لندن تعترف بقيمة السياح العرب وتقدم لهم «السياحة الحلال»

بعد أن اكتشفت أنهم أكثر الزوار إنفاقا

لندن تعترف بقيمة السياح العرب وتقدم لهم «السياحة الحلال»
TT

لندن تعترف بقيمة السياح العرب وتقدم لهم «السياحة الحلال»

لندن تعترف بقيمة السياح العرب وتقدم لهم «السياحة الحلال»

تعترف أوساط السياحة في لندن أن سياح الشرق الأوسط هم الأكثر إنفاقا أثناء زياراتهم السياحية للعاصمة البريطانية. وفي العام الماضي بلغ دخل لندن من السياح العرب 1.25 مليار جنيه إسترليني (نحو ملياري دولار)، وبمتوسط إنفاق للرحلة السياحية الواحدة بلغ 25 ألف جنيه إسترليني (40 ألف دولار). ويضيف مكتب الإحصاءات البريطاني أن السائح العربي ينفق في الحد الأدنى 156 جنيها يوميا، وفي المتوسط 173 جنيها. ويأتي سياح لندن الأكثر إنفاقا من السعودية والإمارات ومصر.
وعلى الرغم من أن السياح الأميركيين في مجملهم ينفقون أكثر من السياح العرب، وبحجم 1.5 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار)، فإن عدد الأميركيين يفوق عدد العرب عدة أضعاف. وينفق العرب لكل فرد سائح ضعف الأستراليين في لندن والألمان وضعفي الفرنسيين، وبنسبة 50 في المائة أكثر من الأميركيين.
ويبلغ دخل بريطانيا سنويا من الزوار الأجانب نحو 21 مليار جنيه إسترليني (33.6 مليار دولار)، يجري إنفاق نصفها في لندن. وقد تضاعف هذا الإنفاق السياحي بين عامي 2003 و2013. وتنتعش صناعة السياحة في بريطانيا حاليا بعدد سياح في العام الماضي بلغ نحو 33 مليون سائح، بزيادة 5.6 في المائة عن عدد سياح عام 2012. وزاد الإنفاق السياحي في الفترة نفسها بنسبة 12.7 في المائة.
وسر هذا الإقبال على لندن هو أنها مدينة دولية تقبل بالتنوع ولا تعترض على لباس الآخرين وتحترم الحريات الشخصية، وهي تعرف عربيّا بأنها «مدينة الضباب»، وربما يوحي الاسم بأن كل ما يجري في لندن يكون في جو مستتر يلفه الضباب.
هذا الإقبال العربي لفت نظر الأوساط السياحية في العاصمة التي نظمت العديد من الأنشطة للاحتفال بالسياح العرب. ويبذل موظفو هيئة السياحة جهودهم في تسويق لندن عبر مكاتبهم في لندن ومكتب في دبي.
ويقول مكتب السياحة البريطاني إنه يقدم دعوة مفتوحة للسياح العرب، ويؤكد أن الثقافة البريطانية متنوعة وتوفر خصيصا للسياح العرب العديد من المطاعم الحلال التي يملكها أو يديرها مسلمون. كما تتوفر المساجد في المدن البريطانية الرئيسة بما فيها لندن، وبعدد إجمالي في بريطانيا يصل إلى 1500 مسجد. كذلك تتوفر قاعات الصلاة في المطارات والجامعات والمواقع العامة الأخرى.

