اليوم، سيحتقل الأميركيون بذكرى اكتشاف أميركا (الدنيا الجديدة)، ويسمون اليوم (يوم عطلة رسمية) بـ«يوم كولمبس»، الذي اكتشف الدنيا الجديدة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1492، لكن، قرر مثقفون (كتاب، وفنانون، وممثلون) في نيويورك مقاطعة الاحتفالات، حتى يتغير اسم اليوم. من أشهر مظاهر اليوم، موكب عملاق يجوب شوارع نيويورك، وهو موكب عمره أكثر من 100 عام، وينظمه الأميركيون من أصل إيطالي (خلال السنوات القليلة الماضية، اشتبكوا مع آخرين، منهم منظمات المثليين جنسيا، الذين كان منظمو الاحتفالات، وأغلبيتهم إيطاليون كاثوليك، رفضوا إشراكهم في الاحتفالات)، لكن، هذه مشكلة مختلفة.
بداية، لماذا احتضن الأميركيون الإيطاليون الاحتفالات؟
لأن أصل كولمبس إيطالي، ولد في جنوا، بإيطاليا، ثم هاجر إلى إسبانيا التي كانت (بعد سقوط الدويلات الإسلامية في الأندلس) إمبراطورية تسود البحار.
ومن هنا، بدأت مشاكل «يوم كولمبس»: هل هو إيطالي أم إسباني؟ لأكثر من 100 عام، هيمن على احتفالات اليوم الأميركيون الإيطاليون، لكن، خلال الـ30 عاما الأخيرة، زاد كثيرا عدد المهاجرين إلى أميركا من دول أميركا الوسطي وأميركا الجنوبية، وأعلنوا أنهم أولى باحتفال «يوم كولمبس» من الإيطاليين، وقدموا أسبابا، منها:
أولا: اكتشف كولمبس، أيضا، دولهم. في الحقيقة، اكتشف دولهم قبل أن يكتشف «الولايات المتحدة الأميركية»، بل إن هذا الاسم لا يعود إلى كولمبس، ولكن إلى مكتشف آخر هو: أميركو فوسبتشي.
ثانيا: يتكلم الأميركيون اللاتينيون اللغة الإسبانية، لغة كولمبس، بل إن كولمبس نفسه، بعد أن هاجر من إيطاليا إلى إسبانيا، هجر اللغة الإيطالية.
ثالثا: يشكل اللاتينيون نسبة 30 في المائة من سكان نيويورك، ويشكل الإيطاليون نسبة 10 في المائة، بل إن كل البيض يشكلون نسبة النصف (بعد أن كانوا 90 في المائة قبل 40 عاما). لم تزد فقط نسبة المهاجرين اللاتينيين في نيويورك، ولكن، بعد مرور 30 عاما على بداية موجة هجرتهم، ظهر الجيل الجديد وسطهم، هذا هو الجيل الذي ولد، أو تربي، في نيويورك، وهذا هو الجيل الذي فيه مثقفون ينتقدون سيطرة الإيطاليين على «يوم كولمبس». في الجانب الآخر، يتهم مثقفون إيطاليون المهاجرين اللاتينيين بأنهم لا يهتمون بالقيم والأفكار الحضارية التي تأسست عليها الولايات المتحدة، بل يقولون: إنهم يحتقرونها. كتب شارلز سبيروني (أميركي إيطالي) أنه بداية من عام 1866، يحتفل الإيطاليون في نيويورك باليوم، تخليدا لتراثهم الإيطالي، وقال إن «ولاية كولورادو (لا نيويورك) كانت أول من أعلن اليوم عطلة رسمية، عام 1907. وذلك بسبب جهود إنجيليو نوسي (أميركي إيطالي). وفي عام 1934 أعلن الرئيس فرانكلين روزفلت «يوم كولمبس» عطلة اتحادية، بعد أن كسب «اللوبي الإيطالي» في واشنطن أعضاء الكونغرس، وأقنعهم بذلك.
في الجانب الآخر، كتبت سينثيا دي ريغويز (أميركية مكسيكية) في مجلة «لاتينا» (مجلة نسائية للأميركيات اللاتينيات)، بأن «كولمبس داي» (يوم كولمبس)، يجب أن يغير إلى «ديا دي لا هسبانيداد» (يوم الإسبان)، وكتب هوزي إميزستون (أميركي كاريبي)، في صحيفة «لا برنسا» الإسبانية، أن «يوم كولمبس» يجب أن يغير إلى «ديا دي لا رازا» (يوم العرق، يوم العرق الإسباني)، وقال إن «كل دول أميركا اللاتينية تسميه هكذا»، وأضاف: «بالنسبة لهم، هذا يوم مقاومة الاستعمار الأوروبي، هذا يوم ذكرى السكان الأصليين الذين آبادهم الأوروبيون، قتلا، أو مرضا، أو احتقارا».
وهكذا، يقود مثقفون في نيويورك حملة مقاطعة «يوم كولمبس»، اليوم، وكل احتفال بهذا اليوم في كل عام، حتى يتغير الاسم.
لماذا يقاطع مثقفون أميركيون احتفالات اكتشاف أميركا؟
لماذا يقاطع مثقفون أميركيون احتفالات اكتشاف أميركا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة