حقوقيون يطالبون الحكومة التونسية بإنقاذ مواطنيها في بؤر التوتر

TT

حقوقيون يطالبون الحكومة التونسية بإنقاذ مواطنيها في بؤر التوتر

طالبت عدة جمعيات تنشط في مجال حقوق الإنسان الحكومة التونسية بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ نحو 105 مواطنين تونسيين، بينهم نساء وأطفال، عالقين في مناطق النزاع المسلح بكل من سوريا وليبيا والعراق.
وقال محمد إقبال بن رجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين في الخارج (جمعية حقوقية مستقلة)، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة، إن أكثر من مائة تونسي مهددون بالموت في مناطق المواجهات المسلحة، ما لم تتدخل سلطات البلاد لإنقاذهم.
مؤكدا في هذا السياق وجود 83 طفلا و22 أما عالقين في بؤر التوتر، في إشارة إلى «أبناء الدواعش»، وزوجات الإرهابيين الملتحقين بالتنظيمات المتشددة.
وتضغط هذه الجمعيات قصد دفع الحكومة إلى التدخل لإنقاذ ما تسميهم «ضحايا الإرهاب»، وتؤكد أن أبناء المتطرفين «لا يكمن أن يحاكموا اجتماعيا في جريمة لم يرتكبوها»، على حد تعبير بن رجب.
وقدمت جمعية «إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج» معطيات مهمة حول المواطنين المحتجزين في بؤر التوتر، الذين وردت ملفاتهم إلى مكاتبها، حيث أكد بن رجب أن نسبة 50 في المائة منهم يوجدون في ليبيا، ونحو 32 في المائة في سوريا، ونسبة 4 في المائة توجد في العراق، بينما تتوزع البقية على مناطق أخرى.
وبالنسبة لأبناء «الدواعش»، فإن نسبة 26 في المائة منهم لا تزيد أعمارهم على سنتين، فيما تقدر نسبة من تتراوح أعمارهم بين سنتين وأربع سنوات بنحو 24 في المائة، بينما ترتفع النسبة إلى 34 في المائة لمن تتراوح أعمارهم بين أربع وست سنوات. ولا تزيد نسبة من تتجاوز أعمارهم 6 سنوات على حدود 16 في المائة.
ووفق المصادر نفسها فإن نحو 28 في المائة من أبناء «الدواعش» وعائلاتهم كانوا يقطنون في العاصمة التونسية والأحياء الشعبية المحيطة بها، قبل التحاقهم بالتنظيمات الإرهابية، فيما ينتمي 13 في المائة منهم إلى ولايتي (محافظتي) سوسة (وسط شرق) ومدنين (جنوبي شرق)، أما نسبة 11 في المائة فينتمي أصحابها إلى منطقة قبلي (جنوب تونس).
وتشير مصادر رسمية إلى وجود نحو ثلاثة آلاف إرهابي تونسي في بؤر التوتر المسلح، معظمهم في سوريا وليبيا، وتؤكد عودة نحو 800 إرهابي شاركوا في المواجهات المسلحة في عدد من بلدان الربيع العربي. وكانت السلطات التونسية قد شكلت خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2017 لجنة برلمانية للتحقيق في شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر بالخارج، غير أنها لم تصل إلى أي نتائج رسمية، واتهمت أحزاب يسارية ممثلة في البرلمان حركة النهضة بتسهيل التحاق آلاف الشبان بالتنظيمات المتشددة خلال فترة حكم الترويكا بين 2011 و2013، وهو ما تنفيه قيادات حركة النهضة باستمرار.
على صعيد غير متصل، خلف إقفال معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا في الاتجاهين لفترة تجاوزت شهرا كاملا عدة احتجاجات عارمة، نفذها تجار مدينة بن قردان التي يعيش معظم سكانها على التجارة بين البلدين، ودعوا السلطات إلى ضرورة التعامل بجدية مع مطالبهم، وحملوها مسؤولية ما قد تؤول إليه الأوضاع، باعتبارها الطرف الوحيد الذي يخول له التفاوض مع الجانب الليبي، وإيجاد حلول جادة للمعبر.
ويرجع الإقفال المتكرر للمعبر للظروف الأمنية الصعبة في الجانب الليبي، واستمرار المناوشات بين التجار من الجانبين.
وكان المعبر الحدودي (الذهيبة - وازن) بمنطقة تطاوين (جنوب شرقي تونس)، المعبر الثاني على الحدود بين البلدين، قد شهد بدوره اكتظاظا كبيرا، وعرف تعطل مرور الشاحنات الثقيلة خلال عودتها إلى الأراضي الليبية، قبل أن يغلق بدوه قبل خمسة أيام، لتتعطل بذلك حركة المرور بين تونس وليبيا، ولم يعد يسمح سوى بمرور الحالات الإنسانية العاجلة.
ومن المنتظر إعادة فتح معبر رأس جدير تدريجيا أمام الأشخاص، ليتم فيما بعد السماح بعبور السلع، على ألا تتجاوز قيمتها المادية 5 آلاف دينار تونسي للتاجر الواحد (نحو ألفي دولار)، وفق مصطفى عبد الكبير، الناشط في المجتمع المدني في مدنين.
وأدت الأزمة الحدودية بين البلدين إلى اندلاع أزمة محروقات بولايات الجنوب الشرقي التونسي، حيث كانت معظم المدن الجنوب تعيش في السابق على وصول كميات كبيرة من المحروقات المهربة من ليبيا، وبتضييق الخناق على المهربين تراجعت هذه الكميات، مما أثر سلبا على عمليات التزود اليومية بالوقود.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.