تعتمد الكثير من كبار الأندية الأوروبية على سياسة إعارة لاعبيها صغار السن إلى بعض الأندية الأقل في المستوى وذلك من أجل اكتساب خبرة اللعب والوجود في التشكيل بشكل مستمر حتى ينضج اللاعب مبكرا ويصبح قادرا على الوجود في تشكيلة فريقه. وعندما تعج الفرق الكبيرة بالنجوم ويصبح لديها فائض عن الحاجة، تلجأ هذه الأندية إلى أسلوب الإعارة إلى أندية أخرى تكون في معظمها أندية مغمورة. وقد يحالف الحظ بعض هؤلاء اللاعبين بالتوهج والتألق ثم العودة إلى فريقهم الأصلي أبطالا أو يتوهون في ظلمات الفشل. البعض يرى أن الأندية الكبيرة تعير لاعبيها الشبان من أجل مصلحتها فقط، فيما تدافع الأندية الكبيرة عن هذه السياسة وتقول إنها في صالح الفريق واللاعب في آن واحد.
وفي خضم استعدادات الأندية الكبرى لانطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم تدخل بعض مواهبها الشابة في المجهول. يملك مانشستر سيتي حامل اللقب وتشيلسي الغني تشكيلتين غنيتين، لذا يواجه الشبان في صفوف فريقي مانشستر ولندن خيار الرحيل على سبيل الإعارة أملا في إيجاد مساحة للعب لتنمية قدراتهم. لكن بالنسبة للبعض قد تكون الرحلة غنية بالمفاجآت الطيبة.
عاد الحارس البلجيكي تيبو كورتوا بطلا إلى تشيلسي بعد ثلاث سنوات مع أتلتيكو مدريد الإسباني آخرها كانت رائعة أحرز فيه لقب الدوري الإسباني «الليغا» وبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أن يتألق مع بلاده ويبلغ ربع نهائي مونديال البرازيل 2014.
وخطط البرتغالي جوزيه مورينهو المدير الفني لتشيلسي لإبقاء الحارس التشيكي المخضرم بيتر تشيك جنبا إلى جنب الحارس البلجيكي الشاب تيبو كورتوا في الموسم المقبل من الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان هناك مقترح يقضي بالسماح لتشيك بالرحيل عن تشيلسي في فترة الانتقالات الصيفية الحالية من أجل إتاحة الفرصة لكورتوا لتقمص دور الحارس الأساسي للفريق. وبعد أن قضى كورتوا المواسم الثلاثة الماضية معارا إلى أتلتيكو مدريد، رأى تشيلسي أن النجم البلجيكي بات جاهزا لتقمص دور الحارس الأساسي للفريق. ومن المتوقع أن يصبح تشيك الحارس الثاني لتشيلسي بعد عودة كورتوا، ولكن هذا الأمر قد لا يرضي طموح الحارس التشيكي البالغ من العمر 32 عاما، بعد أن شارك في قرابة الـ500 مباراة مع «البلوز».
زميل كورتوا ومواطنه المهاجم روميلو لوكاكاو استفاد من إعارته أولا إلى وست بروميتش ألبيون ثم إيفرتون على الرغم من أنه لم يقنع على ما يبدو مورينهو على الرغم من أن لوكاكاو ومعه إدين هازارد وتيبو كورتوا كان لهم الفضل الأكبر في وصول بلجيكا إلى دور الثمانية في مونديال البرازيل.
ويحلم المهاجم الكوستاريكي جويل كامبل باختراق تشكيلة آرسنال وإيقاف سلسلة غعاراته، بعد مجهود كبير في المونديال وموسم مميز مع أولمبياكوس اليوناني. ويعول كامبل أحد أبرز الاكتشافات في نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في البرازيل، على ظهوره اللافت مع منتخب بلاده وبلوغه الدور ربع النهائي للعرس العالمي ليفرض نفسه في التشكيلة الأساسية لآرسنال حيث ينتمي إلى صفوفه منذ 3 أعوام دون أن يلعب معه مباراة واحدة. ويرتبط كامبل مع المدفعجية بعقد منذ عام 2011 لكنه لم يلعب ولو مباراة واحدة معه فأعير في الموسم الأول إلى لوريان الفرنسي، وفي الثاني إلى بيتيس اشبيلية الإسباني، والثالث إلى أولمبياكوس اليوناني.
ووجه الواعد كامبل الذي احتفل بربيعه الثاني والعشرين الشهر الماضي، إشارة قوية إلى مدرب الفريق اللندني الفرنسي آرسين فينغر منذ المباراة الأولى له في المونديال البرازيلي أمام الأوروغواي، بتسجيله هدفا وصنعه آخر خلال الفوز الكبير على رابع النسخة الأخيرة، والذي أطلق المغامرة الكوستاريكية على الأراضي البرازيلية. ويبدو أن فينغر التقط الإشارة جيدا بتصريحه مؤخرا: «سيعود إلى صفوفنا».
