المساعدات السعودية إلى لبنان.. طريق التعافي

من رعاية اتفاق الطائف 1989 إلى دعم مؤسسات الدولة والجيش بمليارات الدولارات

المساعدات السعودية إلى لبنان.. طريق التعافي
TT

المساعدات السعودية إلى لبنان.. طريق التعافي

المساعدات السعودية إلى لبنان.. طريق التعافي

ليس إعلان المملكة العربية السعودية عن تقديم هبة المليار دولار للجيش اللبناني، مطلع الشهر الحالي، إلا استكمالاً لمسيرة طويلة من المكرمات الملكية التي دعمت استقرار لبنان، وساعدته على تجاوز المحن التي عاناها نتيجة الحروب الإسرائيلية المتكررة عليه، منذ عام 1978 حتى عام 2006، ونتيجة الاقتتال الداخلي الذي انتهى برعاية المملكة العربية السعودية لاتفاق الطائف في عام 1989.
تلك المساهمات، وكان آخرها مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعم الجيش اللبناني بمليار دولار لتسليحه، بعد هبة المليارات الثلاثة التي كان أعلن عنها قبل أشهر قليلة، تؤكد أهمية المساعدات السعودية لحماية استقرار لبنان، إذ لعبت السعودية، دوراً كبيراً ومحورياً في مساعدة لبنان في كل مراحل أزماته التي بدأت بالاشتداد منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، إبان الحرب اللبنانية، ولا تزال مستمرة حتى الآن، متخذة أشكالاً مختلفة يُكوى اللبنانيون بنيرانها الملتهبة.
لم يكن اتفاق الطائف، وهو الاسم الذي تعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، مجرد ورقة، جرى التوقيع عليها في 30 سبتمبر (أيلول) 1989، بين الأطياف اللبنانيين، بل تعد المرجعية الأولى التي يستند إليه اللبنانيون، كمرجع نهائي لوفاقهم الوطني، وسلمهم الأهلي، بعد الحرب الأهلية التي استمرت قرابة 15 عاما.
ويؤكد فؤاد السنيورة، رئيس الوزراء الأسبق، ورئيس كتلة المستقبل النيابية، لـ«الشرق الأوسط»، أنه من دون المساعدات السعودية في أكثر من مناسبة، «لما استطاع لبنان، أن يتجاوز المحن التي وقع فيها في مواجهة العدوان الإسرائيلي وإزالة آثاره في عام 1982، وكذلك أيضا بالنسبة للعدوان الإسرائيلي في عام 2006، وهي أيضا كانت مبادرة في العمل الجاد من أجل تعزيز قدرة لبنان على مواجهة الإرهاب، وأخطاره في عام 2014».
ويضيف: «مبادرة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز شخصياً، دعمت سيادة واستقلال لبنان وسلمه الأهلي وعيش أبنائه المشترك، حيث وقفت المملكة دون تردد إلى جانب لبنان، وفي كل المناسبات والأوقات التي احتاج فيها لبنان للمساعدة، وكانت السعودية هي السباقة والمبادرة للوقوف بشجاعة وبإقدام من أجل تلبية حاجات لبنان والشعب اللبناني بشكل سريع واستثنائي، بهدف تمكينهما من الصمود والتغلب على مصاعب الزمان والأعداء».
ويقول السنيورة: «إن المملكة اعتمدت في استراتيجية تقديم المساعدات للبنان، على تحقيق هدف سام واحد، وهو تمكين لبنان ودعمه بما يريد، ودعم تثبيت وقيام دولته، ودعم استقراره وازدهاره، وتقدمه بما يتفق مع مصالح الشعب اللبناني في البقاء واحة سلام وعيش مشترك، بحيث لم تضع السعودية أية شروط أو أهداف سياسية في أي عمل قامت به تجاه لبنان».
ويضيف: «ما تحرص عليه السعودية، هو دعم صمود لبنان واللبنانيين ودعم قيام الدولة اللبنانية، وهنا وفي هذا المجال نجد المفارقة الكبرى والحقيقة الكبرى وهي أن الأخوة المسؤولين في السعودية، لم يرفقوا يوماً مساعداتهم بأية شروط أو أهداف، بل كانوا دائماً يتوخون دعم الدولة والشعب اللبناني».
ولفت رئيس الوزراء اللبناني السابق إلى أن المساعدات التي تقدمها السعودية، برزت جلياً في رعاية المملكة لاتفاق الطائف 1989، وهي كانت رعاية ومساعدة سياسية ووطنية، حيث ظهر جلياً أن ما عملت عليه السعودية، من أجله كان إنهاء المحنة الداخلية (آنذاك)، ووضع لبنان على طريق التعافي بواسطة طريق دعم قيام الدولة، وإعادة إحياء مؤسساتها، وحيث عمل اللبنانيون على إعادة صياغة ميثاقهم الوطني، وأكدوا على صيغة العيش المشترك فيما بينهم، والتي يقوم عليها لبنان وهي الأساس في سلمه الأهلي.
ويضيف: «كل المبادرات والمساعدات المادية والعينية التي سبق وأن قدمتها السعودية، وتلت ذلك، لم تحد عن هذا الهدف الوحيد، وهو دعم لبنان واللبنانيين فيما يريدونه، وهنا يكمن سر قوة موقف المملكة في هذا الإطار، أي أنها تساعد لبنان من دون شروط واشتراطات سياسية ومن دون تمييز أو تفضيل، وهو دعم سخي وشامل يطال كل اللبنانيين في حاضرهم وغدهم».
وتبرعت المملكة العربية السعودية في عام 2006 عقب الحرب الإسرائيلية على لبنان، بمبلغ إجمالي بلغ 746 مليون دولار، في سعي منها لإقالة لبنان في التحديات التي كان يواجهها، وهو المبلغ الذي كان يمثل نسبة 63 في المائة من مجموع المساعدات التي قدمت للبنان من باقي الدول، وهي المساعدات التي مكنت لبنان، من إعادة إعمار وترميم أكثر من 55 ألف وحدة سكنية.
وتوزعت أبواب الإنفاق من المساعدات المقدمة من السعودية في عام 2006، على الإغاثة العاجلة بنحو 50 مليون دولار، وإعادة إعمار 208 قرى وبلدات في الجنوب اللبناني بقيمة 293 مليون دولار، وإعادة إعمار أبنية منها 36 عقارا في الضاحية الجنوبية بإجمالي 32 مليون دولار، وإعادة إعمار البنى التحتية ومشاريع إنمائية بقيمة 175 مليون دولار في كل لبنان، ودعم قطاع التعليم لكل اللبنانيين بـ84 مليون دولار، ودعم الجيش وقوى الأمن بنحو 100 مليون دولار، ومساعدات اللاجئين الفلسطينيين القاطنين في مخيم نهر البارد بنحو 12 مليون دولار.
وفي السياق نفسه، يبيّن علي عواض عسيري، السفير السعودي لدى لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن الدور السعودي، تاريخي وملموس في الحياة السياسية اللبنانية، بدءاً من اتفاق الطائف، الذي رعته المملكة وأوجد دستوراً يضمن عيش اللبنانيين اليوم، حيث إن السعودية لم تترك لبنان مطلقاً في كل أزماتها التي واجهتها، سواء في حربها مع إسرائيل، أو غيرها.
وقال عسيري إن الدعم السعودي، ووقوفها إلى جانب لبنان، جعل هناك توازنا سياسياً يضمن الاستقرار، حيث لم تميز اللبنانيين عن بعضهم البعض، وكل القوى السياسية في لبنان واحدة.
وحول الجانب السياسي التي تستفيد منه السعودية في دعم لبنان، يتفق السنيورة مع السفير السعودي لدى لبنان، على أن الجانب السياسي الوحيد في عملية الدعم المستمر، هو أن المساعدات السعودية تشمل كل اللبنانيين دون تمييز أو تفريق بين لبناني وآخر ولأي جهة انتمى. ويستدل السنيورة بالتبرعات والمساعدات السعودية التي تلقاها لبنان، ليؤكد أن المملكة وبمسعى واهتمام شخصي من الملك عبد الله بن عبد العزيز، «تبرعت بمبالغ كبيرة من أجل تمكين لبنان على مواجهة آثار العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 والذي أسفر عن تدمير قرى كثيرة وبلدات في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت».
