موريشيوس.. صاحبة الهواء الأنقى في العالم

ألوان علمها مرآة لواقعها

مناظر اسطورية نسجتها انامل الطبيعة
مناظر اسطورية نسجتها انامل الطبيعة
TT

موريشيوس.. صاحبة الهواء الأنقى في العالم

مناظر اسطورية نسجتها انامل الطبيعة
مناظر اسطورية نسجتها انامل الطبيعة

* إنها جزيرة الأحلام والعرسان والباحثين عن الاسترخاء والمتعة، وسط المحيط الهندي تستوقفك موريشيوس التي أضحت اليوم إحدى الواجهات السياحية الآسرة وسط هذا المحيط الهادر بمياهه الزرقاء وبدلافينه وبمركباته، إنها جزيرة تحتضن في ربوعها الأراضي الخضراء الخصبة؛ حيث تتمايل أعواد قصب السكر وسعف جوز الهند وآلاف من الأشجار المتنوعة التي تغطي مساحة الجزيرة على أصوات خرير الماء المنبعث من الشلالات المهيبة، كما أن جبالها الخلابة تختفي تحت غطاء نباتي لا مثيل له على كوكب الأرض.
تتميز الجزيرة بنقاء هوائها؛ حيث تعد ثاني منطقة في العالم سجلت ميزة نقاء الهواء المشبع بالأكسجين الخالص بحكم توافر الغطاء النباتي والشواطئ النظيفة والأمطار الدائمة، وقلة المصانع والمركبات والآلات المنتجة للعوادم الملوثة للهواء، كما سجلت موريشيوس حسب منظمة السياحة العالمية أنها أكثر بلد في أفريقيا أمنا وأمانا، كما عدت الجزيرة الوجهة الأولى عالميا للعرسان لقضاء شهر العسل.

* أهلا بك في أرض الحب

* عندما تطأ قدماك أرض موريشيوس تشعر بحمية نادرة مع مستقبليك وكأنك تعرفهم من قبل، فشعبها خليط من عدة أجناس ذات أصول فرنسية وبريطانية وهندية وأفريقية، ودود ومضياف ومبتسم دائما؛ مما يوحي للزائر بأنه سيقضي أياما جميلة في هذه الجزيرة الحالمة وسط المحيط.
حملة موريشيوس عبر تاريخها قبل أن تكتسب اسمها الرسمي الحالي عام 1814، أربعة أسماء، فقد أطلق عليها العرب الذين يعدون أول من وصل إليها «ديناروبين»، ثم أطلق عليها البرتغاليون اسم «جزيرة البجع»، أما الهولنديون فأسموها «برينس موريتس فان ناسويلاند»، في حين أسماها الفرنسيون «جزيرة موريس».
ويعبر علم الجزيرة عن واقع موريشيوس، فالألوان الأربعة التي يحتويها العلم يحمل كل منها معنى خاصا، فاللون الأحمر يشير إلى الحرية، والأزرق يمثل لون المحيط الهندي، أما الأصفر فيعبر عن الشمس، في حين يرمز اللون الأخضر في العلم إلى الخضرة التي تعم أراضي الجزيرة.
«الشرق الأوسط» زارت الجزيرة ضمن وفد إعلامي سعودي توجه إلى هناك بدعوة من وزارة السياحة في موريشيوس، واطلعت على مدى أسبوع على المعالم السياحية في هذه الجزيرة، وخضع الوفد إلى برامج سياحية في غاية الدقة والمتعة من خلال السكن في فنادقها التي تعد من أفضل فنادق العالم؛ إذ تحتوي على الكثير من أماكن الإقامة المتميزة التي توفر الفرصة للزائر للاستجمام والاستمتاع بمعالم الجزيرة الخلابة، إضافة إلى رحلات إلى معالم الجزيرة الغنية بالطبيعة والشلالات والحدائق والاستمتاع بشواطئها النظيفة وممارسة كل الألعاب المائية، والسير تحت البحر ومشاهدة الدلافين والسباحة معها، كما أتاحت هذه الرحلات المشي مع الأسود والحيوانات المفترسة ومشاهدة الحيوانات على الطبيعة والنوم على فوهات البراكين؛ حيث تحتضن موريشيوس الكثير من المعالم السياحية ففي شمال الجزيرة هناك القلعة وحديقة بامبليموس النباتية التي تعد من أقدم الحدائق في المحيط الهندي والقرية السياحية ومتحف السكر والسفن الشراعية والغواصات والدبابات البحرية في حين يستمتع الزائر لجنوب الجزيرة بمشاهدة الوادي الملون الذي يضم 23 لونا من الطبيعة مع ثلاثة شلالات، وزيارة مصنع الشاي والبركان الخامد والنهر الأسود والاستمتاع بركوب الدبابات وكيبل التيلفريك اليدوي وحديقة التماسيح والسلاحف والبحر المخيف، كما أن الزائر لغرب الجزيرة سيتمتع بمشاهدة حديقة الطيور ورحلات السفاري المنوعة، كما يستمتع الزائر لشرق الجزيرة برياضة ركوب الدبابات والخيول بين الجبال والوديان ومحمية إيتوال وزيارة جزيرة الغزلان التي تعد أجمل جزيرة سياحية في موريشيوس كما توفر للزائر المنطاد اليدوي (الباراشوت) هذا إضافة إلى وجود مكان للتسوق في مجمع كودان في العاصمة وزيارة السوق الشعبي وأسواق جديدة في وسط وغرب الجزيرة.

