كوباني تحرك أكراد تركيا ضد إردوغان.. وحظر تجول يشمل 15 مدينة وقرية

نائبة تركية لـ («الشرق الأوسط») : لدينا معلومات بأن حكومة «العدالة والتنمية» ما زالت تدعم «داعش»

أحد المحتجين الأكراد يرمي حجارة تجاه سيارة شرطة أثناء الاحتجاجات ضد الحكومة جنوب تركيا أمس (أ.ف.ب)
أحد المحتجين الأكراد يرمي حجارة تجاه سيارة شرطة أثناء الاحتجاجات ضد الحكومة جنوب تركيا أمس (أ.ف.ب)
TT

كوباني تحرك أكراد تركيا ضد إردوغان.. وحظر تجول يشمل 15 مدينة وقرية

أحد المحتجين الأكراد يرمي حجارة تجاه سيارة شرطة أثناء الاحتجاجات ضد الحكومة جنوب تركيا أمس (أ.ف.ب)
أحد المحتجين الأكراد يرمي حجارة تجاه سيارة شرطة أثناء الاحتجاجات ضد الحكومة جنوب تركيا أمس (أ.ف.ب)

انفجر «الملف الكردي» بوجه الحكومة التركية، بعد تصريحات رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان عن قرب سقوط مدينة عين العرب الكردية في سوريا، والذي فسر على أنه رفض تركي للتدخل من أجل إنقاذ المدينة التي تشارف على السقوط في يد تنظيم «داعش»، والتي ربط زعيم أكراد تركيا عبد الله أوجلان مصير عملية السلام مع أنقرة بسقوطها.
وشهدت شوارع الكثير من المدن التركية أمس مواجهات بين المتظاهرين، ورجال الشرطة، خصوصا في مناطق التجمع الكردي الأكبر في جنوب شرقي البلاد، كما امتدت المظاهرات إلى إسطنبول التي يقطنها نحو 3 ملايين كردي.
وأعلنت ولاية دياربكر عن تمديد حظر التجوال، المفروض على بعض أقضية الولاية، بسبب المظاهرات غير المرخصة ضد تنظيم «داعش»، مع إضافة أقضية أخرى للحظر، وذلك حتى الساعة السادسة من صباح اليوم. وذكر بيان صادر عن الولاية أن الحظر فُرض من أجل إعادة الأمن المتزعزع نتيجة أعمال العنف والشغب في عدد من الأقضية بالولاية. وشدد وزير الزراعة والثروة الحيوانية التركي، مهدي أكر على أن أيًّا من حوادث القتل الـ10 لم ينجم عن تدخل قوات الأمن لفض المظاهرات. وقال: «لم تنجم أي وفاة عن تدخل قوات الأمن، وكلها وقعت في أعمال عنف قام بها المتظاهرون». وأشار إلى إصابة اثنين من رجال الشرطة نتيجة الاعتداء عليهما.
وقالت صبحات تونجال، عضوة برلمان عن حزب ديمقراطية الشعوب، الذراع السياسية لتنظيم «حزب العمال الكردستاني» المحظور أن «كوباني تقاوم هجمات (داعش) منذ 24 يوما، ومقاتليها يسجلون بطولات يوما بعد يوم». وأضافت في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «كان أكراد تركيا ينتظرون أن تقوم حكومتهم بمساعدة إخوانهم في المدينة، لكن اتضح لهم بأن الحكومة والدولة التركية لا يوجد لديها أي نية للتدخل وأنها تحاول المماطلة باستخدام جميع الوسائل. واتضح لنا بأن تركيا لا يوجد لها أي نية لضرب داعش بل لدينا معلومات بأن حكومة العدالة والتنمية ما زالت مستمرة في تقديم الدعم للتنظيم، كما أن الحكومة التركية لم تف بأي تعهد قطعته على نفسها حيال المدينة، ولهذا انفجرت انتفاضة الشارع الكردي في تركيا منذ أول من أمس، ومع الأسف حتى هذه اللحظة جرى قتل 15 شابا على يدي قوات الأمن والقوى المتعاونة معهم».
وأشارت تونجال إلى أن «هدف الشباب (المتظاهرين) كان فقط التنديد بمواقف الحكومة والتضامن مع المقاتلين في عين العرب ولكن قوات الأمن بدلا من أن تتقبل هذه المسيرات بصدر رحب قامت بإطلاق النار على المتضامنين» وقالت: «كما يعلم الجميع نحن (حزب ديمقراطية الشعوب) بذلنا ونبذل ما في وسعنا لتحقيق السلام بين شعوب منطقة الشرق الأوسط من دون استثناء، ونحن نؤمن بأن الأحداث والتطورات الأخيرة لا تساعد في تأسيس أي سلام في المنطقة بل تساعد على نشر الحقد والفوضى والحرب بين شعوب المنطقة». وشددت تونجال على أن «أوجلان (المسجون في تركيا) هو الوحيد المخول تقرير مصير عملية السلام، مشيرة إلى أن أخاه زاره قبل أيام ونقل عنه أنه أعطى حكومة العدالة والتنمية مهلة حتى 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي للقيام بخطوات ملموسة لدعم عجلة عملية السلام إلى الأمام»، وقالت: «مرحلة السلام فقط أوجلان هو الذي يحدد مصيرها لأنه هو الذي بدأها وهو الذي يحق له أن ينهيها أو يغير مسارها، ولكننا حزب ديمقراطية الشعوب نريد ونصر على أن تستمر هذه العملية ولهذا يجب على حكومة العدالة بالقيام بخطوات وأولى هذه الخطوات تغيير سياستها حيال منطقة الجزيرة وخاصة عين العرب في سوريا، لأنه لا أحد يقبل بأن تكون جارة تركيا منظمة تتكون من قتلة يقطعون الرؤوس ويغتصبون النساء والحكومة والدولة التركية لا تقوم بأي شيء».
وأكدت تونجال أنه «إذا سقطت كوباني بيد داعش فإن عملية السلام في تركيا ستؤول إلى الفشل لأن الكردي في المدينة لا يختلف عن الكردي في تركيا فجميعهم أقارب وإخوة وما يصيب أهلها يصيب أهل دياربكر». وأضافت: «بالنسبة لنا إذا أراد حزب العدالة الاستمرار في عملية السلام فإنه يجب أن يعلن عن فسخ جميع الاتفاقيات التي أبرمها مع داعش ويقوم بالاتفاق مع الأكراد في جبهة قتال واحدة للقضاء على داعش، وقتها ستستمر عملية السلام». وكان مراد كارايلان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، رأى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يخطط لسقوط بلدة «كوباني»، في أيدي تنظيم «داعش» الإرهابي، موضحًا أنه أصدر قرارًا بشن حرب جديدة مثلما حدث عام 2011.
وحذر في تصريح نشرته وكالة الفرات للأنباء، القريبة من «الكردستاني» من أن السياسات التي تتبعها الحكومة التركية تجاه كوباني خطيرة جدًا، قائلا: «إن إردوغان يفكر في التدخل في اللحظة الأخيرة، وإنه يخطط لسقوط البلدة بالفعل، وبهذا يكون قد شن حربًا جديدة ضد الشعب الكردي، مثلما فعل عام 2011». وشدد كارايلان على أهمية زيادة الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة لبلدة كوباني في كل مكان. وفي المقابل، قال رئيس البرلمان التركي جميل جيجك إنَّ مساهمة بعض السياسيين في تأجيج أحداث الشغب التي وصلت لدرجة العدوان داخل تركيا، تعدُّ استهتارا كبيرا، وعد أنه من الخطأ نقل الاشتباكات التي تحدث خارج تركيا إلى داخلها، لزعزعة الأمن والاستقرار الذي ينعم به الشعب التركي. وأضاف جيجك في بيان أصدره، أن «تركيا أظهرت كل الود والاحترام للشعب السوري، ووقفت إلى جانبه وأعانت المتضررين من الحرب، واستضافت نحو مليوني لاجئ من سوريا والعراق، وأنفقت مليارات الدولارات، ويجب ألا تقابل الجهود التي بذلتها تركيا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بتحويل أحيائها إلى برك دماء».
وانتقد نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورطولمش، دعوات حزب الشعوب الديمقراطي إلى النزول للشوارع للتظاهر على خلفية التطورات الحالية في مدينة عين العرب (كوباني) السورية، داعيا إياهم إلى التخلي عن «تغييب العقلانية». وشدد على أنه «لا يحق لأحد زعزعة أجواء الاستقرار في تركيا، بالتذرع بتطورات حاصلة خارج البلاد». وبدوره قال زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، كمال كلجدار أوغلو، إنَّ «الشعب التركي بات متخوفا على مستقبل البلاد، ونحن حذرنا الحكومة من الانزلاق إلى مستنقع الشرق الأوسط، وطلبنا منها مرارا إعادة النظر في سياستها الخارجية». وأضاف كلجدار أوغلو: «نحن أدرنا وجهتنا نحو الحضارة باتجاه الغرب، وبالتأكيد لن ندير ظهورنا للشرق الأوسط، فثمة أقرباء لنا هناك، فعلينا ألا نرسل جنودنا إلى مستنقع الشرق الأوسط». ودعا المواطنين الأكراد إلى التعقل، وعدم الانجرار إلى دعوات التحريض، متهما حزب العدالة والتنمية الحاكم بتحويل شوارع تركيا إلى برك دماء. وأشار إلى مشكلات تعاني منها الحكومة، قائلا: «الحكومة التي تعاني من أزمات، لا يمكن لها أن تحل مشكلات البلاد، فعليها أولا الخروج من مشكلاتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.