ويضيف: «بالأمس، أعلنت المملكة عن التبرع بثلاثة مليارات دولار، لإعادة تجهيز الجيش اللبناني، بشكل غير مسبوق في تاريخ لبنان، ومن ثم بادرت مرة أخرى، وأعلنت عن مساعدة الجيش والقوى الأمنية، بمبلغ مليار دولار أميركي، وأوكل خادم الحرمين الشريفين، الرئيس سعد الحريري للإشراف على الإنفاق بالتعاون مع الحكومة اللبنانية».
هذه المبادرات السخية والتي تأتي تلبية لحاجة لبنان، وبناء على طلبه، يظهر وبطريقة واضحة تماماً، أنه لا أهدف سياسية للمساعدات التي تقدمها المملكة، بل إن الأهداف فقط الوقوف إلى جانب لبنان واللبنانيين.
ويؤكد رئيس الوزراء اللبناني السابق، أن وقوف المملكة إلى جانب الشعب اللبناني، محل تقدير من القيادة والشعب، خصوصا في المحن التي واجهها، ولا يزال، وهو يدرك تماما من هو الصديق ومن العدو، ومن يعمل على دعم الدولة اللبنانية، ومن يعمل على دعم القوى الخارجة عن الدولة، وأسهمت في نموها وازدهارها، مما أسهم في وجود عدد كبير من اللبنانيين يفوق 100 ألف فرصة عمل لهم، على مدى العقود الماضية للعمل في السعودية، وهو الأمر الذي شكّل مصدر دعم كبير لأعداد كبيرة من العائلات اللبنانية التي انتقلت للعمل والسكن في السعودية.
إلى ذلك، قال الدكتور ساعد العرابي الحارثي، مستشار وزير الداخلية السعودي، ورئيس الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إن المملكة لن تألو جهداً في الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، في الأزمات والكوارث أو المتغيرات التي تؤثر على مسار حياتها السياسية، حيث لم تفتر همة الشعب السعودي، ولم تلن عزيمته، وهو يبادر ويسارع إلى الوقوف إلى جانب لبنان، في أزماته من أجل تضميد جراحاته وإعادة السيوف إلى أغمادها، وتوحيد صفوفه بتجاوز سطوة النزعات الطائفية والمذهبية، والقفز فوق الولاءات التي قعدت بقدراته، وشلت حركة النمو والإنتاج في جميع قطاعاته، وشجعت المملكة الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب اللبناني التي انطلق نشاطها الإغاثي المكثف برعاية وإشراف الأمير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله)، تحت شعار «معك يا لبنان»، وقد طوَّقها الأمير الراحل، بقدر كبير من الاهتمام، ودعم جهودها بقوة مما حولها إلى شخصية اعتبارية يتصل دعمها ويصل إلى كل شرائح وقطاعات الشعب اللبناني، ودعم يغطي كل مجالات الحياة من غذاء وكساء ودواء وتعليم وهلمَّ جرَّا».
وتأسست الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب اللبناني، بموجب أمرٍ سامٍ كريم، للمساهمة في تخفيف معاناة الشعب اللبناني، جراء العدوان الإسرائيلي، وذلك من خلال تنظيم حملة شعبية لجمع التبرعات. واقترن ذلك بوضع الضوابط والنظم الكفيلة بإيصالها إلى مستحقيها مباشرة في لبنان، حيث بدأ على الفور الإعلان عن تنظيم حملة التبرعات، من خلال التلفزيون السعودي، وعدد من القنوات الفضائية استجابة لدعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز، مما أتاح للحملة تقديم الكثير من البرامج الإغاثية العاجلة والمشروعات التنموية الضرورية التي تلمست جوانب مختلفة بُغية الإسهام في تخفيف معاناة الشعب اللبناني بتكلفة تجاوزت 24.2 مليون دولار.

* هبة المليار دولار

* تعد هبة المليار دولار لتسليح الجيش اللبناني، أحدث المكرمات السعودية لحماية استقرار لبنان وتمكين مؤسساته الرسمية. وتزامن إعلان المملكة العربية السعودية عن تقديم هبة المليار دولار للجيش اللبناني، مع حاجته الملحة للأسلحة النوعية والذخائر، بموازاة الحرب التي كان يخوضها مطلع الشهر الحالي في بلدة عرسال (شرق لبنان) الحدودية مع سوريا، إذ أعلن قائده العماد جان قهوجي، خلال اجتماع حكومي، أن الهبة «كفيلة بتسليح الجيش في مواجهة الإرهاب»، على الرغم من أن الجيش طمأن «بأن الذخيرة متوفرة والقدرة كافية لمواجهة الإرهاب إلا أنه من الواجب تعزيز الذخيرة ونوعية الأسلحة».
وتأتي أهمية مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخيرة، في كونها «تمكن الجيش اللبناني من التسلح بسرعة، وتوفير ما يحتاج إليه من أسلحة وذخائر تمكنه من مواجهة الإرهاب، كما يقول رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام جابر لـ«الشرق الأوسط»، كما في كونها «لا تلزم الجيش اللبناني بشراء الأسلحة من بلد واحد، خلافاً لهبة الثلاث مليارات دولار التي سبق أن قدمتها المملكة العربية السعودية للجيش قبل أشهر»، والتي لا تزال في بداية جدولة مصروفاتها لأسباب وإجراءات إدارية مع فرنسا، كما قال قائد الجيش في تصريح صحافي.
وكان رئيس الحكومة تمام سلام اعتبر أن الهبة السعودية «تؤكد وقوف الملك عبد الله الدائم إلى جانب لبنان وتدعيم ركائز الدولة اللبنانية، رافضاً أي تساهل أو تراخٍ مع انتهاك السيادة اللبنانية، وأن كل الدعم للقوات المسلحة اللبنانية». وتوافق القادة الأمنيون على خطة لصرف الهبة السعودية، على أن يديرها رئيس الحكومة الأسبق زعيم تيار المستقبل سعد الحريري العائد بعد غياب قسري استمر 3 سنوات إلى لبنان.
وتواجه المؤسسة العسكرية مشكلة التسليح بشكل أساسي، إذ توقف تسليح الجيش اللبناني، منذ عام 1985 حين عقد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل صفقة تسليح للجيش مع الولايات المتحدة الأميركية، ورفدت حينها الجيش حينها بدبابات وناقلات جند مجنزرة ومدفعية، فضلاً عن أسلحة فردية ورشاشات متوسطة، في حين يعد الجيش اللبناني جيشاً كلاسيكياً، يحتاج إلى خطة تسليح شاملة، تتضمن أسلحة برية متطورة، وسلاح جو وسلاح بحرية.
ولم يُسلم الجيش اللبناني منذ 30 عاماً، أكثر من قطع مدفعية خفيفة، وآليات عسكرية برية حصل عليها من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى سلاح فرنسي مضاد للدروع، فضلاً عن الهبات البريطانية والأميركية التي منحت الجيش ناقلات جند وآليات عسكرية. وخلال أكثر من 30 عاماً من الصراع مع إسرائيل، «مُنع الجيش اللبناني من امتلاك منظومات صواريخ أرض جو الكفيلة بصد الانتهاكات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية»، كما يقول جابر، وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني، مشيراً إلى أن لبنان اليوم «بحاجة لشتى أنواع الأسلحة، من سلاح البر إلى البحرية، وصولاً إلى الطائرات الحربية المقاتلة وطائرات الهيلوكوبتر».
وأثبتت معركة عرسال أن الجيش اللبناني بحاجة لأسلحة نوعية، تُضاف إلى سلاح الجو. ويقول جابر: «لو كان الجيش يمتلك طائرات مروحية من نوع (أباتشي) أو مثيلات لها، لانتهت المعركة بسرعة كون تلك المروحيات الهجومية قادرة على القتال في الجبال»، مؤكداً أن الجيش اللبناني «بحاجة لمقاتلات حربية وطائرات مساندة أرضية و هيلوكوبتر، إضافة إلى طائرات تحمل القوات البرية لضرب أوكار المسلحين في الجبال». ويشير إلى أن وحدات النخبة في الجيش مثل فوج المجوقل (أي القوات التي تُنقل بالجو) «تحتاج إلى النوع الأخير من الطائرات الذي يفتقده لبنان، وأثبتت المعركة نقصاً بها، مما أخّر سيطرة الجيش على البلدة إلى أيام».
