عملية السلام الكردية ـ التركية تترنح على وقع تطورات كوباني

أوغلو يشبه المعارضة بـ«البعث» * مصدر تركي لـ {الشرق الأوسط}: رصدنا عودة مكثفة لمقاتلي «الكردستاني» عبر الحدود العراقية

أكراد يحملون شعار حزب العمال الكردستاني خلال تشييع أحد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي قرب الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)
أكراد يحملون شعار حزب العمال الكردستاني خلال تشييع أحد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي قرب الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

عملية السلام الكردية ـ التركية تترنح على وقع تطورات كوباني

أكراد يحملون شعار حزب العمال الكردستاني خلال تشييع أحد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي قرب الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)
أكراد يحملون شعار حزب العمال الكردستاني خلال تشييع أحد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي قرب الحدود التركية - السورية أمس (أ.ف.ب)

سقطت في الأراضي التركية أمس أجزاء من آلية لتنظيم «داعش» قصفتها قوات التحالف الذي تقوده واشنطن بالقرب من مدينة كوباني الحدودية السورية، ذات الغالبية الكردية، التي يسعى التنظيم المتطرف إلى احتلالها منذ أكثر من 3 أسابيع. لكن أجزاء الآلية، والقذائف الطائشة لم تكن وحدها ما أصاب تركيا جراء هذه المواجهات، إذ وصل إلى أراضيها نحو 200 ألف لاجئ من أكراد سوريا، كما تكاد هذه المدينة تطيح بعملية السلام الدائرة مع أكراد تركيا منذ نحو عامين.
وبعد أسبوع شهد جولات عنف في أنحاء كثيرة من تركيا، إثر مظاهرات قادها أكراد يحتجون على ما يعتبرونه «تواطؤا» بين الحكومة التركية والتنظيم، عادت لغة الحرب إلى سابق عهدها بين الجيش التركي وتنظيم «حزب العمال الكردستاني» (بي كي كي) لأول مرة منذ بداية عملية السلام بين الحكومة وزعيم التنظيم عبد الله أوجلان المسجون في جزيرة قبالة مدينة إسطنبول.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن «العملية أتت ردا على هجمات عدة تعرضت لها منشآت مدينة وعسكرية». وأوضحت المصادر أن الجيش التركي رصد حركة دخول كثيفة لعناصر الكردستاني عبر الحدود العراقية بما يخالف التفاهمات السابقة التي قضت بانسحاب المقاتلين من الأراضي التركية. وأكدت المصادر في المقابل التزام الحكومة بعملية السلام، والتي أسفرت عن تغييرات قانونية وميدانية لصالح تعزيز الحقوق الثقافية لأكراد تركيا.
وأعلنت رئاسة الهيئة العامة لأركان الجيش التركي أن طائرات تركية أقلعت من محافظتي مالاطيا وديار بكر، شرق وجنوب شرقي تركيا، قصفت مواقع لحزب العمال الكردستاني، في منطقة داغليجا. وأوضحت رئاسة الأركان في بيان لها أن «مخفر داغليجا، كان يتعرض لهجوم بقذائف صواريخ ورشاشات دوشكا من قبل جماعة من مسلحي العمال الكردستاني الإرهابيين على مدى 3 أيام»، وأنها أصدرت تعليمات لطائرات القيادة الجوية بقصف مواقع التنظيم أثناء شنه هجوما جديدا. وبحسب البيان، استهدفت الطائرات من طراز «إف - 16» و«إف - 4»، التي أقلعت من محافظتي مالاطيا وديار بكر بعلم من رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، مقار كثيرة تابعة لمنظمة حزب العمال الكردستاني في المنطقة.
وكانت السلطات التركية أعلنت أن عناصر تابعة لمنظمة حزب العمال الكردستاني هاجمت مخفرا لقوات الدرك بمحافظة تونجلي شرق تركيا، ولاذت بالفرار بعد اشتباكات بالأسلحة مع قوات المخفر. وكان الحراس المناوبون في أحد المخافر والقواعد العسكرية لقوات الدرك في تونجلي اكتشفوا تسلل بعض العناصر إلى المخفر، وعلى الفور سارعوا إلى إطلاق النار عليهم، مما تسبب بوقوع اشتباكات بين الطرفين استمرت لبعض الوقت. وأصدرت رئاسة قوات الدرك أوامر لجميع المخافر برفع مستوى التأهب والحذر إلى أعلى مستوياته.
وكان جميل بايك الرئيس المشارك لاتحاد المجتمعات الكردستانية حذر من «أننا سنبدأ صراعا مسلحا من جديد في حال استمرار قتل الأكراد في احتجاجات كوباني». وحمل بايك الحكومة التركية المسؤولية عن الأحداث التي تعصف حاليا بالمدينة والاحتجاجات التي تشهدها تركيا نتيجة لذلك، قائلا إنه لا يأمل شيئا من مفاوضات مسيرة السلام الداخلي المستمرة منذ عامين مع الحكومة التركية.
وأمس احتجز أكراد من مناصري حزب الشعوب الديمقراطي الكردي سفينة نقل داخلي تعمل بين شطري مدينة إسطنبول الأوروبي والآسيوي. وركب الناشطون السفينة التي تحمل اسم «الشهيد سامي آكبولوط»، وحملوا لافتات كتب عليها «كوباني على حق فهي تقاوم من أجلنا».
ووجه زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش، انتقادات للحكومة التركية، مؤكدا أن حزبه لم يطلب تدخل الجيش التركي، من أجل إنقاذ مدينة عين العرب «كوباني» من أجل المساهمة في الدفاع عن المدينة. ونفى دميرطاش، في كلمته أمام الكتلة النيابية لحزبه، مسؤولية الحزب عن أحداث الشغب التي رافقت المظاهرات التي دعا إليها، بذريعة الاحتجاج ضد هجمات «داعش» على كوباني. وحذر من أنه في حال سقوط كوباني، فإن المدينة ستشهد مجازر، معتبرا أن «الحكومة التركية ستكون مسؤولة عن ذلك نظرا لعدم فتحها ممرا لعبور المقاتلين الأكراد»، على حد قوله. ودعا الحكومة للجلوس إلى طاولة الحوار، لمناقشة «الأخطاء المتبادلة بشكل موضوعي».
وفي المقابل، هاجم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو معارضي الحكومة بشدة، مشددا على أن تركيا ضد «داعش» والرئيس السوري بشار الأسد، وستظل كذلك، متسائلا «هل بوسع (رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال) كليتشدار أوغلو أن يصرح بهذا بنفس الوضوح.. وهل بإمكان حزب الشعوب الديمقراطي قول ذلك؟»، متهما إياهم بالعمل على حماية النظام السوري والأسد. وشدد على أن الحزبين يمتلكان العقلية ذاتها، كون «الأسد يمثل عقلية البعث العربي، والشعب الجمهوري يمثل البعث التركي، والشعب الديمقراطي يمثل البعث الكردي»، حسب قوله.
ووجه داود أوغلو حديثه لمن «يعتقدون أن بوسعهم زعزعة النظام العام متى شاءوا»، قائلا إن «مسيرة السلام الداخلي - الرامية لإنهاء الإرهاب وإيجاد حل جذري للقضية الكردية - ليست بديلا عن النظام العام، الذي سنحافظ عليه بكل الطرق».
ودعا رئيس الوزراء، حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، إلى عدم الانسياق وراء الكيان الموازي (المتهم بالتغلغل في أجهزة الدولة)، وعدم استخدام الاتهامات المغرضة الموجهة إلى تركيا ضد الحكومة، مشيرا إلى أن «الشعب الجمهوري» حاول الوصول إلى السلطة عبر التعاون مع الانقلابيين في الماضي، واليوم يتعاون مع الكيان الموازي للعب دور على الساحة السياسية.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.