السعودية: إطلاق خطة لتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة

ترقب تأسيس هيئة مستقلة تمكنها من التوطين

أحد المصانع السعودية في العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
أحد المصانع السعودية في العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: إطلاق خطة لتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة

أحد المصانع السعودية في العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
أحد المصانع السعودية في العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)

كشفت لجنة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، عن إطلاق خطة لتطوير هذا القطاع، في ظل ترقب تأسيس هيئة مستقلة تمكنه من التوطين وخلق فرص لائقة بالشباب السعودي.
ومع ذلك، قال منصور الشثري رئيس لجنة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الرياض لـ«الشرق الأوسط»: «إن القطاع في حاجة ماسة للدعم الحكومي، فيما يتعلق بوضع ضوابط واشتراطات، تقلل من التنافسية الشديدة التي أضعفت الهوامش الربحية لمنشآته وأضعفت قدرته».
وأضاف: «نحن ما زلنا في انتظار اتخاذ قرار بخصوص تأسيس هيئة مستقلة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، تساهم في تحقيق فرص عمل بأجور لائقة للشباب السعودي تكفيهم العمل لدى الجهات الأخرى، من خلال توفير بيئة عمل صحية مستقرة، مع تحقيقها أرباحا مجزية للمنشآت ولمالكها».
وفي الإطار نفسه، أقرّ الشثري بأن أكبر عثرة رئيسة تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة الآن، تكمن في عدم قدرتها على خلق فرص عمل لائقة بالسعوديين، رغم أنها أكبر مولد للفرص الوظيفية في أي قطاع في المملكة، بخلاف ما عليه في المملكة، حيث لا تستطيع تحقيق ذلك.
وعزا ذلك إلى عدم هيكلة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتوفير كل سبل الدعم لها، لكي يستطيع توفير فرص عمل وظيفية للسعوديين، مشيرا إلى أن السبب الرئيس في ذلك يعود إلى الضعف في الأموال المستثمرة في القطاع.
وقال: «نحن لا نريد أن يكون هذا القطاع تحت توجيه وزارة العمل في جعله مولد فرص للوافدين فقط، وبوابة لاستقدام المزيد منهم، في حين أن هذا القطاع يحتاج إلى دعم كبير لكي تعاد هيكلته، ويكون مولد فرص وظيفية للمواطنين بأجور لائقة وبيئة عمل مكانية مناسبة».
ولفت رئيس اللجنة إلى أن القطاع اعتاد، خلال الأعوام الأخيرة، الأجور الزهيدة والعمالة الرخيصة، ولم يكن به بيئة عمل مناسبة تجذب الشباب السعودي من خلال الفرص اللائقة، مبينا أن واقع هذا القطاع، في ظل تكدس العمالة الوافدة فيه، أصبح بوابة لعمل الوافد بالتستر.
وزاد: «لدينا خطة نعمل عليها الآن وسيعلن عنها قريبا، لكي نحوّل تلك المنشآت إلى التوظيف الذاتي لملّاكها، وأن يكون بعض أفراد العائلة يساعدون المالك الأصلي، بحيث تبرز شريحة من الشباب والمواطنين السعوديين يعملون في تلك المنشآت».
وفي السياق نفسه، أوضح خلف الشمري عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس اللجنة في دورة سابقة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يختلف اثنان على مدى أهمية القطاع ومدى تأثيره، على مستوى توطين الوظائف وجودة الخدمات وتنافسية الأسعار، بل حتى على مستوى الأمن الوطني بشكل أو بآخر.
ومع أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل على مستوى العالم ما يتراوح بين 75 و95 في المائة من عدد المؤسسات والشركات العاملة في تلك البلدان، فإن عددها على مستوى السعودية قليل، ولذلك تأثيرها قليل جدا في الاقتصاد، وتشغيلها للعمالة للوطنية أيضا قليل جدا.
