وزير مغربي: النيابة العامة تتابع دعوات تكفير مسؤول حزبي

الوزير الخلفي يشكو من تبخيس أداء عمل الحكومة والزايدي يرى وعودها مجرد شعارات لبرنامج طموح

مصطفى الخلفي
مصطفى الخلفي
TT

وزير مغربي: النيابة العامة تتابع دعوات تكفير مسؤول حزبي

مصطفى الخلفي
مصطفى الخلفي

قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق باسم الحكومة المغربية، إن «النيابة العامة تتابع التصريحات التكفيرية تجاه بعض الشخصيات الثقافية والسياسية في المغرب».
وذكر الخلفي، في مؤتمر صحافي خلال جوابه مساء أول من أمس على سؤال حول تكفير أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض من طرف شيخ سلفي، أن «النيابة العامة تتابع الموضوع وستتخذ الإجراء المناسب».
وأثار شريط فيديو للشيخ السلفي عبد الحميد أبو النعيم، أفتى فيه بتكفير إدريس لشكر أمين عام الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعدد من قياديي الحزب الذين ذكرهم بأسمائهم، جدلا وردود فعل مختلفة خلال الأسبوع الماضي في البلاد.
وجاء الشريط ردا على المواقف التي عبر عنها لشكر أخيرا خلال افتتاحه لمؤتمر التنظيم النسائي للحزب، والذي دافع خلاله عن المساواة بين الجنسين في الإرث. ووصف أبو النعيم في شريطه نساء حزب الاتحاد الاشتراكي بأوصاف شنيعة.
وانتقدت قيادات سلفية تصريحات أبي النعيم. وقال الشيخ حماد القباج، أحد رموز جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، التي يرأسها الشيخ عبد الرحمن المغراوي: «أجدد النصيحة للدعاة أن يجتهدوا في بيان الحق ونقد مخالفيه بعيدا عن إصدار الأحكام على أولئك، لا سيما أحكام التكفير؛ وليعلم الأستاذ أبو النعيم أن إصدار مثل هذه الأحكام مسؤولية المجلس العلمي الأعلى، كما أن معاقبة الخارجين عن الشرع والقانون مسؤولية الدولة، فلنحملهم مسؤولياتهم أمام الله سبحانه وأمام الشعب المغربي».
فيما عدت أحزاب سياسية وهيئات المجتمع المدني أن المواقف التكفيرية لأبي النعيم تشكل تهديدا للمجتمع المغربي ككل وليس فقط لأمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي.
وفي غضون ذلك، أصدرت جماعة جهادية مغمورة تطلق على نفسها «التوحيد والجهاد في المغرب الأقصى» بيانا تهدر فيه دم لشكر، وتحرض على قتله، غير أن متتبعين استخفوا من هذه التهديدات واصفين الجماعة بـ«الظاهرة الفيس بوكية»، مرجحين أنها ترتبط ببعض سجناء السلفية الجهادية. وسبق للجماعة التي ظهرت لأول مرة قبل عامين عبر بياناتها أن كفرت حكومة عبد الإله بن كيران، وكفرت حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، وأهدرت دم مصطفى الرميد، وزير العدل والقيادي في حزب العدالة والتنمية.
على صعيد آخر، مرت أول من أمس (الجمعة) سنتين على تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس لحكومة ابن كيران في 3 يناير (كانون الأول) 2012.
ولئن اختلفت تقييمات المعارضة والأغلبية للأداء الحكومي طيلة هذه الفترة سواء في الحكومة الأولى أو الثانية. فقد سجل إجماع لدى الطبقة السياسية على أن هذه المرحلة عرفت أزمات سياسية قوية من ضمنها الارتباك الحكومي الناتج عن انسحاب حزب الاستقلال من التحالف الحكومي الأول، وهو ما ترتب عنه دخول الحكومة في أزمة سياسية طويلة الأمد تطلب الخروج منها 10 أشهر، أي ما يعادل نصف فترة تعيينها.
وعد أحمد الزايدي، رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، أن «هناك اعترافا ضمنيا من أطراف التحالف نفسه يقر بفشل الحكومة في تحقيق ولو جزء يسير من طموحات البرنامج الحكومي الذي نالت على أساسه ثقة البرلمان».
وقال الزايدي، إن «الحكومة لم تقم بإصلاحات قوية في مجال محاربة الفساد والرشوة والقيام بالإصلاحات الهيكلية وتحسين ظروف عيش المواطنين وتشجيع الاستثمار».
وأضاف الزايدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «أكاد أجزم بألا شيء من هذا تحقق بل بقيت مجرد شعارات لبرنامج طموح».
وأكد الزايدي أن حكومة ابن كيران ضيعت خلال السنتين الماضيتين وقتا كبيرا في جدل لم تكن في حاجة إليه، مشيرا إلى أن الحكومة «حرصت على تقوية الجدل السياسي العقيم للمداراة عن عجزها في إنجاز إصلاحات ينتظرها المجتمع».
وشدد الزايدي على القول إن «نقد حزبه للحكومة لا يعني تبخيس أدائها بقدر ما هو معاينة لعملها غير المقنع الذي لا يختلف بشأنه اثنان إلا من أراد أن يرتدي نظارات حاجبة تظهر له ما هو غير موجود».
وانتقد الزايدي تبرير الحكومة لارتباط أدائها بتداعيات الأزمة الاقتصادية، موضحا أن الحكومة كانت لحظة إعداد برنامجها الحكومي على علم بتلك الإكراهات التي لم تكن مفاجئة.
من جهته، أبدى وزير الاتصال اقتناعه بالأداء الحكومي، واشتكى مما عده نوعا من الظلم والتبخيس وعدم الإنصاف في تقييم عمل الحكومة، داعيا جميع المنتقدين إلى تقييم عمل الحكومة بناء على وثيقة التعاقد الحكومي المتمثلة في برنامجها الحكومي، مناديا بتجنب التعاطي غير المنصف مع الإصلاحات التي تقوم بها.
وأعلن الخلفي أن الحكومة وفت بالتزاماتها المسطرة كاملة بيد أنه قال، إن «سنة 2014 ستكون سنة للإصلاحات الكبرى التي ستهم ملفات مهيكلة كالتقاعد والمقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية) والعدالة». وأشار الخلفي إلى منجزات الحكومة خلال السنتين الماضيتين وفي مقدمتها قرار الرفع من الحد الأدنى للأجور. وأضاف الخلفي أن الحكومة خصصت مليارا ونصف المليار دولار لحماية نظام التقاعد من العجز الذي كان مقررا خلال سنة 2012.
وفيما يتعلق بالوفاء بالتزامات التي ورثتها حكومة ابن كيران عن سابقتها، أعلن الخلفي أن الحكومة احترمت استمرارية الالتزامات، ورصدت 13.2 مليار و600 مليون دولار سنويا، لتحمل اتفاق الحكومة السابقة مع الاتحادات النقابية والذي جرى عقده 26 أبريل (نيسان) 2011.
ونوه الخلفي بقرار الحكومة تخفيض أسعار 1120 صنفا من الأدوية المرتبطة بالأمراض المزمنة، ضمن المرحلة الأولى من عملية تخفيض أسعار الدواء، مؤكدا أن الحكومة خصصت 200 مليون دولار لشراء الأدوية مقابل 83 مليون دولار كانت تخصصها الحكومة السابقة لدعم الطبقة الفقيرة والمحدودة الدخل في مجال شراء الأدوية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».