كيري يعود إلى أفغانستان سعيا لإنهاء نزاع بشأن الانتخابات الرئاسية

بعد يومين من مقتل جنرال أميركي على يد جندي أفغاني

قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال جوزيف دانفورد يستقبل وزير الخارجية الأميركي لدى وصوله إلى كابل أمس (إ.ب.أ)
قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال جوزيف دانفورد يستقبل وزير الخارجية الأميركي لدى وصوله إلى كابل أمس (إ.ب.أ)
TT

كيري يعود إلى أفغانستان سعيا لإنهاء نزاع بشأن الانتخابات الرئاسية

قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال جوزيف دانفورد يستقبل وزير الخارجية الأميركي لدى وصوله إلى كابل أمس (إ.ب.أ)
قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال جوزيف دانفورد يستقبل وزير الخارجية الأميركي لدى وصوله إلى كابل أمس (إ.ب.أ)

وصل وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى أفغانستان، أمس، في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، وذلك سعيا لإنهاء الخلاف بين مرشحي الرئاسة حول الفائز في الانتخابات الأخيرة.
وكانت آخر زيارة لكيري، في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، عندما قضى عشرات الساعات للتوسط في اتفاق بين المرشحين على مراجعة الأصوات، لكن عملية التدقيق في ثمانية مليون صوت كانت محفوفة بالإضرابات، والتعليق، والنزاعات، والارتباك، بل وحتى الاشتباكات بالأيدي. وجرى تدقيق ومراجعة أقل من خمسة آلاف من صناديق الاقتراع، البالغ مجموعها 23 ألف صندوق حتى الآن في غضون أكثر من ثلاثة أسابيع، منذ التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.
ومن المقرر أن يلتقي كيري مع مرشحي الرئاسة أشرف غني أحمد زاي، الذي أعلن أنه الفائز في 14 يونيو (حزيران) في جولة الإعادة بتحقيقه نسبة 56 في المائة من التصويت، وعبد الله عبد الله، الذي اعترض على النتائج، وأعلن أنها مزورة.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها، إن كيري يسعى إلى تشجيع كلا المرشحين «على المساعدة على تسريع عملية التدقيق التي يشاركان فيها، والعمل على تحقيق تقدم في تفاصيل الإطار السياسي الذي اتفقا عليه خلال آخر زيارة لوزير الخارجية».
وأضافت ساكي أن كيري سيشجع كلا المرشحين على العمل معا بروح الزمالة والحنكة السياسية، لضمان تحقيق الوحدة الوطنية والبناء على التقدم الذي حققه الشعب الأفغاني.
وفي كابل، رحب المرشحان بزيارة كيري. وقال علي أميري، المتحدث باسم فريق عبد الله: «لم يشارك الوزير كيري في أي جدول أعمال جديد بشأن الانتخابات. فهو هنا لضمان سلاسة العملية وتنفيذ الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في وقت سابق، ونحن نقدر ذلك». وأضاف: «كيري قد يتحدث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية».
وقال مجيب رحيمي المتحدث الآخر باسم عبد الله إن «عبد الله والوفد المرافق له التقوا الوزير كيري في السفارة الأميركية في كابل مساء أمس. ولم يتضح ما إذا كان كيري قد التقى بالفعل فريق المرشح الرئاسي أشرف غني. ومن المقرر أن يلتقي كيري أيضا مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي».
وقال محمد صديق باتمان، المتحدث باسم فريق غني لوكالة الأنباء الألمانية: «نحن نرحب بزيارة الوزير كيري إلى أفغانستان. ونأمل أن تساعد الزيارة في تسهيل عملية التدقيق والمراجعة، وسيكون لدينا رئيس منتخب قبل قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الشهر المقبل».
ولكنه قال أيضا إن هذا البلد لا يمكن أن يعتمد على الأجانب في حل جميع القضايا الداخلية.
وتعد الانتخابات التي جرت في شهر أبريل (نيسان) الماضي وجولة الإعادة التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي، الخطوة الأولى في التحول الديمقراطي لهذا البلد الذي مزقته الحرب.
وتأتي زيارة كيري بعد يومين فقط من مقتل جنرال أميركي على يد جندي أفغاني في «هجوم داخلي» على أكاديمية عسكرية في كابل، وهو أكبر مسؤول في حلف الناتو يلقى حتفه خلال سنوات الحرب الـ13 في أفغانستان.
ومن جهة أخرى، أعلن مسؤول أفغاني أمس أن قائدا في الشرطة الأفغانية المحلية، بالإضافة إلى ثمانية أفراد انضموا لتنظيم طالبان في إقليم قندز بشمال البلاد، في تطور يثير مخاوف الحكومة الأفغانية والأميركيين من تبعات تغلغل عناصر الحركة في قوات الأمن.
وقال حاكم المنطقة زالماي فاروقي إن القائد يار محمد كان يقاتل قوات طالبان في قرية باتيم بمنطقة شار دارا أول من أمس، ولكن انضم للتنظيم بالإضافة إلى ثمانية جنود تحت إدارته.
ويشار إلى أن الشرطة المحلية تتألف من جماعات مسلحة أنشأتها وزارة الداخلية لتوفير الأمن في القرى النائية حيث لا توجد شرطة وطنية.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من مقتل جنرال أميركي على أيدي رجل أفغاني أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أمس اسمه.
وكتب زاهر عظيمي المتحدث باسم الوزارة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «بحسب التقارير الأولية فإن اسم القاتل هو رفيع الله وقد خدم في الجيش لمدة عامين وستة أشهر».
وقد أصيب 15 جنديا تابعون لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بينهم برجيدير ألماني، في الحادث الذي وقع في جامعة مارشال فهيم الوطنية للدفاع في منطقة قارجي غرب كابل.
وقد قتل المهاجم في الحادث. وقال مسؤول عسكري أفغاني: «إن الجندي الأفغاني اختبأ في غرفة وبحوزته بندقية، وأطلق النار أثناء مرور المسؤولين الأجانب لدى زيارتهم للأكاديمية». وأضاف المسؤول أن جنرالين أفغانيين أصيبا في الحادث.
ويعد الميجور جنرال الأميركي هارولد جيه جرين أبرز مسؤول عسكري من الحلف الأطلسي يقتل في أفغانستان منذ 13 عاما من بدء الحرب هناك. وقال مسؤول من «الناتو» لوكالة الأنباء الألمانية أمس إنه لا يوجد تغيير في عمليات التدريب والعمليات الاستشارية منذ وقوع الهجوم.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».