قرار وقف استقبال لبنان النازحين السوريين معلق بانتظار إشارة الحكومة لتنفيذه

الأمن العام ينفي أي تغير على الحدود.. ومفوضية اللاجئين تلاحظ تدنيا في نسبتهم

منظمة إغاثية غير حكومية توزع صناديق على اللاجئين السوريين  تحتوي على مواد إغاثية في مخيم {المصري} للاجئين (أ.ف.ب)
منظمة إغاثية غير حكومية توزع صناديق على اللاجئين السوريين تحتوي على مواد إغاثية في مخيم {المصري} للاجئين (أ.ف.ب)
TT

قرار وقف استقبال لبنان النازحين السوريين معلق بانتظار إشارة الحكومة لتنفيذه

منظمة إغاثية غير حكومية توزع صناديق على اللاجئين السوريين  تحتوي على مواد إغاثية في مخيم {المصري} للاجئين (أ.ف.ب)
منظمة إغاثية غير حكومية توزع صناديق على اللاجئين السوريين تحتوي على مواد إغاثية في مخيم {المصري} للاجئين (أ.ف.ب)

أكد مصدر بارز في الأمن العام اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أن الأمن العام لم يباشر تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية بتقييد دخول اللاجئين السوريين إلى لبنان، بانتظار وصوله من الحكومة إلى المديرية، في حين أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها منفتحة على أي اقتراح حكومي لمواكبة القرار الرسمي، و«جاهزون للتعاون».
وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت قرارا الأسبوع الماضي، بمنع دخول اللاجئين السوريين إلى لبنان، باستثناء الحالات الإنسانية، نظرا إلى الأعباء الاقتصادية والضغوط التي تعرضت لها المؤسسات اللبنانية والبنى التحتية في لبنان.
وجدد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أمس، تحذيره من عدم إمكانية تحمل لبنان عبئا إضافيا بما يفوق طاقته على الاحتمال من النازحين السوريين على أرضه. وتوجه إلى الفلسطينيين خلال لقاء عقد في السرايا الحكومي بدعوة من لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، قائلا إن المخيمات «تعاني من ضغوط حياتية قاسية وسط انسداد آفاق العمل جراء البطالة المتصاعدة نتيجة كثافة عرض اليد العاملة السورية وحال الجمود والمأزق الاقتصادي»، لافتا إلى أن خطر هذا الوضع «يتضاعف متى علمنا أنه يشمل كل المخيمات التي استقبلت أعدادا إضافية من نازحي مخيمات سوريا، وإذا ما ربطناه بجملة التطورات التي تعيشها المنطقة عموما، ولا سيما في سوريا والعراق، فإن العامل المعيشي قد يكون مدخلا إضافيا لاضطراب أمني ينعكس سلبا على مجمل الوضع اللبناني».
ويستضيف لبنان أكثر من مليون و130 ألف لاجئ سوري، مما يضع ضغوطا كبيرة على البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه 4 ملايين نسمة، ويوجد به أكبر تركيز للاجئين في العالم بمعدل لاجئ بين كل 4 من السكان. ورجحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يتجاوز عدد اللاجئين مليونا ونصف المليون نهاية العام الحالي.
وأكد مصدر بارز في الأمن العام اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أن المديرية «لم تبدأ بعد تنفيذ القرار الحكومي القاضي بتقييد دخول اللاجئين السوريين إلى لبنان على المعابر الشرعية مع سوريا»، مشيرا إلى أن القرار «يدخل حيز التنفيذ حين يصلنا من الحكومة»، وذلك بعد مروره في القنوات الإدارية القانونية. وأكد أن «لا شيء تغير على الحدود منذ صدور القرار في مجلس الوزراء حتى الآن، ولا يزال الوضع على ما هو عليه»، لافتا إلى أنه «حين نبدأ بتنفيذ القرار الحكومي، فإننا سنعلن عن ذلك».
وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لاحظت تدنيا في نسبة اللاجئين الذين يعبرون الحدود إلى لبنان خلال الفترة الماضية. لكن مصادر الأمن العام نفت وجود قيود فرضها الجهاز الأمني الرسمي اللبناني على حركتهم، مجددة تأكيدها أن «لا شيء تغير بعد».
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «إننا لاحظنا بالفعل انخفاضا في أعداد اللاجئين الوافدين من سوريا إلى لبنان»، مشددة على «أننا سنستكمل عملنا وسنواصل التنسيق مع الحكومة».
وقالت سليمان إن الاستراتيجية التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي، والقاضية بالحد من استقبال اللاجئين، «لم نتسلمها رسميا بعد»، لكنها شددت على أن «عملنا مستمر مع الحكومة، ونحن منفتحون على أي اقتراح وزاري، وجاهزون للتعاون»، في إشارة إلى اقتراح أعلنته وزارة الشؤون الاجتماعية يقضي بأن تشارك مع المفوضية في عملية تسجيل اللاجئين. وكانت الحكومة أشارت في قرارها الأسبوع الماضي إلى أنها ستطلب من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إيقاف تسجيل اللاجئين إلا بموافقة وزارة الشؤون الاجتماعية. وتنص الخطة أيضا على تشجيع اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم أو بلدان أخرى، وتشديد تطبيق القانون عليهم، ونزع صفة اللاجئ عن كل سوري يدخل إلى سوريا أو يخل بالقوانين اللبنانية.
وتوقفت مفوضية اللاجئين عند «القرار الاستراتيجي» للحكومة اللبنانية القاضي بتقييد دخول النازحين السوريين إلى لبنان. وأعلنت، في أحدث بياناتها الأسبوعية، أن نص قرار مجلس الوزراء «لم ينشر بعد. ومن المعلوم أن السياسة المعتمدة تكرس، إلى حد كبير، وبشكل رسمي وجهات نظر الحكومة السائدة بشأن الأزمة السورية وتأثيرها على لبنان»، مشيرة إلى أن «تقييد عملية إدخال النازحين إلى لبنان جار في الواقع منذ عدة أسابيع، ويمكن ملاحظة أثر ذلك بشكل واضح من حيث التراجع الكبير في عدد النازحين الذين يتوجهون إلى المفوضية من أجل التسجيل».
وتواصل مفوضية اللاجئين تقديم المساعدات المالية والعينية للاجئين السوريين في لبنان؛ إذ وفرت خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، الغذاء لنحو 880 ألف لاجئ سوري من خلال برنامج البطاقة الإلكترونية، كما تلقى أكثر من 30 ألف لاجئ كانوا قد تضرروا جراء العاصفة التي شهدتها البلاد في نهاية الأسبوع الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.