حكومة ابن كيران.. حصيلة «منتصف الطريق»

تجاوزت بسلام رياح «الربيع» و«الخريف» العربيين.. وعينها على الانتخابات

حكومة ابن كيران.. حصيلة «منتصف الطريق»
TT

حكومة ابن كيران.. حصيلة «منتصف الطريق»

حكومة ابن كيران.. حصيلة «منتصف الطريق»

لم يتوقف عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية الإسلامي، منذ توليه رئاسة الحكومة المغربية في يناير (كانون الثاني) 2012، عن الترديد بأن حزبه أنقذ البلاد من مصير كان يتربص بها، ألا وهو عودة سياسة التحكم والتسلط التي كانت ستلقي بالمغرب إلى المصير ذاته الذي واجهته دول الربيع العربي.
ولم تفته الإشارة إلى هذا الأمر مجددا في العرض الذي قدمه أخيرا أمام البرلمان، بشأن حصيلة حكومته في نصف ولايتها، مؤكدا أن أحد أهم إنجازات التجربة الحكومية هو مساهمتها في إخراج البلاد من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة، وتجاوز تحديات «الربيع»، ثم «الخريف» العربيين.
خلال نهاية الأسبوع الماضي اجتمع أعضاء الأمانة العامة للحزب، ونوهوا بعرض ابن كيران و«الإنجازات الحكومية النوعية» التي تحققت «رغم الأوضاع الموروثة والمشاكل المتراكمة والإكراهات والصعوبات المحيطة بالتجربة داخليا وخارجيا، ورغم كل محاولات التبخيس والتيئيس»، في إشارة إلى موقف المعارضة وموقف حلفاء الأمس أيضا.
تعرضت حكومة ابن كيران لهزة قوية عندما قرر حليفه الرئيس، حزب الاستقلال، الانسحاب منها في مايو (أيار) 2013، وانتقاله إلى المعارضة، وبمجرد أن غير موقعه تغير خطاب الحزب ونوابه في البرلمان 180 درجة، وشنوا هجوما شديدا على مختلف القرارات والمبادرات التي أعلنتها الحكومة، رغم أن الحزب كان يتولى إحدى الوزارات المهمة فيها، هي الاقتصاد والمالية.
وقال نور الدين مضيان رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال ساخرا لـ«الشرق الأوسط» إن ما قدمه ابن كيران أمام البرلمان لا يمكن أن نطلق عليه اسم حصيلة بل «حصلة»، وتعني ورطة، وتساءل أي حصيلة سنتحدث عنها في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد؟ فلغة الأرقام هي اللغة الحقيقية التي يمكن الاستناد إليها، بيد أن هذه الأرقام عبارة عن أرقام وهمية تظل بعيدة عن التصريح الحكومي الذي قدمه ابن كيران عقب تشكيل حكومته، سواء على مستوى نسبة النمو أو معدل البطالة.
وأضاف مضيان أن ما صرح به ابن كيران عبارة عن إنشاء وأماني، وليست حقائق، فالأرقام التي تعلن عنها المؤسسات الدولية أو المؤسسات المغربية، ومن بينها المندوبية السامية للتخطيط (بمثابة وزارة التخطيط) تفند كل ما تحدث عنه.
وزاد قائلا: «لم تتحقق ولو نسبة 10 في المائة مما وعد به ابن كيران، والالتزامات التي التزم بها حزبه أمام ناخبيه خلال الانتخابات التشريعية عام 2011، التي منحته المرتبة الأولى؛ فهو لم يفِ بوعوده، لا في مجال محاربة الفساد والرشوة والمحسوبية ولا في خفض نسبة البطالة إذ لم يجرِ توظيف سوى 20 ألف شخص خلال ثلاث سنوات. كما لم يجر تحسين المستوى المعيشي للطبقات الفقيرة والمتوسطة، ناهيك من تدني الخدمات الصحية والتعليمية والسكن ومختلف القطاعات الاجتماعية.
وقال مضيان: «كان على ابن كيران أن يتحدث بصراحة، ويقر بأنه فشل في تطبيق برنامجه، وأنه لم يستطع الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه، ويقول: أنا لست مستعدا للاستمرار في هذه المسؤولية». ولم يتوقف مضيان عند هذا الحد، بل قال إنه «أمام ابن كيران خياران، إما أن يعتذر للمغاربة، وإما أن يترك المقعد لغيره، لكنه لم يعد يمتلك الشجاعة التي كان يمتلكها عندما كان حزبه في المعارضة».
وعد محمد العمراني بوخبزة الباحث المغربي في العلوم السياسية تقييم حصيلة الحكومة في نصف ولايتها محطة مهمة، في تجربة أول حكومة بعد دستور 2011، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تقييم أداء الحكومة الحالية على المستوى السياسي عملية مهمة أكثر من أي حكومة سابقة، لأنها حكومة تأسيسية أشرفت على تنزيل الدستور، وأعادت الثقة للعمل السياسي في المغرب.
وأوضح أنه لا يمكن الجزم بأن الحصيلة إيجابية أو سلبية، لأنه في التقييم السياسي لا يعتمد هذا المنطق، فوجهات النظر تظل مختلفة، في رأيه، بشأن التعامل مع العمل الحكومي طالما أن المجالات التي تشتغل فيها الحكومة مرتبطة بالفئات الاجتماعية ومصالحها المختلفة، فما قد يعده البعض إيجابيا يراه الآخرون سلبيا.
وأضاف بوخبزة أن ما ينبغي التأكيد عليه في عملية التقييم هو مدى التزام الحكومة بتفعيل ما تعهدت به في تصريحها الحكومي، فهي تعاقدت مع البرلمان على أساس برنامج عمل، وبالتالي ينبغي أن يجري التقييم من هذه الزاوية، طالما أنه لا يمكننا في المغرب تقييم عمل الحكومة من خلال البرنامج الانتخابي الذي يبقى الأهم، من وجهة نظره، لأنه تعاقد ما بين الشعب والأحزاب التي تبارت في الانتخابات التشريعية، إلا أن الحكومة الحالية ائتلافية وغير مرتبطة بحزب أو تيار سياسي واحد.
وأوضح الباحث المغربي أن هناك نسختين من حكومة ابن كيران؛ الأولى التي كانت تضم حزب الاستقلال، والثانية التي التحق بها حزب التجمع الوطني للأحرار، لذلك فالأمور اختلفت نوعا ما بين النسختين، وإن كان ليس بشكل كبير، إلى درجة تغيير طبيعة وخصوصية الحكومة بشكل كلي. لم يتلقَّ ابن كيران سيل الانتقادات من معارضيه فحسب، بل طاله حتى من الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي نفسه، التي انتقلت إليها عدوى التهديد بالانسحاب من الحكومة بعد خروج «الاستقلال» منها، من بينها حزب التقدم والاشتراكية اليساري، وإن كان التهديد لم يأتِ من أمينه العام محمد نبيل بن عبد الله، الذي أظهر مساندة مطلقة لابن كيران، بل من أعضاء داخل الحزب لم يستسيغوا وجودهم في حكومة يرأسها حزب إسلامي يختلفون معه في المرجعيات، لذلك كان الحزب يعارض بعض القرارات التي عدها «غير شعبية» صادرة عن الحكومة التي يشارك فيها.
ويقول محمد كرين المحلل الاقتصادي والقيادي في حزب التقدم والاشتراكية لـ«الشرق الأوسط» إن خطاب رئيس الحكومة لم يأتِ إجمالا بأشياء غير منتظرة، لأنه كان عرضا الهدف منه تقديم حصيلة العمل الحكومي إلى ممثلي الأمة، وبالتالي كان من الطبيعي أن يكون في جزئه الأول عبارة عن جرد واستعراض لمنجزات الحكومة خلال النصف الأول من ولايتها، وهي أمور معروفة من طرف كل المتتبعين، لأنه سبق الحديث عنها في مناسبات عدة.