وعزا الشمري ضعف تأثير القطاع في الاقتصاد السعودي إلى وجود أكثر من جهة تتجاذب رعاية القطاع، سواء كانت وزارة التجارة والصناعة أو بنك التسليف والادخار، أو وزارة العمل - أخيرا - التي بدأت تخطو خطوات في هذا الاتجاه، فضلا عن وزارة المالية، مشيرا إلى أنها لم تقدم ما هو مطلوب منها بشكل أو بآخر.
وشدد على ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تعنى بهذا القطاع، مبينا أنها خطوة مهمة جدا، ولكن الأهم منها، على حد تعبيره، اختيار أكفأ المتخصصين من ذوي الخبرات لإدارتها بشكل سليم، مشيرا إلى أن القطاع في واقعه الحالي لا يقدم خدمات بجودة عالية، لأن التعاطي معها في السعودية في أدنى مستوياته.
واقترح الشمري أن يختار فئة من المجيدين من الموظفين، للابتعاث إلى كل بلدان العالم، في إطار منحة خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، للتأهيل والتدريب خصيصا ليكونوا نواة لهذه الهيئة، للعمل على تخطيط عملها بشكل استراتيجي محترف.
وقال: «إن توجه مثل هؤلاء المبتعثين طلابا إلى التخصصات والمجالات التي تحتاج إليها الهيئة في أعرق جامعات العالم، لتقييمهم وتأهيلهم واختيار الأكفأ منهم ليكون هو الرئيس، يمهد لإطلاق هيئة تعمل منذ يومها الأول باقتدار وحرفية، لا أن تكون هيئة تحصيل حاصل تشتت الجهود ولا تنفذ عملا».
ولفت الشمري إلى أن حكومة خادم الحرمين الشريفين لا تألو جهدا في سبيل تعزيز قدرات المواطن السعودي، مبينا أنها ضخت في سبيل ذلك أموالا هائلة من قبل بنك التسليف، ولكن سوء توظيف وتوجيه هذه الأموال والفرص في الاتجاهات الصحيحة، يصعب الوصول إلى الهدف المنشود.
ونوه عضو مجلس غرفة الرياض بأن هناك خللا يكمن في ندرة الكفاءات وليس في الثقات، قائلا: «إنه دائما يختار الشخص الثقة ومع كل الاحترام للثقة غير أن صاحبها لا تكفيه للقيام بالعمل المطلوب».
ونوه بتحدٍّ آخر، يتمثل في أن ملاك المنشآت لا يسيرون بنفس الاندفاع بالشكل الذي تسير عليه السياسات السعودية، مبينا أن هناك اتكالية باعتمادهم على دعم الحكومة وتمويلها لهم، مشددا على ضرورة أن يبادروا بما يتفق ومتطلبات العمل ومقوماته ونوعية عملائهم وكيفية خدمتهم لمدة عام أو عامين قبل إطلاق نشاطاتهم.
من جانبه، أوضح محمد الحمادي، رئيس اللجنة الغذائية، أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لم يوظف بشكل يجعله أهم رافد للاقتصاد، ولتوظيف العمالة الوطنية، وتقديم الخدمات والمنتجات بأسعار مناسبة للمستهلك النهائي.
واتفق الحمادي مع الشمري في أن وزارة العمل سبق أن أطلقت مبادرات تجاه المنشآت، غير أن تداخل الصلاحيات بين وزارات معينة أضعف دورها، حيث أكدا أن كل وزارة تريد الاستحواذ على رعاية منشآت القطاع، ومنها التجارة والعمل وبنك التسليف، وأخيرا صندوق المئوية، الأمر الذي أثر سلبا على الاندفاع الإيجابي لما وجه به وزير العمل وفريقه.
ولفت إلى أن هناك تحديات تواجه القطاع، منها غياب الحوكمة وعدم التقيد بالسياسات الصادرة بشأنها، مبينا أن هناك عدم تفاعل من رجال الشركات الكبيرة ورجال الأعمال في تدريب الشباب السعودي وتحفيزه، وتحملهم تكاليف تبني 50 أو مائة شاب كل عام.
وقال الحمادي: «إن البيئة السعودية تتميز بقدرات كبيرة في سوقها وفي عدد شبابها، ولكن تبقى هناك إشكالية خلق نوع من التعاون بين جهات العمل الخاص والشباب، وذلك في سبيل توفير الكوادر المؤهلة والمدربة».
وشدد على ضرورة الاستفادة من الإنفاق الاقتصادي العالي للحكومة في تحفيز قطاعات العمل الخاص والعام ودعمها، بخلق نوع من التعاون الجدي بين الغرف التجارية الصناعية ولجانها والشباب السعودي والجامعات لإخراج جيل جاد وعملي، مع خلق فرص عمل لائقة له.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».