التحالف السني: لن نقبل المشاركة في الحكومة إلا إذا كان هناك تغيير جوهري

سليم أكد لـ {الشرق الأوسط} أن كتلة المالكي تحاول عرقلة جهود العبادي لتشكيل الحكومة

نبيل سليم («الشرق الأوسط»)
نبيل سليم («الشرق الأوسط»)
TT

التحالف السني: لن نقبل المشاركة في الحكومة إلا إذا كان هناك تغيير جوهري

نبيل سليم («الشرق الأوسط»)
نبيل سليم («الشرق الأوسط»)

قال نبيل محمد سليم، القيادي في كتلة «متحدون» بزعامة أسامة النجيفي، والتي شكلت تحالف القوى العراقية (سني)، إن «مفاوضات جرت الليلة قبل الماضية مع التحالف الوطني (شيعي) لتشكيل الحكومة لم تتوصل إلى نتائج ملموسة بعد أن شعرنا أن هناك تسويفا في بعض مطالبنا»، مشيرا إلى أن «التحالف الوطني متمسك بوزارة الدفاع التي طالبنا بأن تكون من حصة تحالفنا كونهم (الشيعة) فشلوا في إدارة هذه الوزارة وأخفق الجيش العراقي بأداء واجبه في حماية المدن العراقية ضد (داعش)». وقال إن «التحالف الوطني يريد أن يأخذ الوزارات التي يعتقد أنها تناسبه ويترك للآخرين ما يتبقى منها».
وقال سليم في حديث لـ«الشرق الأوسط» في بغداد أمس، إن كتلة «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها «تحاول وضع العصي في دواليب تشكيل الحكومة من أجل إفشال المفاوضات وعرقلة مساعي حيدر العبادي لتشكيل الحكومة، معتقدين أن المفاوضات إذا فشلت فقد تعود الأمور إليهم، وقد يكلف المالكي بتشكيل الحكومة»، مشيرا إلى أننا «سمعنا بالبداية وعودا ووجدنا العبادي منفتحا على طلباتنا ومتفهما لها».
وأضاف قائلا: «لن نقبل المشاركة في حكومة إلا إذا كان هناك تغيير جوهري في سياساتها»، مشيرا إلى أن «كل كتلة داخل تحالفنا تبحث عن وزارات معينة ونحن نحاول قدر الإمكان تنصيب وزراء أكفاء يحققون تغييرا ملموسا، حيث إن نجاح هذه الوزارات هو نجاح للكتلة التي يمثلونها، والمرجعية الشيعية حثت على عدم إعادة تعيين وزراء فشلوا في الحكومة السابقة بأداء واجباتهم».
وأقر بوجود «تأثير أميركي قوي باتجاه تشكيل الحكومة في موعدها الدستوري على أن تضم جميع مكونات الشعب العراقي، ونحن نعرف إذا أرادت الولايات المتحدة تحقيق أي تغيير فهي قادرة».
وأوضح سليم، وهو أستاذ في العلوم السياسية بجامعة بغداد أن «تحالف القوى العراقية ضم بعض الكتل التي لم تكن منضمة في ائتلاف كبير، ويضم الكتلة العربية بزعامة صالح المطلك والحزب الإسلامي وبعض الكتل السياسية السنية والتي تعكس مطالب بعض المحافظات التي تعاني من إشكالات وغالبية سكانها من العرب السنة، وتتبنى مطالب السنة ليس دفاعا عن حقوقهم دون تبني أو تدافع عن الآخرين، ومطالبها ومنطلقاتها وطنية لأن صفة الوطنية تكاد تكون مفقودة في البلد»، مشيرا إلى أن «هناك تنسيقا مع ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، ونحن طرحنا عليهم الانضمام لتحالفنا، لكنهم فضلوا العمل منفردين مع التوحيد في المواقف، إذ إن المطالب تكاد تكون واحدة، وهناك تنسيق مع التحالف الكردستاني ومع كل الأطراف التي تضررت من سياسات الحكومة المنتهية ولايتها»، معبرا عن اعتقاده أن «هذه المحافظات إذا لم تأخذ حقوقها ولن يحدث توازن فلن نحقق أي شيء ملموس».
وعن مطالب تحالفهم، قال القيادي في كتلة «متحدون»: «هناك مطالب عاجلة وهي أن يتوقف القصف العشوائي على الأنبار والفلوجة والموصل والذي طال المناطق السكنية والمستشفيات والبنى التحتية من دون أن يحقق هذا القصف أي نتائج ضد المسلحين، وحرب مثل هذه لا تصل إلا أي أهداف ولا بد من احترام أرواح وممتلكات المدنيين في النزاعات، وطالما أنه لم تكن هناك نتيجة فيفترض أن تتغير الاستراتيجية وهناك إحساس في الشارع العراقي بأن العملية مقصودة بتدمير هذه المدن وقتل سكانها أو تهجيرهم وتحويلها إلى مناطق فقيرة، واليوم عندنا مئات الآلاف من النازحين الذين تركوا مدنهم بسبب القصف وليس بسبب وجود المسلحين ولو ترك معالجة الأمر بأيدي سكان هذه المحافظات لكانت النتائج أفضل مما هي عليه»، منوها بأن «المطلب الثاني هو لا بد أن يكون هناك توازن في مؤسسات الدولة وهذا الموضوع اشتغلنا عليه منذ سنوات وقطعنا شوطا كبيرا فيه وكان لا بد أن يطبق من قبل الحكومة، لكنها (الحكومة) افتعلت أزمات وتلكأت في تطبيقه، وبالتالي من دون هذا التوازن، وخصوصا في المؤسسات الأمنية لا يمكن أن تحل أي