وأضاف: «كان ينتظر أن يأتي الجزء الثاني من الخطاب المتعلق بعمل الحكومة خلال النصف المتبقي من ولايتها بالجديد، لا سيما فيما يتعلق بالإصلاحات الكبرى في قطاع التربية والتعليم ومنظومة العدالة واستراتيجية التشغيل والنظام الجبائي ونظام المقاصة (نظام دعم المواد الأساسية) ومنظومة التقاعد. إلا أن العرض كان في هذه القضايا مطبوعا بالاقتضاب وقلة الأرقام، مكتفيا بالإعلان عن المبادئ العامة».
وأعطى كرين مثالا على ذلك بالميدان الضريبي، إذ إن رئيس الحكومة اختزل الإصلاح الضريبي في بعض التدابير، منها استرجاع المقاولات لفائض الضريبة على القيمة المضافة، دون أن يقدم تفسيرا لمغزى الزيادات التي طرأت على هذه الضريبة المضافة بالنسبة لبعض المنتجات والخدمات، والتي جاء بها قانون المالية(الموازنة) لسنة 2014.
في حين أنه كان من الضروري، يضيف كرين، تقديم تصور شامل لإصلاح جبائي حقيقي يؤسس لنظام ضرائب من جيل جديد، عادل وذكي يضمن تطور التنافسية ودينامية الاقتصاد الوطني، مع تعزيز السلم والتماسك الاجتماعيين، ويدخل في إطار استراتيجية مندمجة تشمل كل القطاعات الأخرى المرتبطة فيما بينها، كمنظومة التقاعد ونظام المقاصة لدعم أسعار المواد الأساسية.
وأورد كرين ملاحظة عامة عن العرض الذي قدمه ابن كيران، وقال إنه «يعطي الانطباع بكونه يتحدث كمسؤول حزبي أكثر منه كرئيس الحكومة وقائد لأغلبية تتكون من عدة أحزاب»، مستشهدا بقوله: «كلما رأينا من مصلحة بلادنا في اتخاذ قرار ما، سنتخذه ولو ضد مصلحة حزبنا»، في حين أنه كان عليه، يضيف كرين، أن يتكلم بصيغة الجمع عن الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية بصفته رئيسا لهذه الغالبية. لكن النائب عبد اللطيف بروحو المنتمي لحزب العدالة والتنمية وعضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب له رأي مختلف، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة وجدت نفسها أمام أزمة اقتصادية ومالية مستفحلة وأمام نزيف حاد يهدد استقرار المجتمع، كما وجدت نفسها أمام إشكالات كبرى عمقتها هذه الأزمة وعجزت الحكومات السابقة عن مواجهتها، وعلى رأسها ملفات المقاصة، والتقاعد، وتفشي الفساد المالي والإداري، وضعف قدرة القطاع الخاص عن مواجهة الحاجيات التنموية المتزايدة.
وأضاف أن الحكومة حرصت على إعطاء بعد اجتماعي للتنمية الاقتصادية، وذلك عبر تضمين قوانين المالية السنوية عدة مقتضيات تتعلق بدعم القطاع الخاص وتخفيض التكلفة الضريبية عن المؤسسات الصغرى من 30 في المائة إلى 10 في المائة، كما رفعت نسبة استفادتها الإلزامية من الصفقات العمومية إلى 20 في المائة، وخصصت سنويا اعتمادات مالية تفوق 400 مليون درهم (47.6 مليون دولار) لدعم المقاولات الوطنية ورفع تنافسيتها.
