محادثات بين قادة عسكريين من الهند وباكستان حول التوترات في كشمير

الجنرال الباكستاني عمار رياض (يمين) يصافح نظيره الهندي فينود بهاتيا، عند نقطة الحدود المعروفة باسم وجه شرق مدينة لاهور، وهو الاجتماع الأول بين البلدين منذ 14 عاما لبحث التوترات في منطقة كشمير المتنازع عليها (أ.ف.ب)
الجنرال الباكستاني عمار رياض (يمين) يصافح نظيره الهندي فينود بهاتيا، عند نقطة الحدود المعروفة باسم وجه شرق مدينة لاهور، وهو الاجتماع الأول بين البلدين منذ 14 عاما لبحث التوترات في منطقة كشمير المتنازع عليها (أ.ف.ب)
TT

محادثات بين قادة عسكريين من الهند وباكستان حول التوترات في كشمير

الجنرال الباكستاني عمار رياض (يمين) يصافح نظيره الهندي فينود بهاتيا، عند نقطة الحدود المعروفة باسم وجه شرق مدينة لاهور، وهو الاجتماع الأول بين البلدين منذ 14 عاما لبحث التوترات في منطقة كشمير المتنازع عليها (أ.ف.ب)
الجنرال الباكستاني عمار رياض (يمين) يصافح نظيره الهندي فينود بهاتيا، عند نقطة الحدود المعروفة باسم وجه شرق مدينة لاهور، وهو الاجتماع الأول بين البلدين منذ 14 عاما لبحث التوترات في منطقة كشمير المتنازع عليها (أ.ف.ب)

عقد قادة عسكريون من الهند وباكستان أمس محادثات للمرة الأولى منذ 14 عاما، حول التوترات في منطقة كشمير المتنازع عليها.
وقال الليفتنانت جنرال فينود بهاتيا، رئيس الوفد الهندي، للصحافيين عقب الاجتماع «عقدنا اجتماعا وديا وبناء ومثمرا للغاية». وأضاف «ناقشنا وقف إطلاق النار على طول خط السيطرة، والآليات القائمة» لتهدئة التوترات. ويفصل خط السيطرة، وهو خط افتراضي بطول 740 كيلومترا، بين شطري كشمير الهندي والباكستاني، لكن العام الحالي شهد أكثر من 200 انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم عام 2003. وتقول الهند إن سبعة من جنودها قتلوا وأصيب عشرات القرويين. فيما أعلنت الحكومة الباكستانية مقتل ثلاثة من جنودها وثمانية مدنيين.
وعقد الاجتماع، وهو الأول بهذا المستوى منذ عام 1999، بناء على اقتراح أطلقه رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، ونظيره الباكستاني نواز شريف، منذ ثلاثة شهور. ومنذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، وقعت ثلاث حروب بين البلدين المسلحين نوويا والواقعين في جنوب آسيا، بينها حربان بسبب كشمير. وتتهم الهند جارتها باكستان بإيواء المسلحين ومساعدتهم على شن الهجمات في الشطر الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير. وتنفي إسلام آباد هذه الاتهامات، وتصف مسلحي كشمير بأنهم مقاتلون من أجل الحرية.
من جهة أخرى، قتل في كراتشي ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص وأصيب نحو 30 آخرين بجروح، الثلاثاء في باكستان، في تفجيرات استهدفت الأقلية الشيعية التي كانت تحيي ذكرى الإمام الحسين، حسبما أفادت السلطات الباكستانية. وانفجرت قنبلتان بالقرب من أحد المساجد الشيعية في منطقة أورانجي تاون في مدينة كراتشي الاقتصادية، التي يسكنها نحو 20 مليون نسمة وتعاني موجة من أعمال العنف. وقال تشودري الأسد، وهو مسؤول رفيع في الشرطة المحلية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «القنبلتين انفجرتا بفارق زمني قصير، وكان الانفجار الثاني أكثر دموية».
وقال مصدر في مستشفى عباسي شهيد، حيث نقل الضحايا، إن «ثلاثة أشخاص قتلوا في الانفجارين، في حين بلغ عدد الجرحى 30 شخصا». وقالت شرطة كراتشي إن تفجيرا ثالثا وقع في حي نوميش شورانجي لدى مرور أحد المواكب الشيعية من دون أن يؤدي إلى وقوع ضحايا. وشددت السلطات الباكستانية الإجراءات الأمنية في المدن الرئيسة أمس بمناسبة إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين لدى الأقلية الشيعية. وفي روالبندي، إحدى ضواحي العاصمة إسلام آباد، ما زال الوضع متوترا اليوم الثلاثاء، حيث يحاول متطرفون سنة التعرض لأفراد من الأقلية الشيعية بعد اشتباكات دامية بين الجانبين الشهر الماضي.
ومنذ مطلع العام الحالي قتل أكثر من 400 شخص من الأقلية الشيعية في باكستان، التي تمثل نحو 20 في المائة من سكان هذا البلد البالغ عددهم الإجمالي 180 مليون نسمة، والذي يشهد اعتداءات دامية ينفذ معظمها متمردو حركة طالبان الذين يقاتلون قوات الأمن على الرغم من العرض الذي قدمته لهم إسلام آباد بالتفاوض من أجل السلام.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».