ومن المعروف أن سلاح الجو اللبناني ضعيف جداً، حيث يملك عدداً لا يُذكر من الطائرات المروحية التي تستخدم كناقلات جند وطائرات استطلاع، أما سلاح البحرية، فهو قديم جداً، ولم يُجدد إلا بزوارق عسكرية بريطانية في التسعينات.
وتزداد أهمية الهبة الأخيرة للمملكة العربية السعودية، في كونها هبة نقدية. يقول جابر: «في هذه الحالة، أعتقد أن الحل المثالي يقع في وضع المبلغ المرصود في حساب الجيش في البنك المركزي تحت بند تسليح الجيش، لتقوم بعدها وزارة الدفاع وقيادة الجيش بتشكيل لجان للشراء، تتألف من الضباط الموثوقين متنوعي الاختصاصات، إلى جانب أعضاء من المديرية العامة للإدارة في وزارة الدفاع»، موضحاً أن مهمة اللجنة «تتلخص في وضع لائحة بالحاجات الأساسية للجيش، وتستدرج عروضاً من شركات عالمية تتبع دولاً تبيعنا أسلحة من غير موانع مثل روسيا وغيرها»، في إشارة إلى أن بعض الدول ترفض بيع أسلحة متطورة للبنان من دون موافقة إسرائيل.
ويقول جابر إن «البدائل عن دول لا تزودنا بالأسلحة، موجودة، مشيراً إلى أن شركة روسية تصنّع مروحيات (إليغاتور) التي تشبه (الأباتشي) بأدائها الحربي، علماً أن سعرها يقارب ثلث سعر الأباتشي». وأكد أن لبنان «يحتاج أيضا إلى طائرات استطلاع تغطي النقص في العديد البشري لتغطية حدود لبنان مع سوريا التي تناهز الـ250 كيلومتراً»، لافتاً إلى أن «طائرات استطلاع فرنسية يمكن أن تسد الحاجة اللبنانية كونها قادرة على التحليق نحو 5 ساعات ونصف الساعة، وتصور فيديو على نحو دقيق وتنقل الصور على غرفة عمليات، مما يتيح لقوات البر التحرك».
غير أن قوى البرّ، تحتاج إلى أيضا إلى تطوير. فهي تفتقد، بحسب جابر، إلى «صواريخ من نوع أرض - أرض، وصواريخ مضادة للدروع، في حين كشفت معركة عرسال أن المسلحين يمتلكون تلك الصواريخ الموجهة، كما يمتلكون بنادق قنص متطورة جداً». إضافة إلى ذلك، «يستدعي القتال في مواقع مثل عرسال، أسلحة فردية أكثر تطوراً، يحتاجها مقاتل النخبة في عملياته، مثل التجهيزات المتطورة والمناظير الليلية التي تتيح له المشاهدة ليلاً، إضافة إلى أسلحة فردية خفيفة الوزن، ولا تعيق التحرك».
وعلى صعيد التجهيزات البرية، يشير جابر إلى أن الجيش يحتاج إلى مدرعات «أخف وزنا، وتتحرك بمرونة»، على الرغم من أن الهبات الأميركية التي قاربت المليار دولار منذ نحو عشر سنوات، قدمت آليات حديثة للجيش بينها آليات من نوع «هامفي»، سدّت جزءاً من حاجة لبنان إليها.
وتبرز مشكلة إضافية في احتياجات الجيش اللبناني، تتمثل في عديده، إذ يحتاج إلى تطويع أعداد كبيرة من العسكريين، خصوصاً بعد إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية قبل سنوات، والتي كانت ترفد المؤسسة بمجندين يتراوح عددهم بين 5 و8 آلاف مجند سنوياً. ويضم الجيش اللبناني نحو 40 ألف ضابط وعنصر، يتوزعون على ألوية وأفواج مقاتلة، ووحدات لوجيستية. وتحاول الحكومة اللبنانية ملء هذا النقص، عبر اتخاذ قرار بالموافقة على تطويع 12000 عسكري ورجل أمن في الجيش وسائر الأسلاك الأمنية.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».