محادثات بين الحكومة والمعارضة تنعش الآمال بإنهاء المأزق السياسي في باكستان

نواز شريف يلبي كل مطالب خصومه ويتشدد في بند التنحي

الزعيم السياسي المعارض عمران خان يتحدث إلى أنصاره في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
الزعيم السياسي المعارض عمران خان يتحدث إلى أنصاره في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

محادثات بين الحكومة والمعارضة تنعش الآمال بإنهاء المأزق السياسي في باكستان

الزعيم السياسي المعارض عمران خان يتحدث إلى أنصاره في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
الزعيم السياسي المعارض عمران خان يتحدث إلى أنصاره في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)

أجرى قادة احتجاجات تطالب باستقالة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف محادثات مع الحكومة أمس مما أنعش الآمال في إيجاد حل سياسي للأزمة التي زعزعت استقرار بلد يشهد الكثير من الانقلابات العسكرية. واتخذت احتجاجات مناهضة للحكومة منحى دمويا مطلع الأسبوع الحالي فيما حاول الآلاف اقتحام منزل شريف في أعمال عنف فجرت مخاوف من أن يتدخل الجيش القوي وربما يطيح بشريف.
لكن بحلول أمس كان الموقع الذي يعتصم فيه المحتجون خاليا تقريبا ولم يحضر سوى بضع مئات تجمعوا تحت الأمطار الغزيرة. وبعد مأزق استمر أسابيع أجرى زعيما الاحتجاجات عمران خان نجم الكريكت السابق ورجل الدين طاهر القادري محادثات مع مسؤولين في الحكومة لإيجاد حل سياسي. وتدور المفاوضات حول ستة مطالب قدمها خان تشمل استقالة رئيس الوزراء وإجراء انتخابات مبكرة وإجراء إصلاحات انتخابية. وقال شريف للبرلمان «إننا نتحدث مع المحتجين ودوافعهم واضحة للعيان».
ولم يبد القادري وخان مرونة بشأن مطلب استقالة شريف، كما لم تتضح على الفور طبيعة الحل الذي قد يرضي جميع الأطراف، إلا أن تكهنات سادت في إسلام آباد أمس بأن المعارضة قد تتخلى عن مطلبها باستقالة شريف وتتفق على إنهاء حملتها ضد الحكومة. وأبقى قادة الاحتجاجات على موقفهم في العلن. وقال الوزير إحسان إقبال من الحزب الحاكم إن «الحكومة قبلت خمسة من ستة مطالب»، مضيفا أن المطالب السادس «غير منطقي وغير قابل للتفاوض»، في إشارة إلى استقالة رئيس الوزراء.
وأثارت أعمال العنف في العاصمة التي عادة ما تتسم بالهدوء مخاوف الكثيرين في بلد تتغير فيه السلطة عادة بالانقلابات العسكرية وليس الانتخابات. واتهم بعض مسؤولي الحزب الحاكم الجيش بتأجيج العنف كوسيلة للإطاحة بشريف أو ممارسة نفوذ عليه. ونفى الجيش تدخله في الشؤون المدنية قائلا إنه يلتزم الحياد ودعا لحل سياسي. ويعتقد بعض المراقبين أن الجيش يسعى للاستيلاء على السلطة مجددا لكن حتى إذا صمد شريف ستضعف قوته ويصبح موقفه ضعيفا أمام الجيش في قضايا الأمن والسياسة الخارجية.
وفي شأن ذي صلة، قال مسؤولون حكوميون أمس إن 73 شخصا على الأقل لقوا حتفهم بسبب الأمطار الغزيرة التي سقطت في أنحاء متفرقة من البلاد، مشيرين إلى أن العدد الأكبر من القتلى سجل في لاهور، معقل نفوذ رئيس الوزراء، مما أضر كثيرا بموقفه بعد أسابيع من الاحتجاجات المطالبة بتنحيه. وتسببت السيول في انهيار الكثير من المنازل خصوصا في إقليمي البنجاب وكشمير.
وفي ظل أزمة سياسية دخلت أسبوعها الثالث انصرف اهتمام الناس إلى الدمار الذي ألحقته السيول وعرضت قنوات التلفزيون صورا لقرى وبلدات غمرتها المياه والوحل. وقال نصار ساني وهو مدير في سلطة إدارة الكوارث في البنجاب «معظم المتوفين في البنجاب وعددهم 43 شخصا لقوا حتفهم بسبب انهيار أسقف منازلهم». وأصدرت السلطات تحذيرات من السيول في مختلف أنحاء باكستان. وقال خواجة عمر رشيد وهو متحدث باسم سلطة إدارة الكوارث في كشمير «إننا نتأهب للمزيد من الوفيات مع توقع هطول المزيد من الأمطار».



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».