن أعمال العنف أودت بنحو 1300 عراقي على الأقل خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، في حين أشارت أرقام حكومية إلى أن الحصيلة كانت أعلى من ذلك بكثير. وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق، في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، أنه «قتل ما مجموعه 1273 شخصا على الأقل وأصيب 2010 آخرون في أعمال الإرهاب والعنف التي حدثت في شهر أكتوبر المنصرم». وبحسب أرقام المنظمة الدولية، قتل 856 مدنيا بينهم 139 عنصرا من الشرطة، إضافة إلى 417 عنصرا من الجيش العراقي والمسلحين الموالين له وقوات البيشمركة الكردية. وبحسب الحصيلة، جرح أكثر من ألفي شخص خلال المدة نفسها. وكانت الحصيلة التي تنشرها الأمم المتحدة أشارت إلى مقتل 1119 شخصا في سبتمبر (أيلول) الماضي.
في المقابل، أظهرت حصيلة رسمية تعدها وزارات الدفاع والداخلية والصحة في العراق أن 1725 مدنيا وعنصرا من قوات الأمن والجيش قتلوا خلال أكتوبر، بينما جرح أكثر من 2300 آخرين. ورغم الأرقام المنشورة عن الضحايا، يرجح أن أعداد المئات من القتلى لا تزال غير معلنة، كما أن مصير المئات في البلاد يعتبر مجهولا. وتستثني حصيلة الأمم المتحدة محافظة الأنبار في غرب العراق، التي تشهد مواجهات متواصلة بين «داعش» والقوات الحكومية والمسلحين الموالين لها، وحيث حقق التنظيم المتطرف خلال الأسابيع الماضية تقدما إضافيا رغم ضربات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
بدوره، قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف «أود أن أعبر عن غضبي الشديد إزاء عمليات الخطف والقتل المستمرة التي يرتكبها تنظيم داعش الإرهابي ضد العشرات من جميع الشرائح والأعراق والأديان من العراقيين، والذين عثر على جثثهم في مقابر جماعية». وأضاف «يتعين ضمان تطبيق العدالة والمساءلة ضد المسؤولين عن تنفيذ هذه الإعدامات الجماعية وعمليات القتل والإخفاء والتهجير».
وشن التنظيم هجوما واسعا في يونيو (حزيران) الماضي أسفر عن سيطرته على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، أبرزها الموصل، كبرى مدن الشمال وثاني كبرى مدن البلاد. ورغم استعادة القوات الحكومية بعض المناطق من التنظيم المتطرف، فإنها تواجه صعوبة في استعادة المدن التي سيطر عليها، وأبرزها الموصل وتكريت والفلوجة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».