ارتياح كبير أظهره عدد من المستثمرين العقاريين السعوديين الذين استبشروا خيرا بالقرار الذي أصدرته - مؤخرا - وزارة الإسكان، الذي ينص على إقرار خدمة السداد الإلكتروني ضمن الشبكة الوطنية لخدمات الإيجار «إيجار»، بهدف التسهيل على المستأجر من خلال تجزئة الأجرة بسدادها على دفعات شهرية أو نصف سنوية أو سنوية أو حسب الاتفاق بين الأطراف الثلاثة، وهو ما سيحدث فرقا كبيرا وملحوظا بالنسبة لقطاع التأجير، الذي من المؤكد أنه سينتعش بشكل كبير بعد القرار الذي سيكون علامة فارقة في تاريخ القطاع العقاري وفرعه الأكثر إشكالية وهو فرع التأجير.
إلا أن هناك تساؤلات كثيرة أطلقها عدد من المتعاملين العقاريين، منها عدم استيضاح الوزارة آلية العمل بموجب العقد الجديد، ومدى إلزامية تطبيقه لكل المعاملات التي تأخذ طابعا تأجيريا، وهل هي مقتصرة على القطاع السكني عن غيره، إلا أنهم اتفقوا على أن القرار إذا ما ألزم بتطبيقه فإنه سيقلص وبشكل كبير مشكلات دفع الإيجار، الأمر الذي سيدفع بقطاع التأجير إلى الرواج والانتعاش، كما سينعكس على قضايا المحاكم التي سيقل استقبالها للقضايا العقارية بشكل كبير. وأشار مهتمون إلى أن قضايا التخلف عن دفع الإيجار تعد من القضايا الأكثر إثارة في القطاع العقاري.
وقال عبد الله العقيف، وهو صاحب شركة عقارية «إن القطاع استبشر بهذا القرار واعتبره خطوة نحو الطريق الصحيح، في ظل غياب المفاهيم والمواثيق التي تحدد العلاقة المالية بين المؤجر والمستأجر». ولفت إلى أن «النظام القديم في دفع الإيجار لم يتغير منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة، بل ظل جامدا لسنوات طويلة دون أدنى تحديث، حتى إنه لم يعد يتماشى مع التطورات الجديدة في سوق العقار وتوسعاتها، التي تفرض علينا إيجاد طرق جديدة تحمي حقوق الطرفين، وأن الأمور لم تعد كالسابق، خصوصا أن التخلف عن دفع الإيجار وقيام مالك العقار بالتبليغ سيأخذ وقتا طويلا يصل إلى سنوات، ليتمكن المؤجر من استرداد حقه، إلا أن القرار الأخير سيختصر الوقت وسيحدد دور الجميع وينظمه».
وحول المشكلات التي ستواجههم في إقرار النظام الجديد، أكد العقيف أن القرار إيجابي بشكل كبير، إلا أن البيان والتفاصيل لم يكونا كافيين لإيضاح الصورة وتحديد الحقوق والواجبات بين الطرفين، إذ إن هناك الكثير من التساؤلات التي يطرحها العقاريون للوقوف على الصيغة الكاملة والواضحة التي تحفظ للجميع حقوقهم، لافتا إلى أن القرار حتى الآن لا يعدو كونه رؤوس أقلام غير واضحة المعاني، وأنهم ينتظرون المسودة الكاملة للقرار للوقوف على تفاصيله لفهمه بشكل أكبر، إلا أنه وبشكل مبدئي قرار سيشكل نقلة نوعية لقطاع التأجير الذي ستنظم العلاقات فيه بين المؤجر والمستأجر بشكل أفضل.
وكان المهندس محمد الزميع، وكيل وزارة الإسكان للتخطيط والدراسات، قد أوضح – أخيرا - أن خدمة «إيجار» تهدف إلى تسهيل عملية السداد على المستأجرين وألا ترحل ميزانيتهم من خلال توزيعها على دفعات شهرية، وتساعدهم في انتظام سداد الأجرة وضمان وصولها للمؤجر في الوقت المتفق عليه دون تأخير. وقال الزميع «إن خدمة السداد تتيح تدفق الأجرة من المستأجر إلى المؤجر، مما يساعد في سهولة الدفع والتحصيل إلكترونيا، وتوثيق عملية السداد، وإمكانية تجزئة الأجرة حسب الاتفاق».
بينما أكد المحامي طارق بوحميدة، المتخصص في القضايا العقارية، أن تطبيق القانون بجدية سيحد من التحايل والتملص في دفع الإيجار، وهو الأمر الذي يؤرق عددا من ملاك الوحدات السكنية الذين كانوا حتى وقت قريب يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، حيث إنه لم تكن هناك مرجعية واضحة للتعاطي مع مشكلتهم وحفظ حقوقهم، وأن الأمر لا يعدو التبليغ في مركز الشرطة، ويُستدعى الشخص للسداد وفي حال إصراره على عدم الدفع يحول الموضوع إلى المحكمة ويستغرق الأمر سنوات قد تذهب طي النسيان.
ولفت إلى أن القرار سيقضي على المتنقلين بين المنازل من أرباب السوابق والانتقال بين المنازل دون دفع الإيجار، وتوقع أن تشهد المحاكم انحسارا في البلاغات المتعلقة بقضايا المستأجرين. وأضاف بوحميدة «القضايا العقارية كثيرة ومتشعبة، إلا أن قضايا الامتناع عن دفع الإيجار هي القضية الأكثر شيوعا، في ظل غياب تشريع واضح يحكم الجميع ويضعهم تحت المظلة القانونية، حيث إنه في الماضي كانت مكاتب العقار تلعب دور الوسيط في تحصيل الإيجار، إلا أن ذلك قد ينتهي مع اتضاح تفاصيل القرار الجديد، الذي قد ينص على تحويل المبالغ إلى حساب المالك بشكل مباشر وإلكتروني دقيق، مما قد يؤثر على عمل مكاتب العقار التي حتما ستتضرر من القرار الذي سيضع الأمور في نصابها لحفظ حقوق الجميع».
وأعلنت «الإسكان» أن برنامج «إيجار» يهدف أيضا إلى تنظيم العلاقة وحفظ الحقوق للمستأجر والوسيط العقاري والمالك، ويتيح مستقبلا الاستقرار لأسعار الإيجارات وزيادة الاستثمارات في مجال الوحدات السكنية المعدة للإيجار، كما أن البرنامج يعمل على تنظيم وتسهيل جمع وتحليل بيانات حالة القطاع، من خلال منصة إلكترونية تقوم بعرض الوحدات السكنية، وتقدم خدماتها لكل المعنيين بالعملية الإيجارية، ويساعد في معرفة أسعار الإيجارات والارتفاعات السنوية التي تحدث.
وتيسر شبكة «إيجار» للمواطن والمقيم البحث في نطاق واسع وخيارات متعددة عما يناسبه من مسكن للإيجار باستعراض كامل للمواصفات التي يرغبها كالموقع والمساحة والخدمات وغيرها من التفاصيل. وكشف علي الحماد، الخبير العقاري، أن معظم دول العالم تنتهج هذا النهج في تحصيل الإيجار على شكل دفعات شهرية، نظرا لأنها تأخذ طابعا أسهل عند الدفع والتحصيل ولا تضع المستأجر في أزمة مالية عند دفع الإيجار، خصوصا أن البعض يدفع كل ستة أشهر، والبعض الآخر يدفع سنويا، مضيفا أن للدفع السنوي المقدم خصما جيدا لدى معظم الملاك الذين يقدرون هذا النوع من المستأجرين.
واستطرد قائلا «إن هناك توقعات كبيرة بانخفاض العجز عن دفع الإيجار، خصوصا إذا كان الدفع تحت مظلة رسمية مباشرة من الدولة، فإنها ستساند بشكل كبير في دفع المماطلين والمتلاعبين إلى الالتزام بسداد الإيجار بشكل منتظم، وهو ما تسعى إليه (الإسكان) التي تعلم جيدا أن مشكلة التخلف عن دفع الإيجار تعد من أكبر المشكلات التي تواجه القطاع العقاري السعودي، الذي سيعيد القرار ترتيبه وتهذيبه من جديد». ويتيح «إيجار» عبر منصته الإلكترونية عقدا موحدا موثقا يتفق عليه المؤجر والمستأجر لتسهيل إبرام وتوثيق العقد، ويمكن تحديث صياغته بما يحقق للعقد الإلكتروني النموذجي ميزة التنفيذ القضائي.
وأشار المهندس الزميع إلى أن شبكة «إيجار» توفر قاعدة بيانات إحصائية شاملة ودقيقة لقطاع إيجار المساكن، تبين حجم الطلب والعرض، ومؤشرات للمناطق الأكثر حاجة، والمواصفات الأكثر رغبة، مما يتيح للجهات المعنية بهذا القطاع والمستثمرين والمطورين ومقدمي الخدمات توجيه خططهم بما يلبي حاجة المواطنين ويؤسس لاستثمار ناجح ومتوازن، ويتيح أيضا مراقبة ومتابعة حالة قطاع إيجار المساكن، بما يدعم الوزارة والجهات المعنية في وضع أنسب اللوائح والتنظيمات لحالة القطاع ومتابعة تنفيذها، بما يحفظ حق المستأجرين والمؤجرين.
السعودية: «السداد الإلكتروني» سيقضي على امتناع دفع الإيجار.. وتوقعات بانتعاش قطاع التأجير
القرار سيحدد العلاقة بين المالك والمستأجر.. والنظام القديم لم يعد صالحا
السعودية: «السداد الإلكتروني» سيقضي على امتناع دفع الإيجار.. وتوقعات بانتعاش قطاع التأجير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة