مؤشر العقار المنتظر في السعودية يدفع للمطالبة بتوجه مشابه في «الإسكان» و«البناء»

مختصون: لتكتمل دائرة الاستفادة لا بد من الإفصاح عن أسعار المساكن الجاهزة ومواد البناء والفسوحات

إعلان مؤشرات عقارية جديدة توضح تفاصيل أسعار العقار في المدن والأحياء السعودية (تصوير: خالد الخميس)
إعلان مؤشرات عقارية جديدة توضح تفاصيل أسعار العقار في المدن والأحياء السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

مؤشر العقار المنتظر في السعودية يدفع للمطالبة بتوجه مشابه في «الإسكان» و«البناء»

إعلان مؤشرات عقارية جديدة توضح تفاصيل أسعار العقار في المدن والأحياء السعودية (تصوير: خالد الخميس)
إعلان مؤشرات عقارية جديدة توضح تفاصيل أسعار العقار في المدن والأحياء السعودية (تصوير: خالد الخميس)

وسط تفاؤل كبير بخطوة اعتزام وزارة العدل السعودية إطلاق مؤشرات عقارية شاملة هذا الشهر، دعا مختصون إلى ضرورة أن يتواكب هذا التوجه مع خطوات مماثلة من قبل جهات حكومية أخرى ذات علاقة كوزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الإسكان لتكتمل منظومة المؤشرات التي تسهم في انعكاسات إيجابية على جميع الأطراف المستفيدة من قطاع العقار.
وكانت وزارة العدل السعودية أعلنت الأسبوع الماضي نيتها إطلاق صيغة جديدة بالمؤشرات سيدشنها الدكتور محمد العيسى وزير العدل هذا الشهر، يبلغ عددها 36 مؤشرا تغطي المناطق والمدن والأحياء، كما سيمكّن مؤشر الأحياء من إعطاء المتوسط اليومي لسعر الحي.
وجاءت هذه المستجدات من وزارة العدل عبر حسابها الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حيث كشفت إنه يمكن من خلال تلك المؤشرات بناء قاعدة معلومات يومية مفصلة لأسعار العقار في السعودية، كما يمنح المؤشر صورة كاملة عن حركة العقارات المحلية، كما سيستطيع المواطن مقارنة الأسعار بين الحين والآخر.
وبحسب وزارة العدل، أكدت أنها اعتمدت في تأسيس هذه المؤشرات على أنظمة برامجها المعلوماتية المسحية من خلال التتبع الآلي للإفراغات، وتحليلها الإحصائي.
أمام هذا، أكد عبد الله العتيق وهو وسيط عقاري سعودي لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التوجه جاء أخيرا بعد معاناة كان الوسطاء العقاريون يشتكون منها حين التساؤل عن تفاصيل مهمة لا يمكن للوسيط العقاري الإجابة عليها رغم اطلاعه اليومي على أحداث السوق ومتطلباته، إلا أن وجود مؤشرات تكشف بوضوح عن الأسعار ستعطي طابعا جديدا في التعامل مع طلبات العملاء وتضفي مزيدا من الشفافية.
وأبان العتيق أن العمل والتقييم في السابق يعتمد على الاجتهاد فقط وهو ما يكون عرضة للأخطاء والوقوع في مشكلات حتى مع أصحاب طلبات المساكن وشراء الأرضي أو بيعها مشددا في الوقت ذاته على تطلعه إلى ما ستقدمه الخطوة الجديدة من إيقاف التلاعب والمزايدات على الأسعار ومعرفة الجميع بالأسعار.
وتوقع العتيق أن تساهم مؤشرات وزارة العدل في الإفصاح عن واقع السوق والتحركات السعرية مشددا في الوقت ذاته بأهمية توجه الدولة نحو إيجاد آليات تضمن ضبط السوق وسيره على قاعدة العرض والطلب، ومتابعة حركة المضاربات التي لا بد ألا تؤدي إلى أن يكون هدفها التأثير على أسعار الأراضي، لتصبح تلك المؤشرات عاملا إيجابيا محفزا وإضافيا لتصحيح وضع السوق وعكس قيمته الطبيعية.
يذكر أن وزارة العدل السعودية تصدر منذ فترة طويلة المؤشر العقاري لحركة المدن بشكل أسبوعي، إلا أن هذه الخطوة الجديدة علامة فارقة لتحديد مؤشر الأحياء، وإعطاء المتوسط اليومي لها، والتي ستخدم المواطنين بشكل كبير عند بحثهم عن خيارات التملك، في ظل تقارب الأسعار، وعدم وضوح الرؤية فيها، كما أن هذه الخطوة ستكون معيارا رسميا وواضحا عن الحركة العقارية بشكل مفصل، لمنع التلاعب وإيهام المواطن السعودي، عبر التحركات غير الحقيقية للقطاع العقاري.
من ناحيته، يرى الدكتور فهد بن عبد الله الحويماني المستشار وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، وهو من أول المطالبين بوضع مؤشر عقاري جاد، أن المؤشرات المعتزم إطلاقها تمثل إضافة حقيقية ومطلوبة منذ زمن طويل، داعيا إلى أهمية أن تتجه الجهات الحكومية ذات العلاقة كوزارة الشؤون البلدية والقروية وكذلك وزارة الإسكان إلى تبني مؤشرات تختص بالأراضي والمساكن وخصائص المساكن (مواد البناء).
وقال الحويماني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» لكي تكتمل دائرة الاستفادة من توجه وزارة العدل لإطلاق مؤشرات تركز على إحصائيات الإفراغات، لا بد أن تكون هناك في المقابل مؤشرات توضح إحصائيات رخص البناء (الفسح) وكذلك أسعار مواد البناء واستهلاكاتها بالإضافة إلى أهمية معرفة أسعار المساكن (المبنى المكتمل الإنشاء) لتتضح الصورة لا سيما مع وجود أنظمة مالية جديدة كنظام الرهن العقاري.
وأكد الحويماني أن هذه الإحصائيات والمؤشرات المتكاملة لها بالغ الفائدة على المستهلك بالدرجة الأولى وكذلك على المصنعين والتجار ومتخذي القرار والباحثين والمختصين وتزيد من الشفافية والإفصاح، مشددا في الوقت ذاته على وزارة العدل بأهمية عدم الاعتماد الكلي على التتبع الآلي للإفراغات وتحليلها إحصائيا فقط وإنما لا بد من المسح الميداني لإضافة المصداقية المطلوبة، التي تتواكب مع حجم القطاع وأهميته للناس.
وكان الحويماني انتقد بشدة المؤشر العقاري المعمول به حاليا من وزارة العدل حيث يعده مجرد نشرة أسبوعية لعدد الصفقات العقارية ومساحتها وقيمها، بينما المطلوب إيجاد مؤشر اقتصادي عبارة عن رقم معين، يبدأ بالعدد 100 أو 1000. وله سنة أساس ترمز لبداية فترة الرصد، ويستفاد منه في إيجاد رصد تاريخي لحركة السوق العقارية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».