أكاديمية للنخبة تثير صراع ثقافات في بكين

«هارفارد الصينية» تضم كوكبة من 2600 طالب.. وتواجه احتجاجات محلية

حديقة تشنغيان في جامعة بكين حيث يخطط المسؤولون لإقامة الأكاديمية الجديدة (نيويورك تايمز)
حديقة تشنغيان في جامعة بكين حيث يخطط المسؤولون لإقامة الأكاديمية الجديدة (نيويورك تايمز)
TT

أكاديمية للنخبة تثير صراع ثقافات في بكين

حديقة تشنغيان في جامعة بكين حيث يخطط المسؤولون لإقامة الأكاديمية الجديدة (نيويورك تايمز)
حديقة تشنغيان في جامعة بكين حيث يخطط المسؤولون لإقامة الأكاديمية الجديدة (نيويورك تايمز)

بانطلاق معظم الطلاب إلى إجازتهم الصيفية، يبدو حرم جامعة بكين هادئا نسبيا في شهر أغسطس (آب)، باستثناء بضع حافلات تقل بعض المراهقين المشدوهين إثر رحلات تنظمها الجامعة لأولئك الآملين في الالتحاق بكوكبة من 2600 طالب جديد يجري قبولهم ضمن طلاب جامعة هارفارد الصينية، وهو اسمها المعروفة به هنا على نطاق واسع.
ولكن تختمر العاصفة الهائجة تحت مظلة الهدوء النسبي من حيث تحريض إدارة الجامعة ضد الكثير من الطلاب وعدد من الأساتذة بالجامعة حيال خطط لإقامة مدرسة جديدة براقة تهدف إلى حد كبير إلى استقبال الطلاب الأجانب، والذين سوف يتلقون معظم فصولهم الدراسية باللغة الإنجليزية، وليس بلغة الماندرين الصينية.
وفي الأشهر الأخيرة، فإن معارضي أكاديمية ينتشيغ، كما تعرف، شنوا حملة مزعجة ضد برنامج الدراسات العليا في الدراسات الصينية ذي العام الواحد والمدفوع كافة تكاليفه. وعلى الرغم من أن ما يقرب من ثلث عدد الطلاب المدرجين على البرنامج المذكور سوف يكونون من الطلبة الصينيين، فإنه جرى تسويق الأكاديمية بشكل مكثف في الخارج، مما يبدو أنه أدى إلى ازدياد حدة الاحتجاجات.
والأكاديمية، التي تسعى إلى تكوين فصل دراسي من قادة المستقبل، من المخطط أن يجري بناؤها حول مساحة رباعية عشبية كانت في يوم من الأيام من ضمن الحدائق الإمبراطورية، وهو المكان الذي يعده الكثيرون القلب التاريخي والرمزي لأول جامعة حديثة في الصين، والتي تأسست في عام 1898.
يقول السيد جاو فينجفينج، عميد قسم اللغة الإنجليزية، والذي يعد من أشد المنتقدين للمشروع «من شأن أكاديمية ينتشيغ أن توفر للطلاب والمدرسين مجموعة رائعة من الامتيازات، وهو أمر لا يتسم بالإنصاف بالنسبة لطلاب جامعة بكين الآخرين».
خلال الشهور الأربعة الأولى منذ إعلان الجامعة عن خططها بشأن الأكاديمية الجديدة، بدأ الطلاب الضغط المستمر على مسؤولي الأكاديمية من أجل تغيير بعض الجوانب الرئيسة في المشروع، وتعهد البعض بإبطاء معدل البناء عن طريق الاحتجاجات أو من خلال التقاضي. وقد نشر الكثير من الطلاب صور لأنفسهم على شبكة الإنترنت وهم يحملون شعارات كتابية عن المقاومة، وهي لفتة محفوفة بالكثير من المخاطر في دولة لا تتحمل الاحتجاجات العامة.
يقول أحد طلاب القانون الذي طلب عدم الكشف عن هويته بعدما حذره أحد الطلاب المنتمين للحزب الشيوعي من الحديث مع وسائل الإعلام «ندرك أن أفعالنا قد ينالنا الخراب من ورائها، ولكن الكثير من الطلاب يشعرون أن أكاديمية ينتشيغ هي انتهاك فظيع لأكثر المؤسسات التعليمية الصينية قداسة».
ويأتي الصراع داخل واحدة من أكثر المؤسسات التعليمية أسطورية في البلاد في توقيت شديد الحساسية من الزاوية السياسية في الصين. حيث يزيد تباطؤ النمو الاقتصادي، والقيود المفروضة على وسائل الإعلام والإنترنت، والحملة الدعائية الحكومية ضد الآيديولوجيات والقيم الليبرالية من حالة الإحباط بين الكثير من طلاب الجامعات الصينية، وخصوصا أولئك الذين يعدون الغرب مصدر الإلهام لهم.
وفي المقابلات الصحافية، يبدو أن الطلاب الصينيين يستلذون فرصة الاحتجاج على شيء يؤمنون به، ويبدو كذلك أنهم أثاروا التقليد الجامعي العريق من النشاط السياسي، والذي أصابه السبات الطويل من أن سحقت القوات العسكرية الصينية الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في عام 1989. وقد لعب طلاب جامعة بكين دورا رئيسا في الأيام الأولى من تلك الاحتجاجات، وقد لقي عدد منهم مصرعه أثناء الحملة العسكرية أو تلقوا العقاب بعدها.
وقال جو زانغ (21 عاما)، من طلاب القانون، إنه ورفاقه من ذوي الاهتمامات السياسية أصابتهم خيبة الأمل نتيجة التركيز على الثروة المادية والتي تطغى على حد قوله على طموحات الكثير من الطلاب الصينيين. «هناك الكثير من الظلم في المجتمع ولا نملك القدرة على التغيير، ولكن ذلك الشيء يؤثر مباشرة على مجتمعنا ونستطيع تحديه، إنها بالنسبة لنا مثل الصحوة».
ويستشهد المعارضون بعدد من الأسباب يبررون بها حماسهم. إنهم يعترضون على الخطط التي سوف تحول الكثير من المباني التاريخية إلى فصول دراسية لصالح الأكاديمية، بينما انتقد آخرون البرنامج ذاته، وقالوا إن منح درجة التخصص (الماجستير) أمر يتسم بالسطحية ومن شأنه تقليل قيمة الشهادات العلمية الأخرى في الكلية التي تتطلب سنتين أو ثلاث سنوات أخرى من الدراسة.
يعكس الخلاف، من نواح كثيرة، المزيج المتناقض أحيانا للفخر الوطني وانعدام الأمن الثقافي الذي يشعر به الكثير من المثقفين في الصين. والاعتقاد أن المسؤولين يتجهون إلى تفضيل الطلاب الأجانب على الطلاب الصينيين قد غذى بعضا من أكثر أوجه المعارضة صخبا. وفي مقالة نشرت على شبكة الإنترنت في الشهر الماضي، وصف اثنان من العلماء المتخرجين في جامعة بكين الأكاديمية المخطط لإنشائها بأنها عمل من أعمال التسمم الثقافي وخيانة الذات، ووصفوها بالمدن الصينية المستعمرة في أوائل القرن العشرين والتي فصلت الأجانب والمواطنين إلى أقسام متباينة.
وقد عزا مسؤولو المدرسة كثيرا من المقاومة للمشروع الجديد وسوء الفهم حياله إلى الاقتراحات الخاصة بأن طلاب أكاديمية ينتشيغ سوف يعيشون في مجتمع مغلق عليهم وسوف يتمتعون برواتب ضخمة وغرف معيشية فاخرة.
يقول جون هولدن، أحد العمداء المشاركين في الأكاديمية، مستخدما الاختزال المشترك لدى جامعة بكين «إنها إضافة إلى باي دا، ولا تسلبها شيئا البتة».
ويشكك السيد هولدن وغيره من المسؤولين في المدرسة من المزاعم، والتي أطلقها الكثير من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، من أنهم يتجاهلون المشاعر العامة، مشيرا إلى أن الجامعة قد وافقت بالفعل على إسقاط أحد العناصر الرئيسة للأكاديمية: مجموعة تحت الأرض من صالات المحاضرات والتي قد تتطلب إجراء حفريات في المساحة العشبية والتي اعتاد الطلاب التجمع فيها للاستذكار، ولعب تنس الريشة أو الالتقاء بزملائهم وزميلاتهم في لقاءات رومانسية بعد حلول المساء. وفي امتياز آخر، وافقت الجامعة أيضا على بناء مساكن الطلاب في أماكن أخرى من الحرم الجامعي.