* الأماكن السياحية الأحب إلى قلب العرب في لندن
أيضا تعيش في بريطانيا واحدة من كبرى الجاليات المسلمة في أوروبا، بحيث لا يشعر الزائر المسلم بأنه غريب في بريطانيا، على حد قول مكتب السياحة. ويضيف المكتب أن السياح العرب من الخليج يقبلون على زيارة معالم لندن التي تشمل «عجلة لندن» ومتحف «مدام توسو»، والتسوق في شارع أكسفورد وفي أحياء نايتسبريدج و«هاي ستريت كنزنغتون». ويتمتع زوار الخليج بزيارة حدائق لندن العامة، وبعضهم يخرج من العاصمة لزيارة الشواطئ والريف البريطاني. ويتمتع معظم سياح الخليج بسهولة التعامل والمعيشة في لندن بفضل تحدثهم اللغة الإنجليزية بطلاقة نظرا لتعليمهم البريطاني أو الأميركي.
ويشرح المكتب أن متحف التاريخ الطبيعي الذي يشتهر بين الزوار المسلمين يضم صالة خاصة للصلاة ولكنها لا تشمل تسهيلات للوضوء. ويضيف المكتب أن العديد من المطاعم في المنطقة تقدم «وجبات حلال»، وكذلك يمكن الشراء من منافذ السوبر ماركت في المنطقة.
من الملاحظات التي أبداها المكتب أن محلات «هارودز» الشهيرة ليست بها قاعة صلاة. كما يضيف أن المطاعم النباتية تماما تلائم بعض الزوار المسلمين لأنها لا تقدم أي لحوم بالمرة. ولكن زيارة مسجد ريجنت، وهو مسجد العاصمة الرئيس، يوفر إمكانية جمع صلاة الظهر والعصر بالمشي بعد الصلاة إلى منطقة «إدجوير رود» للتمتع بوجبة شرق أوسطية.
ويقدم مكتب السياحة البريطاني معلومات مفصلة عن الفنادق التي تقدم خدمات الطعام الحلال في لندن وخارجها، ويمكن للزائر أن يستعين بهذه المعلومات عند اختيار الفندق الملائم. من الأسماء الواردة في لائحة مكتب السياحة البريطاني كل من: «موستن هوتيل (لندن)» و«ذا بريدج هوتيل (لندن)»، و«سافيل كورت هوتيل (لندن)»، و«برايتون مارينا هاوس هوتيل (برايتون)».
أما لائحة المطاعم، فتشمل عددا كبيرا منها وتضم: «مروش» و«الطيب» و«ميلور» و«ديشوم» و«كافيه ناز». وتقدم المطاعم الحلال مأكولات متنوعة من مختارات البحر المتوسط والمطعم الأفغاني وأنواع الكاري الهندي. وتنتشر العديد من المطاعم اللبنانية في لندن أيضا، خصوصا في الأحياء التي يقبل عليها العرب مثل مناطق «مايفير» و«كوينز واي»، و«إدجوير رود» و«بيزووتر».
ويضيف موقع «تريب أدفايزر» للسياحة أن لندن هي أكثر مدينة تعددية في العالم، حيث تتحدث بأكثر من 200 لغة، وتقدم أكلات من كل أنحاء العالم، ومنها مطاعم توفر الوجبات الحلال. وينتشر الأكل الحلال بين الوجبات السريعة و«تيك أواي» وبين مطاعم الخمسة نجوم.
ويضيف الموقع أن عدد منافذ الطعام والشراب الحلال تضاعف عدة مرات في السنوات الأخيرة. وتنتشر هذه المطاعم أيضا في المناطق ذات الأغلبية الآسيوية من باكستان والهند، مثل «ساوثهول» و«غرين ستريت» وغيرها. وبلغ الأمر أن بعض فروع «كي إف سي» في هذه المناطق تقدم وجبات الدجاج الحلال.
ويشير الموقع أيضا إلى عدد من المطاعم اللبنانية التي تقدم الوجبات الحلال، ومنها «فيروز» و«كافيه نوف» و«ليفانت». وإلى جانب المطاعم الهندية التي تعلن عن وجبات حلال، توجد أيضا مطاعم تركية تقدم مثل هذه الوجبات، ومنها مطعم «سفرة» الذي يعمل عبر فروع في «مايفير» و«بوند ستريت» و«كوفنت غاردن».

* مساجد العاصمة لندن
يوجد العديد من المساجد وقاعات الصلاة في لندن، ومن أهمها:
* مسجد لندن الكبير في «ريجنت بارك»، وأقرب محطة مترو له هي «ريجنت بارك» أو «مارليبون»، وهو متاح لصلاة الرجال والسيدات في قاعات منفصلة.
* مسجد شرق لندن: في منطقة «وايت تشابيل»، وهو أيضا يوفر تسهيلات الصلاة للرجال والنساء في قاعات منفصلة، ومداخل منفصلة، وهو يخدم منطقة الـ«سيتي» في شرق العاصمة.
* المركز الإسلامي في «بيرويك ستريت» في حي سوهو، وفيه تسهيلات كاملة لصلاة الرجال والنساء، وهو قريب من شارع أكسفورد و«ليستر سكوير» و«ترافلغر سكوير» للتسوق والسياحة.
* المسجد الإسلامي في شارع «غوودج ستريت»، وهو قريب من المتحف البريطاني ومنطقة توتنهام «كورت رود».
* قاعة الصلاة في متحف التاريخ الطبيعي، وهو قريب من متحف العلوم ومحلات «هارودز».

* التسهيلات المثالية للمسافر المسلم
إلى جانب الطعام الحلال في مطاعم الوجهات السياحية التي يرغبها المسافر المسلم، هناك العديد من الاعتبارات الأخرى التي يفضلها المسافر المسلم الذي تطمح الدول التي تريد زيارته إلى تقديمها.. من هذه التسهيلات:
* غرف فندقية فيها نسخ من القرآن الكريم، ومؤشر إلى اتجاه مكة المكرمة.
* مطاعم في الفندق خالية من المشروبات الكحولية، وعدم توفير هذه المشروبات في الغرف.
* حمامات سباحة خاصة بالعائلة في الشاليهات، أو حمامات منفصلة للرجال والنساء في الفنادق. ويسرى هذا أيضا على قاعات التريض وحمامات الساونا.
* عدم وجود عروض مسرحية أو قنوات تلفزيونية تخدش الحياء.
* عدم دخول عناصر كحولية أو مستخلصة من الخنازير في أي مستحضرات يمكن أن يستهلكها السائح، حتى ولو لم تكن معدة للأكل (ومثل هذه المستحضرات متاح في ماليزيا).
* وجود قاعات خاصة للصلاة في الفنادق، وتلك متاحة في عدد من الدول الإسلامية من ماليزيا إلى مصر.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».