فنادق مجموعة بارك.. من وحي البيئة الهندية

{الشرق الأوسط} تحاور رائدة الفنادق الهندية برييا بول

جانب من تصميم بركة السباحة الخارجية في فندقها في بنغالور.. وفي الإطار برييا بول
جانب من تصميم بركة السباحة الخارجية في فندقها في بنغالور.. وفي الإطار برييا بول
TT

فنادق مجموعة بارك.. من وحي البيئة الهندية

جانب من تصميم بركة السباحة الخارجية في فندقها في بنغالور.. وفي الإطار برييا بول
جانب من تصميم بركة السباحة الخارجية في فندقها في بنغالور.. وفي الإطار برييا بول

تعد برييا بول من أشهر سيدات الأعمال في الهند، وإحدى أشهر سيدات الأعمال في آسيا، وهي ترأس حاليا مجموعة فنادق «أبيجاي سرندرا بارك»، التي تسمى دوليا «بارك هوتيلز»، وهي مجموعة فنادق بوتيك تتميز بتصميمات داخلية رائعة، ترى برييا أنها من أهم العناصر التي تجذب رواد هذه الفنادق إليها.
في لقاء مع «الشرق الأوسط» قالت برييا بول إن «فنادق المجموعة تختلط بالبيئة المحلية في المناطق التي تقع فيها وتقدم البيئة الهندية لنزلائها في إطار تصميم جذاب».
وكانت برييا قد تولت منصبا إداريا في أحد فنادق المجموعة في عمر 22 سنة تحت إشراف والدها، وهي الآن تدير مجموعة فنادق بارك وتتوسع في بناء مجموعة أخرى داخل الهند. وصرحت برييا أنها لا تمانع المشاركة في إدارة فنادق أخرى في الشرق الأوسط ومناطق أخرى وتوجهت بنصائح لسيدات الأعمال من أجل النجاح في مجال نشاطهم العملي.
تتوقع برييا طرح أسهم مجموعة الفنادق للاستثمار في البورصة في التوقيت المناسب، وتقول إن «أهم صفات المدير الناجح وضوح الرؤية والعمل مع فريق لتحقيق هذه الرؤية».
وفيما يلي أهم ملامح الحوار مع برييا بول:
* كيف تفوقت في أول مهمة لك كمديرة للتسويق في سلسلة فنادق بارك في عمر 22 سنة؟ وماذا تتذكرين كأهم منجزاتك في خلال هذه الفترة من حياتك العملية؟
- إن فنادق «بارك هوتيلز» هي ملكية عائلية وقد تدربت تحت إشراف والدي لفترة عدة سنوات، ولذلك فقد أعدني جيدا لهذه المهمة، وبالطبع كانت هذه مسؤولية جسيمة في سن صغيرة، ولكنني كنت محظوظة في التعلم من الفريق حولي وتلقي الكثير من الدعم من أفراد العائلة. وبالنسبة لي كان أهم إنجاز هو تعلم مجال عمل جديد ومن البدايات وحتى منتصف التسعينات جرى تحويل «بارك هوتيلز» إلى مجموعة فنادق بوتيك فاخرة وإحضار هذه الفكرة الجديدة إلى الهند.
* إن مجموعة فنادق بارك تشمل الآن 12 فندقا تشتهر بالتصميم الجيد، هل تتبعين أسلوبا واحدا في التصميم في كل فنادق المجموعة، أم أن كل فندق فريد من نوعه؟ وكيف تختارين تصميماتك لفنادق بارك؟
- كل فندق في المجموعة يختلط بالبيئة التي يقع فيها ويحضرها إلى الداخل، ويجري تقديم الضيوف بأسلوب رقيق إلى تاريخ المنطقة، وذلك منذ لحظة وصولهم. وعلى سبيل المثال كنت أجمع بعض اللوحات وتذكارات من الأفلام عندما جرى شراء فندق جديد في منطقة تشيناي التي كانت تقع ضمن ستوديو للأفلام في عقد الثلاثينات. والآن يمتلئ الفندق بهذه اللوحات والتذكارات.
ويعد فندق بارك حيدرآباد من الفنادق الرائعة ويعتبره النقاد أحد الفنادق التي تضع معايير التصميم في الهند، وشارك في تصميم هذا الفندق الذي يضم 267 غرفة، ستة من أشهر المصممين الهنود، وهو يعتمد في تصميماته على مجموعة جواهر وتصميمات مجموعة قصر نظام، وهي واحدة من أغلى مجموعات الجواهر في العالم، وكانت النتيجة تفسير عصري لمجموعة جواهر قصر نظام، الذي كان مقر الحكام التاريخيين لحيدرآباد الذين اشتهروا في الولاية بالثراء الفاحش وأسلوب المعيشة الفاخر.
* ما الذي يميز، في رأيك، فنادق بارك عن غيرها من الفنادق الأخرى؟
- إن مجموعة فنادق بارك تمثل الهند الحديثة، ونحن معروفون بالتجديد والابتكار، وهذا شيء مطبوع في هويتنا، ويرتبط بالفنون والثقافة والتصميم والموضة، ونحن نريد لضيوفنا الخروج بانطباع أنهم مروا بتجربة عميقة وليس فقط مجرد النزول في فندق.
* هل تتوجهون أساسا إلى السائح الأجنبي أم إلى السياحة المحلية من داخل الهند؟
- إن خليط الضيوف لدينا يتغير وفقا لموقع الفندق، ولكن بصفة عامة تبلغ نسبة السياحة المحلية نحو 60 في المائة من الإجمالي، وهي لأغراض الأعمال والعطلات.
* إلى أين تريدين التوجه بمجموعة فنادق بارك في المستقبل؟ وكم من الفنادق سوف تنضم إلى المجموعة؟ وهل من خطط لطرح أسهم الشركة في البورصة؟
- سوف نستمر في ضم فنادق أخرى لمجموعة بارك. ونحن في الطريق لتدشين علامة تجارية أخرى هي «زون باي ذا بارك»، وتصنف علامة بارك زون وفق مستوى أربعة نجوم، وتتوجه نحو رجال الأعمال الهنود والزوار الدوليين على حد سواء، ويتوجه هؤلاء إلى استكشاف المدن الهندية الصغيرة ووجهات العطلات في الهند التي تنمو بمعدلات سريعة، وكان هذا التطور بعد اكتشاف فجوة في السوق الفندقي لفنادق بأسعار تتراوح بين 80 و110 دولارات في الليلة، وهناك زيادة مضطردة في الطلب بسبب ارتفاع أعداد الطبقة المتوسطة في الهند وارتفاع في الإقبال على العطلات والسفر المحلي للأعمال والعطلات. وهي فنادق سوف تجذب أيضا المسافر الدولي. ولدينا الكثير من المواقع التي نطورها الآن في كويمباتور، وجايبور، ومهاباليبورام، وتشيناي.
وسوف تعتمد هذه الفنادق أيضا على عنصر التصميم وهي تحتوي على منافذ تجارية جذابة للطعام والتسلية، مثلها مثل فنادق بارك.
وعندما نصل إلى الحجم المثالي لدينا خطط لطرح أسهم في الأسواق المالية.
* هل يجري تمويل هذه المشروعات من داخل المجموعة الفندقية أم من قطاعات أخرى داخل مجموعة الأعمال العائلية؟
- هناك مصادر تمويل متعددة منها التمويل الذاتي والتمويل بالحصص من مجموعة أبيجاي سرندرا وعبر الاقتراض.
* جرى اختيارك ضمن أشهر 50 سيدة أعمال آسيوية، فما هي الصفات الضرورية للقيادة في مجال الأعمال؟ وهل واجهتك صعوبات خاصة كسيدة في مجتمع محافظ؟
- لقيادة أي مجال من الأعمال، سواء للرجال أم النساء، لا بد وأن يتمتع المدير بوضوح في الرؤية والقدرة على التواصل بهذه الرؤية إلى فريق العمل معه والعمل مع الفريق لتحقيق هذه الرؤية. وعندما بدأت خوض مجال الأعمال في موقع اتخاذ القرار في سن صغيرة، أعتقد أنني واجهت الكثير من العقبات بسبب عمري، وليس لأنني امرأة، لقد كنت محظوظة أن أعمل في مجال الضيافة، التي تعمل بها نسبة أكبر من النساء بالمقارنة مع الكثير من مجالات الأعمال الأخرى.
* هل لديك أي خطط للتوسع بسلسلة الفنادق إلى خارج الهند، خصوصا إلى مناطق مثل الشرق الأوسط وأوروبا؟
- نحن بالتأكيد لدينا اهتمام لدراسة الفرص لملكية فنادق أو إدارتها كمشاريع مشتركة في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.
* ما هي التسهيلات التي تودين أن تشاهديها في الهند لتشجيع قطاعي الفنادق والسياحة فيها؟
- لدى الهند إمكانيات سياحية هائلة، ولكن معدل السياحة القادمة إلى الهند لا يزيد عن 6.2 مليون سائح، بينما السياحة المحلية تزيد عن 550 مليون سائح، والمطلوب هو بنية تحتية جيدة لجميع أنواع الفنادق ونشاطات السياحة من أجل تغيير هذا الواقع. وأعتقد أن تسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة الدخول سوف يساهم في تشجيع ونمو قطاعات السياحة الدولية إلى الهند.
وللأسف، فإن السياحة ما زالت تفتقر إلى التقدير اللازم كصناعة مهمة في تشغيل الأيدي العاملة، ولكن الحكومة الجديدة في الهند قررت أن تجعل السياحة من العناصر الأساسية في سياستها، وهذا أمر مشجع وأتمنى أن يحدث هذا التغيير.
* ما هي النصيحة التي تقدمينها إلى سيدات الأعمال المبتدئات، خصوصا في مجتمعات محافظة من أجل التغلب على العوائق الكثيرة التي تعترض طريقهن إلى النجاح؟
- نصيحتي إليهن هي التحلي بالقوة ووضوح الأهداف التي يردن تحقيقها، سواء على نطاق ضيق أو واسع. ويمكن لكل النساء، وخصوصا في المجتمعات التقليدية، الاستفادة من وجود معلم خبير يرعاهن أو شبكة دعم نسائية حولهن.
برييا بول في سطور:

- من مواليد عام 1967، نشأت في مدينة كلكتا وتلقت تعليمها في كلية ويلسلي الأميركية، التي حصلت منها على بكالوريوس اقتصاد ثم دخلت مجال الأعمال تحت إشراف والدها وهي في عمر 22 سنة.
- بعد وفاة والدها في عام 1990 في حادث إرهابي في مقاطعة آسام أثناء تفقده مزارع الشاي التي تملكها العائلة، تولت برييا إدارة قطاع الضيافة في مجموعة الأعمال العائلية وذلك في عمر 23 سنة.
- تهوى القراءة والسفر والفنون والتاريخ.
- معروف عنها اهتمامها بالتصميم والفنون وتطبق ما تراه مناسبا على فنادق مجموعة بارك التي تديرها.
- تقول إنها في سبيل طرح أسهم الشركة للاكتتاب في الأسواق المالية: «عندما تصل الشركة إلى حجم مناسب».
- حصلت على الكثير من الجوائز الحكومية والخاصة من داخل الهند وخارجها.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».