عريقات: ضم الأغوار لإسرائيل جريمة حرب وإنهاء لحل الدولتين

الحكومة الفلسطينية تعقد اجتماعها في المنطقة اليوم لتأكيد أهميتها

أم فلسطينية تحمل صورة نجلها المعتقل الذي من المقرر أن تفرج عنه إسرائيل ضمن دفعة جديدة في رام الله أمس (أ.ب)
أم فلسطينية تحمل صورة نجلها المعتقل الذي من المقرر أن تفرج عنه إسرائيل ضمن دفعة جديدة في رام الله أمس (أ.ب)
TT

عريقات: ضم الأغوار لإسرائيل جريمة حرب وإنهاء لحل الدولتين

أم فلسطينية تحمل صورة نجلها المعتقل الذي من المقرر أن تفرج عنه إسرائيل ضمن دفعة جديدة في رام الله أمس (أ.ب)
أم فلسطينية تحمل صورة نجلها المعتقل الذي من المقرر أن تفرج عنه إسرائيل ضمن دفعة جديدة في رام الله أمس (أ.ب)

وصف صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، مشروع قانون ضم الأغوار إلى إسرائيل، الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية الإسرائيلية المختصة بسن القوانين في الكنيست الإسرائيلي، بأنه يمثل جريمة حرب. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «دليل كبير على نية حكومة إسرائيل تدمير عملية السلام وإحباط جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري»، الذي من المفترض أن يصل إلى المنطقة نهاية الأسبوع الحالي. وأضاف عريقات: «إنها بذلك تفشل المفاوضات من الآن».
وكانت اللجنة الوزارية لسن القوانين في الكنيست صادقت على قانون ضم المستوطنات اليهودية في غور الأردن وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها. ووافق ثمانية من وزراء «الليكود» و«البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا» على اقتراح القانون الذي تقدمت به عضو الكنيست ميري ريغف (الليكود) بينما عارض الاقتراح وزراء حزب «الحركة» و«هناك مستقبل».
ويقترح القانون تطبيق نظام الحكم والإدارة التابعين لإسرائيل على المستوطنات في الغور وعلى الطرق المؤدية إليها. وكذلك عدم فرض تحديد البناء في مستوطنات الغور لأسباب سياسية إلا بقرار من الكنيست. وقالت ريغف إن «الهدف من اقتراح القانون سياسي وأمني فقط لأن مستوطنات غور الأردن تشكّل خط دفاع أمني استراتيجي للحدود الشرقية الطويلة لدولة إسرائيل».
وتشكل الأغوار نحو 26 في المائة من مساحة الضفة الغربية على طول الحدود مع الأردن. وتمتد المنطقة على مسافة 120 كيلومترا، بعرض يتراوح من ثلاثة كيلومترات إلى 15 كيلومترا، من شمال البحر الميت جنوب فلسطين إلى بردلة عند مدخل بيسان شمالا. ويعيش فيها نحو 50 ألف فلسطيني مقابل 7000 مستوطن إسرائيلي يسيطرون على أغلبية الأراضي هناك.
وثمة خلاف كبير وجوهري في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول المنطقة. وتريد إسرائيل الاحتفاظ بجيشها على طول الحدود هناك، بينما يرفض الفلسطينيون بقاء أي جندي إسرائيلي.
وقال عريقات أمس: «لا دولة من دون الأغوار، ولن نقبل بأي وجود إسرائيلي هناك.. هذا يدمر حل الدولتين».
وقررت الحكومة الفلسطينية عقد اجتماع اليوم (الثلاثاء) في منطقة الأغوار لبحث القرار الإسرائيلي الجديد. وقال بيان حكومي: «إن جلسة مجلس الوزراء في مجلس قروي عين البيضا في الأغوار غدا (اليوم)، تأتي للتأكيد على اهتمام الحكومة بمنطقة الأغوار التي تشكّل السلة الغذائية لشعبنا، والبوابة الشرقية للدولة الفلسطينية التي لا يمكن أن تقوم من دون منطقة الأغوار».
