العراق: مذبحة المسجد تهدد بتأجيج الصراع الطائفي

القوات العراقية والكردية تحاول استعادة بلدتين من «داعش».. ومقتل سبعة من البيشمركة قرب سد الموصل

قوات من المقاتلين الشيعة مكلفة الدفاع عن الأماكن المقدسة يلوحون بأسلحتهم خلال وجودهم بجرف الصخر جنوب بغداد (أ.ف.ب)
قوات من المقاتلين الشيعة مكلفة الدفاع عن الأماكن المقدسة يلوحون بأسلحتهم خلال وجودهم بجرف الصخر جنوب بغداد (أ.ف.ب)
TT

العراق: مذبحة المسجد تهدد بتأجيج الصراع الطائفي

قوات من المقاتلين الشيعة مكلفة الدفاع عن الأماكن المقدسة يلوحون بأسلحتهم خلال وجودهم بجرف الصخر جنوب بغداد (أ.ف.ب)
قوات من المقاتلين الشيعة مكلفة الدفاع عن الأماكن المقدسة يلوحون بأسلحتهم خلال وجودهم بجرف الصخر جنوب بغداد (أ.ف.ب)

قتل وجرح ما لا يقل عن 100 شخص من المصلين في مسجد مصعب بن عمير، شمال مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، شمال شرقي بغداد، وذلك إثر هجوم شنه مسلحون على المصلين أثناء أدائهم صلاة الجمعة.
وطبقا للمصادر الأمنية فإن الهجوم وقع بعد انفجار قنبلة على تجمع لقوات الحشد الشعبي من المتطوعين الشيعة في المنطقة، مما أدى إلى مقتل اثنين وجرح أربعة من المتطوعين. وأضاف المصدر الأمني أن «مجموعة مسلحة اقتحمت جامع مصعب بن عمير في منطقة بني ياس التابعة لقضاء حمرين شمال شرقي بعقوبة، وبدأت بالرمي العشوائي على المصلين، تبعه إطلاق نار عشوائي على دور الساكنين في المنطقة، مما أسفر عن مقتل 40 شخصا وإصابة 30 آخرين بجروح متفاوتة بينهم أطفال ونساء».
وأشار المصدر إلى أن «الهجوم جرى بعد تفجير عبوة ناسفة استهدفت تجمعا لقوات الحشد الشعبي في المنطقة نفسها، مما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر الحشد الشعبي وإصابة ثلاثة آخرين».
من جهته أكد الشيخ سعيد العزاوي أحد شيوخ محافظة ديالى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حصل محاولة من الدواعش والميليشيات التي لا تقل سوءا عنه لخلق فتنة طائفية في المحافظة التي تعاني أصلا من أوضاع غير مستقرة، بسبب تراجع الدور الحكومي لصالح تنظيم (داعش) من جهة والميليشيات من جهة أخرى»، مؤكدا أن «العبوة التي استهدفت متطوعي الحشد الشعبي من الشيعة إنما كانت بتدبير من (داعش)، وعلى سبيل الانتقام فقد قام مسلحون ينتمون إلى الميليشيات النافذة في المنطقة بهجوم على الجامع، وبدأت بالرمي العشوائي الأمر الذي أدى إلى مقتل نحو 67 مصليا، وجرح آخرين، والمفارقة أن أعداد القتلى أكثر من عدد الجرحى، لأن الرمي كان بهدف القتل والانتقام».
وأشار إلى أن «الميليشيات تجبر الناس على الذهاب إلى (داعش)، مثلما حصل في الموصل وتكريت، رغم أن (داعش) لا تقل سوءا، والسبب في ذلك غياب المؤسسة الأمنية الحقيقية القادرة على فرض سلطة القانون على الجميع».
إلى ذلك، وفي وقت يستمر فيه الحصار على ناحية آمرلي التابعة لمحافظة صلاح الدين، التي تضم أكثرية من التركمان الشيعة، فإن أهالي مجزرة سبايكر في تكريت لا يزالون يواصلون مظاهراتهم في كثير من المحافظات الوسطى والجنوبية من العراق؛ فبعد المظاهرات التي شهدتها محافظتا العمارة وذي قار خلال الأيام الماضية، تظاهر العشرات من ذوي ضحايا قاعدة سبايكر في النجف لمطالبة الحكومة بفتح تحقيق في القضية، ومعرفة مصير أبنائهم.
وطالب المتظاهرون الحكومة العراقية بمعرفة مصير أبنائهم الذين قتل ما لا يقل عن 1700 منهم من قبل تنظيم (داعش)، في اليوم الأول من دخوله مدينة تكريت.
ويرى أهالي الضحايا أن هناك تواطؤا من قبل بعض قيادات الجيش ضدهم. من جهته، طالب مجلس عشائر الفرات الأوسط فرع النجف «عشائر العراق، وخصوصا عشائر محافظة صلاح الدين، بالتعاون معهم في معرفة مصير الجنود في قاعدة سبايكر». وقال ممثل مجلس العشائر في النجف عارف الخزعلي في تصريح إن «على العشائر العراقية أن تقف معنا وقفة مشرفة، لأن أكثر من ثلاثة آلاف شاب مفقودون لدينا، ولا بد من مساعدتنا في معرفة مصيرهم في حال عجز الجانب الحكومي من ذلك». وكانت قاعدة سبايكر العسكرية الجوية في محافظة صلاح الدين قد شهدت في الـ12 من يونيو (حزيران) 2014 سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي عليها، بعد اجتياحهم المحافظة، وأسرهم معظم الجنود الموجودين فيها، واقتيادهم إلى جهة مجهولة.
من جهة ثانية، قالت مصادر أمنية إن قوات الحكومة العراقية ومقاتلي البيشمركة الأكراد حاولوا، أمس، استعادة بلدتين في شمال العراق من أيدي مقاتلي تنظيم «داعش». وأضافت المصادر أن القوات الكردية تدعمها الطائرات الحربية الأميركية سيطرت على منطقة قرب المدخل الشرقي لمدينة جلولاء، على بعد 115 كيلومترا شمال شرقي بغداد، التي دارت فيها اشتباكات على مدى أسابيع.
وذكرت المصادر أن القوات الحكومية تدعمها الطائرات العراقية تتقدم صوب بلدة السعدية القريبة. وتقع البلدتان بالقرب من حدود إيران وإقليم كردستان العراق شبه المستقل.
في غضون ذلك، قتل سبعة من قوات البيشمركة الكردية بانفجار عبوة ناسفة قرب سد الموصل، مساء أول من أمس، بحسب مسؤول عسكري كردي.
وأوضح المصدر أنه «انفجرت عبوة ناسفة لدى مرور إحدى دوريات قوات البيشمركة قرب سد الموصل، مما أسفر عن مقتل سبعة من أفرادها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».