ومع أول فصل دراسي مقرر إجراؤه في خريف عام 2015، يحرص المسؤولون على تهدئة بعض المعارضين والبدء في البناء. ولم يفصح المسؤولون عن تكاليف إنشاء الأكاديمية، ولكنهم قالوا إنها سوف تتلقى التمويل من قبل المانحين الصينيين الأثرياء.
تأتي خطط إنشاء الأكاديمية في توقيت دخلت فيه الكثير من الجامعات الصينية في سباق لتعزيز ترتيبها العالمي وتحسين صورتها على المستوى الدولي. واعتلت الكثير من الكليات فورة البناء والتوقيع على اتفاقيات الشراكة بقوة مع الجامعات الغربية.
وبالنسبة لجامعة بكين، فإن التنافس يتسم بشراسة من نوع خاص مع جامعة تسينغهوا، التي تقع في الضواحي الشمالية من بكين، وتعول على أن الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ والرئيس السابق أيضا هو جين تاو من بين خريجيها. يقول بعض النقاد أن جامعة بكين اندفعت مع أكاديمية ينتشيغ ردا على برنامج الدراسات العليا - والتي جرى إنشاؤها بمبلغ 100 مليون دولار من رأس المال الأولي تبرع بها عملاق الأسهم الخاصة الأميركي ستيفن إيه شوارزمان - الذي من المقرر تنفيذه في جامعة تسينغهوا بحلول عام 2016. سوف يقوم طلاب «منحة شوارزمان» كما سوف يُطلق على الطلاب، بقضاء عام في دراسة عدد من المواد باللغة الإنجليزية، بما في ذلك الأعمال، والعلاقات الدولية، والسياسة العامة.
وعلى شاكلة برنامج منحة شوارزمان، تتوافق مهمة أكاديمية ينتشيغ مع جهود الحزب الشيوعي لتحسين صورة الجامعات الصينية في الخارج وفي نفس الوقت غرس مواقف أكثر إيجابية ناحية الصين في الغرب. وقال المسؤولون خلال الاحتفالية بتدشين الأكاديمية الجديدة إن هدفهم الوحيد هو تكوين شبكة من صفوة الخريجين الأجانب الذين يتفهمون، ويقدرون، ويحبون الثقافة الصينية، ويعملون كذلك على تصحيح حالة سوء الفهم المنتشرة عن الصين حول العالم.
وقد أثارت رسالة الأكاديمية الجديدة مشاعر الغضب من جانب الذين يدفعون بأن صياغة المواقف الأجنبية حول الصين ليس من وظائف جامعة بكين. وهناك بيان غير موقع على شبكة الإنترنت نشر الشهر الماضي يطالب بتأجيل المشروع لمدة عام كامل حتى يجري تسوية المشكلات العالقة المعنية بالمناهج الدراسية والتوظيف والموقع، ومما ذكر فيه «إن المهمة الأساسية للجامعة هي التدريس ورعاية الناس، وليس تنظيم فصول دراسية للقيادة أو إدارة الأعمال».
وسعى السيد وانج بو، وهو أحد العمداء المشاركين في الأكاديمية ورئيس قسم الفلسفة في الجامعة، إلى مقارنة الجدال الدائر بالنضال الصيني الذاتي حول الهوية. ويقول إنه إذا أتيحت الفرصة للأكاديمية بالازدهار، فسوف تصبح حاضنة للتفاهم المتبادل بين الأمم وفي ذات الوقت تساعد الصين على إيجاد طريقها في العالم. وقال «حينما يلتقي الجميع في مكان واحد، يمكننا تشكيل أنفسنا من خلال تصادم الثقافات المتنوعة. ومن خلال السماح لكافة أطياف الناس بالتلاقي سويا وأن يكونوا جزءا من بنيتنا وتحولنا، فلن يستفد أحد إلا الصين».

* خدمة نيويورك تايمز



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.