كما حرصت الحكومة بمقابل ذلك على تخصيص 500 مليون درهم (59.5 مليون دولار) للتعويض عن فقدان العمل. كما حرصت على إحداث صندوق التماسك الاجتماعي وتخصيص أزيد من ملياري درهم (238 مليون دولار) سنويا كاعتمادات مالية تهدف بالأساس لتقليص الفوارق الاجتماعية والسماح باستفادة الفئات الاجتماعية الفقيرة بشكل أكثر عدالة وإنصافا من ثمار التنمية ومن تطور الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن الاستقرار الاجتماعي الذي استطاعت الحكومة تحقيقه نسبيا، بالموازاة مع الاستقرار السياسي، سمح بتحسن كبير في المؤشرات الماكرو - الاقتصادية للبلاد.
وأوضح بروحو أن الحكومة استطاعت تجاوز الظرفية الاقتصادية الصعبة التي خيمت على السنة المالية 2012. وحققت اختراقا مهما على مستوى مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية، مستشهدا بارتفاع حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة بنسبة تفوق 20 في المائة سنة 2013 رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي وتحقيق الاتحاد الأوروبي نسبة نمو في حدود واحد في المائة، مشيرا إلى أن هذا التطور الكبير يعود بالأساس لثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المغربي، وفي الاستقرارين السياسي والاجتماعي اللذين حققهما.
أما النائب الشرقاوي الروداني المنتمي لحزب الأصالة والمعارضة المعارض، فلم ينسب للحكومة أي إنجازات تُذكر، وقلل من أهمية الحصيلة التي أعلن عنها ابن كيران، وقال إن مؤسسة رئيس الحكومة لديها من الصلاحيات الدستورية ما يخول لها أخذ المبادرة وتحقيق برنامجها الحكومي المتعاقد حوله مع الكتلة الناخبة. لكن المقاربة التنموية المعتمدة من قبلها لا تعدو أن تكون دوغمائية، برأيه، مسجلا غياب أي استراتيجية لديها للنهوض بمشاكل المواطنين.
وأضاف أن ابن كيران بدل أن يبدع في تقديم حلول لمشاكل الاقتصاد، ابتدعت مؤسسته خطابا مبتذلا دخيلا على المجتمع المغربي، بل هناك أكثر من أغلبية متشكلة، وفي كل مرة تبرز مواقف متباينة جعلت الخطاب السياسي ينغمس، من وجهة نظره، في الدونية والسلبية وهو ما يؤثر على الأداء الجماعي للممارسة السياسية التي أصبحت تتميز بالاحتقان.
وقال الشرقاوي إن مجموعة من القرارات البنيوية المتعلقة بأوراش استراتيجية ترهن مستقبل الأجيال المقبلة، تعرف التخبط والاستهتار مثل صندوق المقاصة، ومنظومة التقاعد وهيكلة النظام الجنائي، أما على المستوى الاجتماعي، فلم تستطع الحكومة إشاعة جو من الثقة، وبدلا من ذلك لاحظ تعثر الحوار الاجتماعي وتعذر التعامل الإيجابي مع المطالب المشروعة للطبقة العاملة.
أما على مستوى تطبيق الدستور، فالحكومة الحالية الملزمة بتطبيقه، هي من تجاوزته في عدة مناسبات، وذلك من خلال مصادرة حق البرلمان في التشريع.
وفي السياق ذاته، تطرق الباحث العمراني بوخبزة إلى أهمية التشريع، وقال: إن الغاية من إقرار الدستور هو الانتقال بالمغرب من وضع إلى وضع آخر، سماته الأساسية هو التوافق وتحقيق الاستقرار السياسي وإشاعة جو من الثقة بين مكوناته انطلاقا من اعتماد آليات ومؤسسات دستورية، وبالتالي كانت الحكومة مطالبة بتهيئة الكثير من القوانين التنظيمية والعادية، منها قوانين جديدة كليا وأخرى كانت تحتاج إلى مراجعة وتعديل، فعلى هذا المستوى، يضيف العمراني، كانت هناك قوانين محل نقاش عمومي، وخرجت إلى حيز الوجود، في حين أن هناك قوانين أخرى ما زالت تنتظر رغم أن الحكومة كانت قد صاغت مخططا تشريعيا تتعهد من خلاله بتنزيل مضامين الدستور وفق مدة زمنية محددة، لأن الدستور الحالي يلزمها بأن تصدر مشاريع القوانين التنظيمية قبل نهاية ولايتها التشريعية.
