نتائج أقل من المتوقع لجهود تشجيع الطلاب الأميركيين على دراسة العلوم

أوباما أطلق مبادرة «تعلم الابتكار» منذ خمسة أعوام

الرئيس الأميركي باراك أوباما يحمل نموذجا لشرح وظيفة مركبات «البوليمر» خلال معرض علمي في البيت الأبيض الشهر الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يحمل نموذجا لشرح وظيفة مركبات «البوليمر» خلال معرض علمي في البيت الأبيض الشهر الماضي (أ.ب)
TT

نتائج أقل من المتوقع لجهود تشجيع الطلاب الأميركيين على دراسة العلوم

الرئيس الأميركي باراك أوباما يحمل نموذجا لشرح وظيفة مركبات «البوليمر» خلال معرض علمي في البيت الأبيض الشهر الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يحمل نموذجا لشرح وظيفة مركبات «البوليمر» خلال معرض علمي في البيت الأبيض الشهر الماضي (أ.ب)

منذ خمسة أعوام أطلق الرئيس أوباما مبادرة «تعلم الابتكار»، والتي ضمت مجموعة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص من شركات ومنظمات لا تستهدف الربح، بهدف جذب مزيد من الطلاب إلى المجالات العلمية التي تشمل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
والشهر الماضي، استضاف الرئيس أوباما رابع معرض للعلوم في البيت الأبيض - وهو عدد يفوق المعارض التي عقدها أي رئيس آخر. قال أوباما «علينا كمجتمع أن نحتفل بالأعمال المتميزة التي ينجزها الصغار في مجالات العلوم على الأقل كما نحتفل بالفائزين بكأس السوبر». ويأمل المنظمون في أن يلهم الاحتفال بالأفضل والأذكى الطلاب الآخرين ويدفعهم إلى تحقيق إنجازات أعلى. لكنه هدف صعب المنال.
في الولايات المتحدة يخضع التعليم الحكومي لإدارة على مستوى الولايات والمحليات، لذلك أي مبادرة تعليمية رئاسية ستكون حتما غير مباشرة. وحتى مع ذلك، كانت المجموعة الأولى من برامج «تعلم الابتكار» في عام 2009 تضم مزيجا غير متجانس.
كان صناع «شارع سمسم» قد خططوا بالفعل للتركيز على العلوم في ذلك العام، وقالوا إنهم سيستكشفون كيفية استخلاص العلماء للاستنتاجات من الملاحظات في الموسم التالي. وخصصت «ديسكفري للاتصالات» مجموعة برامج علمية لا تتخللها إعلانات على شبكة القنوات العلمية الخاصة بها.
وأعلنت شركة «تايم وارنر كابل» أنها ستذيع إعلانات الخدمة العامة التي تروج للعلم والرياضيات. وأقامت شركات تكنولوجية مسابقة للطلاب لتأليف ألعاب فيديو خاصة بهم.
ومن جانب آخر، أعلن جاك دي هيداري، رائد الأعمال في مجال التمويل والتكنولوجيا، عن تخصيص «يوم المعمل الوطني»، في محاولة للتوفيق بين المعلمين والعلماء الراغبين في التطوع للمساعدة في مشروعات عملية. في البداية، قام مسؤولون في الإدارة مثل تشارلز إف بولدن مدير شركة «ناسا»، وأرني دنكان وزير التعليم، بزيارة إلى المدارس للمشاركة في المشروع.
في العام الثاني أعاد هيداري تسمية المشروع ليصبح «شبكة المعامل الوطنية» للتأكيد على استمرار المشروع لأكثر من يوم. ثم خفتت قوة المشروع. وقال هيداري إن الجهود شهدت انحسارا خلال فترة العام ونصف العام الماضية. ولم يعد حساب المشروع على «تويتر» ينشر أي تدوينات منذ عام. ولكن وصف هيداري المشروع بالناجح، وبأنه «مبادرة محفزة» فتحت الطريق أمام آخرين.
عمل موقع «المعامل الوطنية» من خلال تصميمه على تسهيل عملية تنزيل المواد الدراسية والتواصل بين المعلمين والعلماء، لكنه لا يتابع الأمر للتأكد من سير الأمور على ما يرام في الصف الدراسي. وقال هيداري «نعلم أنه كان لدينا تأثير مباشر على عدة آلاف من المعلمين». وأضاف أنه كان يتوقع أن حدوث إنجازات فعلية سوف يستغرق مدة أطول، وكان على صواب في ذلك. فلم تتقدم كثيرا درجات الطلاب الأميركيين في البرنامج الدولي لتقييم الطلاب، الذي أجري آخر مرة في عام 2012.
لم يكن مارك شنايدر، نائب رئيس المعاهد الأميركية للأبحاث، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن، من مشجعي برنامج «تعلم الابتكار» في عام 2009، ولا يزال كذلك، حيث يقول «في رأيي، لم تحظ الفكرة بكثير من الانتباه». بالإضافة إلى ذلك، يقول شنايدر إن تحدي الوظائف المتعلقة بالمجالات العلمية لا يكمن في افتقاد الولايات المتحدة إلى الأكاديميين الحاصلين على دكتوراه في العلوم، ولكن في احتياج الدولة إلى مزيد من الأشخاص الحاصلين على شهادات فنية تستغرق دراستها عامين لتولي أعمال متوسطة المهارة، مثل فنيي الأشعة السينية. وأضاف «لا يبدو أننا نعالج ذلك بأي طريقة جادة».
أنشئت مؤسسة أخرى جديدة لخلافة «شبكة المعامل الوطنية» في العام الماضي، اسمها «US2020» (الولايات المتحدة 2020)، والتي تهدف إلى الاستعانة بمليون مدرب متطوع يرغب في الالتزام بالعمل في المدارس لمدة 20 ساعة على الأقل سنويا. وقال إريك شوارتز، الرئيس التنفيذي للمجموعة «نتطلع إلى استمرارية الجهود». وتوقع أن تكون الأيام الدراسية أطول مدة، وربما يقوم القادمون من الخارج بالتدريس في كثير من تلك الساعات.
إذا لم تُحدث مبادرات البيت الأبيض تغييرا كبيرا في تدريس العلوم، فيكفي أنها جعلته محورا للتركيز حول البلاد لمن يريد أن يقدم المساعدة، على حد قول شوارتز. ربما كانت مجموعة «الولايات المتحدة 2020» سوف تخرج إلى النور على أي حال، ولكن لم يكن ذلك ليحدث سريعا من دون أن يجذب البيت الأبيض الانتباه. واختتم قائلا «أعتقد أن البيت الأبيض قدم مساعدة مذهلة بوضع هذا الأمر في الأولوية. لقد ساعدونا على التفكير بطريقة مختلفة».

* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.