ونددت حركة فتح بقانون ضم مستوطنات منطقة الأغوار في الضفة الغربية. وقالت اللجنة المركزية، في بيان أصدرته عقب اجتماع لها برئاسة الرئيس محمد عباس في رام الله، إن مشروع القانون يعد «باطلا ولاغيا وجريمة ضد الإنسانية، ويهدف لإفشال كل الجهود الأميركية والدولية المبذولة لتحقيق تسوية عادلة وشاملة ودائمة في المنطقة».
كما استنكرت حركة حماس القرار الإسرائيلي، وعدّته «قرارا عدوانيا سافرا، وشكلا من أشكال العدوان الإسرائيلي يستدعي مقاومته والتصدي له والعمل على إفشاله وبكل الطرق». وأرجع الناطق باسم الحركة فوزي برهوم القرار إلى «استمرار المفاوضات مع إسرائيل».
من جانبه، هاجم بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، القانون الجديد. وقال: «في هذا التوقيت هذا خطأ، بل وقد يُلحق أضرارا بإسرائيل».
لكن نتنياهو لم يطلب قبل ذلك من الوزراء التصويت ضد القانون، واكتفى أنه عبّر عن عدم رضاه. وذكر أحد الوزراء أن نتنياهو قال لوزراء الليكود الذين شاركوا في الجلسة: «إن المفاوضات التي تجري الآن ليست نهائية لذا لا يجب اتخاذ خطوات سياسية كهذه، ويجب أن تتخذ قرارات من هذا النوع من قبل الحكومة، وليس عن طريق اقتراح شخصي لسن قانون جديد».
ويتوقع وزراء معارضون للقانون فشله بشكل سريع وعدم قبوله من قبل الحكومة أيضا. وصرّح الوزيران؛ وزيرة القضاء تسيبي ليفني ووزير المالية يائير لبيد، بأنهما سيستأنفان ضد القرار، مما سيوقف استمرار تقدمه في الكنيست.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي: «إنها مجرد ضجة من قبل وزراء الليكود واليمين للتعويض عن الفشل في قضية إطلاق سراح الأسرى السياسيين (الفلسطينيين) أمام جمهور الناخبين». وأضاف: «يعلم وزراء الليكود أن القانون سيفشل، لذا شعروا أن بإمكانهم تصدر العناوين».
وهاجمت ليفني، التي تتولى المفاوضات مع الفلسطينيين، الوزراء الذين أيدوا القانون «بتسرع ودون نقاش عميق». وقالت: «نتحدث عن اقتراح غير مسؤول وشعبوي يهدف إلى تكبيل أيدي الحكومة ورئيس الحكومة. وسيلحق ضررا كبيرا بدولة إسرائيل، وستصبح معزولة عن العالم». وأضافت: «أنا لا أريد العيش في النهاية في دولة ثنائية القومية».
وبدوره، قال لبيد: «يجب منح الحرية الكاملة لمن يجري المفاوضات، وعدم تكبيل أيدي رئيس الحكومة من خلال مقترحات كهذه. نريد أن نقوم بخطوات سياسية لكننا غير مستعدين للتضحية بالمقابل. لا أريد أن أعيش في دولة يعيش فيها أبناء قوميتين».
وتعد منطقة الأغوار إحدى أهم المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، وهي بالنسبة للفلسطينيين أحد أقطاب مثلث الماء الفلسطيني. وتشكل المنطقة نحو 47 في المائة من مصادر المياه الجوفية الفلسطينية، وتُعدّ المعبر الوحيد للفلسطينيين نحو العالم الخارجي، وعصب الاقتصاد الفلسطيني المستقبلي الذي يتمثل في الزراعة، وهي المكان الذي يمكن فيه توسيع القدس الشرقية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».