* طبيعة خلابة

* في موريشيوس مشاهد أسطورية نسجتها أنامل الطبيعة فزيارة واحدة تتيح لك استكشاف معالمها الخلابة، فالجزيرة تحتضن بعضا من المناظر الطبيعية الأكثر تفردا في العالم، فالحديقة الوطنية بلاك ريفير غورج، وأرض السبعة ألوان في قرية شاماريل إحدى العجائب الجيولوجية ومعالم الجذب المذهلة. إنها تكوين جيولوجي تشكل من خلال تحلل الصخور البركانية في المنطقة على مر آلاف السنين، فنتج عنه مجموعة خلابة من الكثبان الرملية بسبعة ألوان مختلفة مشكلة منظرا طبيعيا متفردا في غاية من الجمال، وبالقرب من هذا المعلم يقع شلال شاماريل المهيب الذي يبلغ ارتفاعه 83 مترا، وحديقة بامبلوموس التي تمتد على مساحة 37 فدانا، وتضم التلال والبحيرات الساكنة ومجموعة من النباتات الاستوائية كما أن حديقة كاسيلا تعد وجهة رائعة أخرى لمشاهدة أنواع الحيوانات بما في ذلك القرود والأسود والحمر الوحشية والسلاحف العملاقة، كما تشكل الجبال التلال في الجزيرة لوحة فنية تحبس الأنفاس وفرص للاستمتاع برحلات السفر الليلية المشوقة، كما يعد جبل لومورن معلما أخاذا؛ حيث تتمايل عن سفحه مياه البحيرة الخضراء المتلألئة، ويعد الغولف رياضة في غاية الأهمية في الجزيرة لدرجة أن ملاعب الغولف تنتشر في جميع أرجائها.
ورحب وزير السياحة في موريشيوس مايكل سيك بوين بالسياح من السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن عدد السياح الذين زاروا الجزيرة العام الماضي بلغ مليون سائح نصفهم من الفرنسيين يليهم الألمان ثم الإنجليز والبقية خليط من جنسيات أخرى، كما بلغ عدد السياح السعوديين في العام ذاته نحو ألفي سائح، أما عددهم من أول يناير (كانون الثاني) وحتى نهاية مايو (أيار) من العام الحالي فبلغ 800 سائح أكثرهم من العرسان.
ويبلغ عدد الفنادق في الجزيرة 107 فنادق بغرف تتجاوز 13 ألف غرفة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».