بالنسبة لآخرين، كانت الإعارة بوابة على المجهول، فبعدما كان الفرنسي غايل كاكوتا لاعب وسط مهاجما واعدا انضم إلى تشيلسي من ليل الفرنسي بعمر السادسة عشرة عام 2007، بعد صراع كبير عل ضمه انتهى بحرمان تشيلسي من إجراء تعاقدات، لم يصل بعد إلى جزء مما كان يتوقعه كثيرون. بدايته ضد ولفهرامبتون واندررز في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 كانت ساحرة لدرجة أن المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي قال: «بهذا العمر لم أشاهد أي لاعب بهذه الموهبة». لكن في ظل وجد جو كول والفرنسي فلوران مالودا في التشكيلة الأساسية أقفلت الأبواب أمام كاكوتا. بعدها أعير إلى فولهام، وبولتون واندررز، وديجون الفرنسي، وفيتيس ارنهيم الهولندي ولاتسيو الإيطالي، وبعمر الثالثة والعشرين لا يزال بانتظار إقلاع حقيقي لمسيرته. اشتكى كاكوتا الموسم الماضي: «لا أحلم بتشيلسي بعد الآن. كنت أقوم بذلك لكن الآن بت أعرف أفضل. بعمري يجب أن ألعب بانتظام، لكن إذا عدت إلى الوراء سأحصل على 10 دقائق في الشهر وأنا لا أريد ذلك». صحيفة ليكيب الفرنسية ذكرت أمس أن تشيلسي قرر إعارة كاكوتا لنادي رايو فاليكانو الإسباني.
وأعار تشيلسي 27 لاعبا الموسم الماضي، ستة منهم ذهبوا إلى فيتيس الذي يستفيد من شراكة استراتيجية مع تشيلسي، لكن المدير الفني لتشيلسي مايكل إيمينالو يقول إن السياسة مقصودة: «سياسة الإعارة في تشيلسي أصبحت احترافية جدا. لا نرسل اللاعبين للحصول على بعض المال، بل نريدهم أن يلعبوا ويتطوروا كما نبغي مراقبتهم». ثمانية شبان من تشيلسي وافقوا على الإعارة في الموسم المقبل، بينهم النيجيري الدولي كينيث أوميروو الذي عاد إلى ميدلزبره، وتورغان هازار الشقيق الأصغر لنجم الفريق البلجيكي إدين هازار، الذي انضم إلى بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني. في آرسنال، يخوض المهاجم البرازيلي ولينغتون سيلفا، الذي لعب إلى جانب نيمار مع منتخب البرازيل تحت 17 سنة، موسما خامسا على التوالي معارا وهذه المرة مع ألميريا الإسباني.
طريق مماثل للمهاجم المكسيكي كارلوس فيلا الذي أعير بنجاح إلى أربعة أندية قبل أن ينتقل نهائيا إلى ريال سوسييداد الإسباني في 2012. ورفض فيلا العودة إلى ناديه القديم آرسنال، خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية. وكانت صحيفة ديلي ميل الإنجليزية ذكرت أن إدارة آرسنال تحاول استغلال الشرط الموجود في عقد بيع فيلا إلى ريال سوسييداد، والذي يقضي بدفع 3.5 مليون جنيه إسترليني، إذا رغب النادي اللندني بضمه مرة أخرى. وأضافت أن اللاعب المكسيكي أبلغ رئيس النادي الباسكي جوكين آبيرباي أنه يريد البقاء ضمن صفوف ريال سوسييداد، ولا يرغب بالعودة مجددا إلى آرسنال الذي ضمه عام 2005 من جوادالاخارا المكسيكي. ويرغب الفرنسي فينغر المدير الفني لآرسنال في التعاقد مع فيلا، لدعم الفريق برأس حربة صريح إلى جانب الفرنسي أوليفيه جيرو، إضافة للاستفادة من قدرات اللاعب المكسيكي في صنع اللعب من خارج منطقة الجزاء.
ويعرف أندروس تاونسند ماهية اللعب معارا فحمل ألوان تسعة أندية قبل أن يحصل أخيرا على فرصة الانضمام إلى توتنهام، لكنه يقول إن التجربة كانت جديرة بالاهتمام: «في ناد كبير مثل توتنهام ستأتي الفرص لكن ليس على الفور. يجب أن تثبت نفسك وذلك من خلال اللعب». وكان تاونسند عاد إلى الملاعب بعد تعافيه من الإصابة وشارك في أول اختبار وأدى لفريق توتنهام تحت قيادة مدربه الجديد ماوريسيو بوشيتينو. وغاب تاونسند عن مونديال البرازيل بسبب الإصابة في الكاحل، ولكنه شارك في المباراة الودية التي تعادل فيها توتنهام مع سياتل ساوندرز بثلاثة أهداف لكل فريق. وابتعد تاونسند عن الملاعب لأكثر من عشرة أسابيع بعد تعرضه لإصابة في أوتار الكاحل في 30 أبريل (نيسان) الماضي.
إعارة المواهب الشابة..لصالح الناشئ أم لخدمة الفريق؟
وسيلة تلجأ إليها الأندية الكبيرة من أجل اكتساب الخبرة والابتعاد عن «دكة الاحتياطيين»
إعارة المواهب الشابة..لصالح الناشئ أم لخدمة الفريق؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة