استبعد اقتصاديون ومختصون في الشأن المصرفي، أن تدخل المصارف المتوسطة والصغيرة العاملة في السعودية أو منطقة الخليج، في تحالفات لتقوية قدراتها المالية في الفترة الحالية للاستفادة من النمو الاقتصادي.
وأرجع المختصون عزوف كثير من هذه المصارف، إلى عدم جاهزية العائلات المالكة لحصص في تلك المصارف أو البنوك، والتباين في ثقافة هذه البنوك، وصعوبة عملية الدمج؛ نظرا لهيكلة الملكية، التي ستتغير وتختلف فيها نسب الحصص بين هذه الأسر، الأمر الذي سيتسبّب في تراجع حصص بعض الأسر في حال دخلت هكذا تحالفات.
وفي سياق متصل، لفت المختصون إلى أن البنوك السعودية قادرة على تمويل المشاريع الكبرى التي تنفذها جهات شبه حكومية، والتي تجاوزت مع نهاية النصف الأول من العام الحالي 34 مليار دولار، لمشاريع متنوعة في قطاع الكهرباء والصناعة والبنى التحتية، وذلك من خلال التمويل الجزئي، أو شراء الصكوك التي تصدرها بعض الجهات وتحول إلى المحافظ الاستثمارية في تلك البنوك.
ولمح المختصون إلى ضرورة أن تغير مؤسسة النقد العربي السعودي قناعاتها حول الاكتفاء بالبنوك العاملة في السوق المحلية، خاصة مع ارتفاع النمو الاقتصادي الذي تسجله السعودية خلال هذه الفترة، وإصدار تراخيص جديدة للجهات الراغبة في دخول السوق المحلي، مقارنة بما هو معمول في عدد من دول الخليج.
وقال سعيد الشيخ، النائب الأول لرئيس «البنك الأهلي» وكبير الاقتصاديين، لـ«الشرق الأوسط»، إنه من الصعب أن تدخل المصارف أو البنوك المتوسطة أو الصغيرة تحالفات خلال الفترة الحالية على أقل تقدير، وذلك يعود للوضع الاقتصادي الجيد الذي تعيشه السعودية، كما أن هناك حالة من النمو يقابلها نمو في السيولة وطلب على المنتجات، وهذه الظروف توجد مكانا لبقاء هذه المصارف في السوق المحلية، مع وجود فرص واعدة تستفيد منها.
وأشار إلى أن الإجراءات والخطوات التي تتبعها مؤسسة النقد العربي السعودي للمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي، من خلال الضوابط والإشراف، وتحديدا بعد الأزمة المالية العالمية؛ التي أصبحت هذه المصارف بسببها متحفظة، إضافة إلى أنها طوّرت مقدرتها على عملية إدارة المخاطر، فيما عملت هذه المصارف على تطوير دوائر المراجعة في أجهزتها، وهو ما يرجح عدم الخوض في المدى المنظور للدخول في تحالفات مباشرة.
وأكد النائب الأول لرئيس «البنك الأهلي»، أن الكثير من الأسر تمتلك حصصا في هذه البنوك، ويكون هناك تباين في ثقافة هذه البنوك، ما يصعب عملية الدمج، نظرا لهيكلية الملكية، التي ستتغير بتغير الهيكلة، وقد لا تكون هذه الأسر مستعدة للدخول في الاندماج بالوقت الراهن.
وحول قدرة البنوك على تمويل المشاريع التي تشهدها البلاد، قال الشيخ «إن البنوك السعودية أثبتت قدرتها على تمويل المشاريع، وعلى سبيل المثال ما قامت به في العام الماضي عندما أرسيت مشاريع من الحكومة والقطاع الخاص بنحو 79 مليار دولار ونجحت البنوك في حينه بتمويل كثير من هذه المشاريع».
وأضاف أن النصف الأول من العام الحالي بلغ حجم المشاريع التي أرسيت على القطاع الحكومي أو الخاص، قرابة 34 مليار دولار، في كافة المجالات، وتسهم البنوك في المشاريع التي تطرح من جهات شبه حكومية، موضحا أن بعض الجهات التي تطرح المشاريع تصدر صكوكا بتمويل جزء من المشروع، ومن ثم تشترى هذه الصكوك من قبل البنوك وتحال للمحافظ الاستثمارية، وهو ما يجعل البنوك قادرة على تمويل المشاريع، ولديها السيولة المالية، إلا أنها لا تفضل تمويل كامل المشروع تحسبا من أي مخاطر.
وأردف النائب الأول لرئيس «البنك الأهلي»، أنه رغم النمو الاقتصادي لا يزال عدد البنوك قليلا مقارنة بحجم الاقتصاد السعودي، مقارنة بما يوجد من بنوك في دول خليجية اقتصادها أقل بكثير من الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أنها وجهة نظر مؤسسة النقد في عدم الترخيص لبنوك أخرى، وترى أن هناك اكتفاء، وأن هذه البنوك قادرة على الوفاء باحتياجات النشاط الاقتصادي، وقد لا يكون ذلك صحيحا مع النمو الاقتصادي، إلا أنها وجهة نظر مؤسسة النقد.
ووفقا لأنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي، يحظر على البنوك أن تقدم قرضا أو أن تمنح أي تسهيلات ائتمانية، أو تقدم كفالة أو ضمانا، أو تحمل أي التزام مالي آخر لصالح أي شخص طبيعي أو اعتباري بمبالغ يتجاوز مجموعها 25 في المائة من مجموع احتياطيات البنك ورأسماله المدفوع أو المستثمر.
وتعمل مؤسسة النقد من خلال الإدارة العامة للرقابة على البنوك، على تطوير وإصدار السياسات الخاصة بالقطاع البنكي ولوائح وأنظمة منح التراخيص، كذلك تنظيم عمليات الدخول إلى القطاع البنكي وإصدار التراخيص ومراجعة الطلبات الأخرى، ومنها: طلبات فتح الفروع، وتعيين المسؤولين وتقديم المنتجات الجديدة، مع إصدار التوصيات للإدارة العليا في هذا السياق.
وهنا عاد سعيد الشيخ للقول «إن محفظة الديون في البنوك شهدت ارتفاعا ونموا من عام 2010، وتجاوزت 1.1 تريليون ريال، أي ما يعادل 266 مليار دولار، وانخفضت نسبة الديون المتعثرة مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية»، موضحا أن المحفظة الإقراضية والاستثمارية في البنوك أكثر جودة الآن مما كانت عليه في السابق.
من جهته، يرى مروان الشريف، الخبير الاقتصادي، أن عودة الأموال المهاجرة ستدعم الاقتصادي السعودي، إلا أنه من الصعب معرفة حجم هذه الأموال ما لم تكن تلك المبالغ كبيرة، وذلك بسبب حركة الأموال من الداخل للخارج والعكس، موضحا أن الكثير من المستثمرين تأتي أموالهم من خلال أنشطتهم الداخلية، وتحول إلى قطاع العقار أو الأسهم.
وأضاف أن النمو الاقتصادي الذي تشهده السعودية، يدفع الكثير من المستثمرين السعوديين والأجانب للدخول فيه، وهذا ينعكس بالإيجاب على البنوك من خلال ارتفاع الودائع والحسابات الحالية، ومع هذا النمو لا بد من أن تصدر مؤسسة النقد العربي السعودي تصاريح جديدة للبنوك الراغبة في دخول السوق.
مختصون: حصص «العائلات» في المصارف الخليجية تمنعها من الاندماج
أكدوا أن البنوك السعودية قادرة على تمويل المشاريع لكن على «ساما» تغيير سياستها التحفظية حول دخول بنوك جديدة

مختصون: حصص «العائلات» في المصارف الخليجية تمنعها من الاندماج

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة