العقاريون ينقسمون حول جدوى فرض ضريبة على الأراضي البيضاء في السعودية

مستقبل العقار بانتظار القرار الشرعي لرسومها اليوم

تنتشر الأراضي البيضاء وهي تلك التي تكون داخل المدن وبمساحات كبيرة في العاصمة الرياض وجدة والدمام بالدرجة الأولى («الشرق الأوسط»)
تنتشر الأراضي البيضاء وهي تلك التي تكون داخل المدن وبمساحات كبيرة في العاصمة الرياض وجدة والدمام بالدرجة الأولى («الشرق الأوسط»)
TT

العقاريون ينقسمون حول جدوى فرض ضريبة على الأراضي البيضاء في السعودية

تنتشر الأراضي البيضاء وهي تلك التي تكون داخل المدن وبمساحات كبيرة في العاصمة الرياض وجدة والدمام بالدرجة الأولى («الشرق الأوسط»)
تنتشر الأراضي البيضاء وهي تلك التي تكون داخل المدن وبمساحات كبيرة في العاصمة الرياض وجدة والدمام بالدرجة الأولى («الشرق الأوسط»)

ترقبات حذرة تسود القطاع العقاري في السعودية بعد عودة ملف فرض رسوم مالية على الأراضي البيضاء إلى الواجهة من جديد، حيث حولت وزارة الإسكان الملف - مؤخرا - إلى الجهات الدينية للبحث فيه ودراسته شرعا، ومن ثم رفعه إلى المقام السامي لاعتماده رسميا، مما يعني أن مستقبل العقار وأسعاره أصبحت بيد هيئة كبار العلماء وهي الجهة الدينية الأعلى في البلاد، والمقرر أن يكون اليوم، وسيتحول القطاع العقاري بعد القرار إلى حالة جديدة بعد الإقرار، أو البقاء على حالة التخبط والارتفاع في حال رفضت الهيئة الملف.
وانقسم العقاريون السعوديون حول جدوى قرار فرض رسوم على الأراضي، ومدى تأثيره على الحال العقاري والسوق، فمنهم من أكد أن القرار سينعكس سلبا على أسعار العقار، وأن المستهلك سيدفع هذه الضريبة عند الشراء في نهاية المطاف، وأن الأمر لا يعدو كونه تكاليف إضافية سيتحملها المواطن ولن يتحملها التاجر، وآخرون أكدوا أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يعد الورقة الأكثر تأثيرا على المستثمرين، خصوصا الذين يمتلكون ملايين الأمتار والمخططات الكبيرة، إذ إنهم لن يتحملوا الضريبة، وبالتالي انخفاض الأسعار في محاولة لترويج معروضاتهم التجارية.
وأكد ياسر الهبدان الخبير العقاري، أن إصدار قرار يقضي بمنع امتلاك أراضي الفضاء لفترة زمنية طويلة، على سبيل المثال خمس سنوات كحد أقصى، خصوصا ذات المساحات الشاسعة، أمر أساسي من شأنه أن يخفض الأسعار بشكل كبير وملموس، لافتا إلى أن الحد الأدنى من الانخفاض سيصل إلى الثلث.
وأضاف أن «مخططات بكاملها متوقفة منذ سنوات طويلة بسبب تعنّت أصحابها، مما يحرم البلد من مساحات من المفترض أن تستغل ويبنى عليها وحدات سكنية، تمكّن المواطنين من السكن فيها بأسعار يستطيعون توفيرها أو تقسيطها، وأنه من غير الممكن أن يدفع مواطن بسيط 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) من أجل الاستقرار»، مبينا أن مشروع المنزل يعد من أصعب المشاريع التي تواجه المواطنين.
وحول أصداء فكرة فرض رسوم على الأراضي البيضاء، أكد الهبدان أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء فكرة ممتازة، شرط أن تراقب الأسعار لجان متخصصة لمنع تحميل المواطنين الرسوم المدفوعة عبر زيادة الأسعار بصورة أكبر مما هي عليه، أو حتى ارتفاع قيمة أدوات البناء والتشييد التي لامست مستويات كبيرة من الزيادة هي الأخرى.
وكانت وزارة الإسكان السعودية قد أصدرت آلية لتوزيع المنازل والمساكن على المواطنين المحليين، حيث شهد القطاع العقاري ابتعادا كبيرا عن الطلب نتيجة فتح «الإسكان» فكرة الدعم الإسكاني، الذي يتيح للمواطنين التملك عبر مشاريع حكومية غير ربحية وذات مواصفات ممتازة، في ظل ارتفاع قيمة العقار.
وفي صلب الموضوع، حذّر محمد السعيدان المستثمر العقاري، من تبعات تطبيق القرار، حيث إن المواطن سيتحمل هذه التكلفة لا محالة، ضاربا المثل برسوم الـ2400 التي طبقتها وزارة العمل، وانعكست سلبا على ارتفاع نسبة التضخم، لافتا إلى أن القطاع العقاري قطاع حساس يتأثر بشكل سريع بالقرارات المحيطة به.
واستبعد أن يكون هناك انعكاس إيجابي بانخفاض وشيك في الأسعار، إذ إن المستثمر من المستحيل أن يكون هو المتضرر في هذا الأمر، لأن أملاكه بين يديه، وفي حال رغبته في البيع فإنه سيحمّل المشتري جميع التكاليف التي دفعها، لافتا إلى أن هذا الأمر ليس جديدا، وأن التاجر المحلي لا يتحمل أي قرار أو رسوم تفرض عليه، وأن المستهلك هو الضحية دائما.
وعن الطريقة البديلة للضغط على أسعار العقار، قال السعيدان «إن السوق العقارية السعودية تحتاج إلى ضغط وعقوبات صارمة من قبل الحكومة على المزايدين، وأن فرض قرارات حازمة تجاه السوق أمر مهم من أجل ضبط الأسعار وإعادتها إلى طبيعتها، وهو أجدى من أن تدخل الحكومة بأموال طائلة من أجل شراء وحدات سكنية أو تطوير أراض بيضاء بأسعار مرتفعة».
ولفت إلى أن السوق خلال السبع سنوات الأخيرة، وبالتحديد بعد النكسة الشهيرة للأسهم السعودية، ارتفعت قيمتها بما يزيد على 60 في المائة، نتيجة المزايدات وتدوير التجار العقارات فيما بينهم، وهذا السبب من أكثر الأسباب التي أثرت على ارتفاع قيمة العقار، وأن القيمة الحقيقية للقطاع العقاري هي أقل من نصف الأسعار المفروضة الآن، مما يعني أن السوق تحتاج إلى قرارات صارمة وليس دفع أموال ليست من صالح أحد سوى الجهة التي ستقبض الرسوم.
يذكر أن موضوع فرض رسوم على الأراضي البيضاء قضية تناقش وتدرس من حين لآخر، إلا أنها عادت بقوة مع وصول أسعار العقار إلى مستويات قياسية لم يسبق لها مثيل، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى ضخ مئات الآلاف من الوحدات السكنية المخفضة لسد العجز الحاصل، نتيجة ارتفاع أسعار قطاع العقارات الاستثمارية التي تقود التضخم في المملكة، مما يعكس مشكلة حقيقية يعيشها السوق، وهي شح الأراضي بسبب تعنت بعض التجار الذين يوقفون مخططات كاملة وبمساحات خيالية من أجل الحفاظ على ندرة الأراضي، مما يضمن بقاء الأسعار مرتفعة، ويسعى قانون فرض الضريبة إلى تحطيم هذه السياسة.
من جهته، أبان تركي الدباس الذي يمتلك شركة تطوير عقاري، أن قانون فرض الرسوم على الأراضي البيضاء يعد من أكثر القرارات وجعا لمحتكري الأراضي ويضرب في الصميم، لذلك يروّج وبقوة أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات سلبية على الأسعار، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق نظرا لتخوفهم من دفع رسوم سنوية للدولة بملايين الريالات، تجبرهم على ضخ مخططاتهم في السوق للحفاظ على رأس المال.
واقترح أن تكون الرسوم مختلفة بحسب امتلاك الشخص للمساحات، فكلما كبرت المساحة زادت القيمة، لإجبار المتعنتين النائمين على مئات الآلاف من الأمتار منذ عقود طويلة، على التخلي عنها وزيادة ميزان العرض، مما يجبر الأسعار على الانخفاض، مستشهدا ببعض المخططات التي تقع وسط المدن ولم ينشأ على أراضيها أي مشروع سكني منذ أن خلق الله الأرض، مما يوضح مدى استفحال الموضوع لدرجة لا يجب السكوت عنها.
وعبّر الدباس عن تفاؤله الشديد بهذا القرار، بشرط أن يطبّق على الجميع بمساواة كاملة، وألا يستثنى أحد من هذا القرار مهما كانت قوته ونفوذه، للخروج من الأزمة الحقيقية التي يعيشها القطاع العقاري السعودي، الذي يعيش أياما عصيبة ومختلفة عن جميع دول العالم، التي تحدد الأسعار فيها بحسب العرض والطلب، بعكس القطاع العقاري السعودي الذي يسير إلى المجهول، فكيف بقطاع يشهد إقبالا منخفضا أن ترتفع أسعاره في نفس التوقيت.
يشار إلى أن القطاع العقاري السعودي يسير فعلا بطريقة غير مفهومة، ففي الوقت الذي يقل الطلب فيه إلى مستويات كبيرة نتيجة ارتفاع الأسعار، تجد التجار يقاومون ذلك بزيادة أخرى في الأسعار لإثبات أن السوق قوية وتعيش حالة مطردة في العرض والطلب، لذا فإن وجود قرارات قاسية تجاه المتلاعبين مثل فرض رسوم على الأراضي البيضاء، أهم من دخول الحكومة كشريك في التطوير العقاري، فغياب الرقابة والتشهير والعقاب أسهم في تزايد التلاعب في السوق لدرجة أنها تخالف القوانين الاقتصادية العالمية، وأصبح الموضوع شبه تحدٍّ بين المستثمرين والمواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في مساكن مستأجرة، نتيجة التلاعب الحاصل في القطاع الذي تغيب عنه الرقابة تماما.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».