ولاحظ العمراني بوخبزة وجود تأخر على هذا المستوى، وهو ما أثر بشكل كبير على أداء المؤسسات، وعلى رأسها البرلمان الذي ظل يشتغل وفق نمطين مختلفين فمجلس النواب (الغرفة الأولى) يشتغل وفق دستور 2011، ومجلس المستشارين (الغرفة الثانية) وفق دستور 1996، كما أن هذا التأخير أثر كذلك على طبيعة العلاقة ما بين البرلمان والحكومة.
وسجل الباحث المغربي أيضا وجود تأخر في إقرار عدد من المؤسسات المنصوص عليها في الدستور، لا سيما تلك المرتبطة بالحكامة التي لها دور أساسي في حماية الحقوق والحريات والرقي بأداء الأجهزة الإدارية، كما كان هناك تأخر في إقرار المساهمة الشعبية في التشريع، من خلال إصدار القوانين التنظيمية الخاصة بالحق في تقديم العرائض الشعبية، وتقديم الملتمسات التشريعية.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان إشراف الحكومة على الانتخابات المقبلة يعد مكسبا سياسيا كبيرا؟ قال العمراني بوخبزة إن الانتخابات تعد مسألة جد مهمة لقياس مدى التطور الحاصل في الأداء الحكومي، مشيرا إلى أن الإشراف الحكومي على الانتخابات العام المقبل يطرح بدوره الكثير من التساؤلات حول مدى تبعية وزارة الداخلية للحكومة، إذ إن هناك من يلاحظ وجود انفصام ما بين وزارة الداخلية، التي يشرف عليها تكنوقراطي (الوزير محمد حصاد)، والحكومة.
وقال: إن هذا الأمر يظهر من خلال تصريحات ومواقف الطرفين المختلفة، وتساءل: هل وزارة الداخلية تابعة للحكومة، وتعتمد أجندتها أم لها أجندتها الخاصة، مذكرا بوجود أصوات أخرى تطالب بلجنة تقنية للإشراف على الانتخابات.
يُذكر أنه خلال تقديم ابن كيران لحصيلة حكومته في نصف ولايتها، رفعت نائبات من أحزاب معارضة لافتات كُتب عليها عبارات تنقد تصريحات سابقة لابن كيران داخل البرلمان وصف فيها النساء بالثريات، في سياق حديثه عن المشاكل التي أصبحت تعيشها الأسر المغربية بعد خروج المرأة للعمل، وهي تصريحات كانت كافية لكي تدعو عدد من الجمعيات النسائية إلى التظاهر أمام البرلمان ضد رئيس الحكومة، لكنها لم تكن المرة الأولى، فالمنظمات النسائية وغالبها ذات توجه يساري لم تكن أبدا راضية عن مبادرات الحكومة الساعية إلى تحقيق المساواة والمناصفة.
وتأخذ هذه الجمعيات على الحكومة تأخرها في إخراج عدد من المؤسسات والقوانين، من بينها هيئة المناصفة التي أقرها الدستور، وقانون محاربة العنف ضد النساء، بل اعترضت حتى على اسم الخطة الحكومية للنهوض بأوضاع النساء (إكرام)، وقالت إن الاسم يحيل على مقاربة إحسانية، وليست حقوقية، لتنضاف الجمعيات النسائية إلى جبهة المعارضة الواسعة التي يواجهها ابن كيران. ولذلك فإن سباق ما تبقى من ولاية ابن كيران الحكومية لن يكون مريحا، نظرا لأن الطريق الذي سيسلكه السباق مليء بالمنعرجات والمطبات، التي تجعل المراقبين يتساءلون ما إذا كانت الحكومة قادرة على إكمال نصف ولايتها بأقل الخسائر.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.