إشكالات، ناهيك بالمشاركة في القرارات السياسية والأمنية والاقتصادية المهمة، فهناك من ينظر إلينا باعتبارنا أقل حجما وحتى عندما نكون في المعارضة فهذا لا يعني عدم إشراكنا في القرارات التي تهم البلد وبالطبع هذا لم يحصل على الإطلاق، وأيضا من مطالبنا تشكيل قوة تتولى إخراج المسلحين من المدن خاصة في محافظتي نينوى والأنبار، بشرط أن تكون هذه القوى قانونية وتحت إشراف الجيش، لكننا لا نقبل الآن دخول الميليشيات أو الجيش الذي انهزم أمام المسلحين لسبب أساسي، وهو أن الذي حدث في الموصل والأنبار هو رد فعل ضد الجيش وتصرفاته في هذه المدينة ومدن أخرى وعلى مدى سنوات طويلة من قمع واضطهاد وإساءة معاملة وانتهاكات لحقوق الإنسان في هذه المحافظات التي لم تعد تبالي بوجود الجيش من عدمه لأن الأهالي كانوا يفكرون وبشكل جمعي للتخلص من هذه التصرفات».
وبرر سليم، الذي ينحدر من مدينة الموصل تصرف أهالي محافظة نينوى بعدم مقاومة «داعش» قائلا: «هم لم يدعموا (داعش) مثلما أشيع، لكنهم لم يقاوموهم أسباب مهمة، منها أن الجيش بكل عديده وعدته انسحب، وأن المسلحين جاءوا مدربين ومجهزين جيدا، وكانت هناك تقارير دائمة من قبل الحكومة المحلية في نينوى تفيد بأن الأمور تتطور سلبيا، وأن هناك خلايا نائمة إلى جانب وجود مسلحين في الموصل، لكن لم يكن هناك اهتمام من الحكومة المركزية، ولهذا حصل ما حصل، وكان الجيش واحدة من الأدوات التي اضطهدت واعتقلت الناس وتبتز أهاليهم وتفرج عنهم مقابل أموال، وكان هناك فساد كبير عند بعض قادة الجيش ومراتبه، وهذا انعكس بشكل سلبي في العلاقة ما بين الجيش والناس ونحن نحمل الحكومة (المنتهية ولايتها) والجيش مسؤولية دخول (داعش) للموصل، إذ لا يعقل وجود أكثر من أربعة فرق عسكرية وتعدادهم أكثر من 60 ألف ضابط وجندي لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد (داعش) الذين لم يكن عددهم في البداية يتجاوز الـ600 فرد».
وأكد سليم قائلا: «نحن مصرون على أن يكون تمثيلنا في العملية السياسية 40 في المائة لأننا متيقنون بأن حجم المكون السني العربي في المحافظات السنية وببغداد لا يقل عن هذه النسبة إن لم يكن أكثر، وهذا الكلام ليس رجما في الغيب، بل لدينا إحصائياتنا الخاصة، إضافة إلى تصريحات سابقة للدكتور مهدي الحافظ عندما كان وزيرا للتخطيط واعتمادا على البطاقة التموينية التي تعد كمعيار يعتمد عليه تفيد بأن نسبة العرب السنة في العراق أكثر من 40 في المائة».
وقال: «هناك مطالب تتعلق بالعفو العام وإلغاء قانون المسائلة والعدالة (اجتثاث البعث) وحتى الآن هناك تجاوب من بعض أطراف التحالف الوطني، وهناك أطراف أخرى، وأعني كتلة (دولة القانون) لا تتجاوب مع مطالبنا». وأضاف: «إننا عندما نطالب بالعفو العام لأن هناك مئات الآلاف من المعتقلين بسبب الشبهة وتقارير المخبر السري دون ذنب، وإلصاق التهم التي تتعلق بالإرهاب بمكون معين (السني) أو بسياسيين ناشطين لمجرد أنهم معارضين لسياسات الحكومة، وهذه كلها تحتاج لإعادة نظر جدية لإعادة الثقة بين المواطن والحكومة من جهة وما بين المكونات أنفسها، وخاصة أن الثقة بين المكونات انهارت تماما بسبب السياسات السابقة».
وحول مطالبتهم بإطلاق سراح سلطان هاشم، وزير الدفاع بعهد صدام حسين، قال: «نرى أنه لا يمكن محاكمة سلطان هاشم، وهو ضابط عسكري، بسبب قرار سياسي والمعلومات وشهادات كبار الضباط تؤكد أنه رجل وطني ومهني محترف وله مواقف تشهد لها إنجازاته وهو لم يخطأ بشيء، وكان يحارب دفاعا عن الوطن والشعب ولا يمكن أن يحاسب لهذا السبب».
وفيما يتعلق بالخروقات الأمنية التي حدثت في عهد حكومة المالكي، قال سليم: «ليست لدينا الصلاحية لتجاوز الحقوق التي ترتبت بسبب ممارسات الحكومة السابقة اتجاه المدنيين في كل المحافظات، سواء الشمالية أو الغربية أو الجنوبية أو الشرقية، وكلها عانت بدرجة أو بأخرى، هذا أولا. ثانيا، إن الحكومة هي المسؤولة عن موضوع الأمن بشكل أساسي، وكان عليها أن تستقيل أو تغير سياستها الأمنية عندما فشلت. ثالثا، إذا تركنا الأمور على الغارب ومن دون حساب فسوف نشجع الآخرين على خرق القوانين والاستهانة بأرواح الناس، والمحاسبة تكون على أساس سياسات وأخطاء اقترفت ويمكن أن تجري بشكل عادل وأمام الرأي العام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».