هل تضع الأزمة التركية الأسواق الناشئة «على خط النار»؟

هل تضع الأزمة التركية الأسواق الناشئة «على خط النار»؟
TT

هل تضع الأزمة التركية الأسواق الناشئة «على خط النار»؟

هل تضع الأزمة التركية الأسواق الناشئة «على خط النار»؟

على مدار 15 عاما، كانت الأسواق الناشئة تشق طريقها إلى قلب النظام الدولي، ومنذ الأزمة المالية العالمية تجاهلت البنوك المهمة استراتيجيا في الولايات المتحدة وأوروبا إشارات التحذير بأن التمويل العالمي المتعثر سيكون في نهاية المطاف ملفا حساسا بالنسبة للدول المتقدمة والغنية.
ونبعت أهمية تركيا من كونها إحدى الدول التي سعت لشق طريقها للانتعاش في ظل ركود عالمي على مدار العقد الماضي.
وفي الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تعاني فيه من الركود، اقترضت الأسواق الناشئة بشكل كبير بالدولار عندما كانت أسعار الفائدة الأميركية عند مستويات منخفضة للغاية، وكانت النتيجة هي النمو المدفوع بالائتمان «والذي بدا هشا الآن» في معظم الدول الناشئة، لتنقلب الأمور ضد كل هذه الدول بتكلفة ديون مرتفعة للغاية مع ارتفاع قيمة الدولار أمام عملاتها المحلية.
وتركيا تعد دولة كبيرة نسبيا بتعداد سكان 80 مليون نسمة، ويبلغ اقتصادها أربعة أضعاف مجاوراتها اليونان، غير أن أهميتها الجيوسياسية تمتد إلى ما هو أبعد كونها أحد أعضاء «الناتو»، نظرا لحقيقة أنها دولة تمتد ما بين أوروبا وآسيا، فكان ينظر إليها تقليديا على أنها جزء من الدفاع ضد التوسع الروسي، غير أنها موطن حاليا لثلاثة ملايين لاجئ سوري.
ويهاب المستثمرون حاليا من «تسونامي» بيع لعملات الأسواق الناشئة ومنها الليرة التركية، فما تحتاجه تركيا والدول المجاورة الآن إجراءات اقتصادية وليس تحركات دبلوماسية، لأن الفشل في حل المشكلات سيكون مكلفا للغاية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وانخفضت الليرة التركية خمس نقاط مئوية مقابل الدولار الأسبوع الماضي وحده، ولكن حتى قبل الأزمة الحالية؛ كانت الليرة الأسوأ أداء بين العملات هذا العام، حيث انخفضت بنسبة 50 في المائة تقريبا مقابل الدولار في الأشهر الـ12 الماضية. وتأثرت العملة التركية بالقضايا التي يواجهها اقتصاد البلاد، كالعجز في الحساب الجاري مقترنا بمستويات عالية من الديون في القطاع الخاص وتمويل أجنبي كبير في النظام المصرفي، فضلا عن ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 15.9 في المائة في يوليو (تموز) الماضي، وهو أكثر من خمسة أضعاف متوسط المعدل للدول الغنية، وارتفع الاقتراض الحكومي بالعملات الأجنبية لمستويات خطيرة خلال الشهور الأولى من العام الجاري. غير أن هناك مخاوف من حدوث انهيار في قطاعات التشييد والبناء بعد سنوات من النمو المحموم، تاركة للبنوك ديونا متزايدة.
وتركت المشكلة المحلية آثارا على الأسواق العالمية، لتشهد الأسواق الأوروبية انخفاضا حادا، حيث يخشى المستثمرون تأثيرات العدوى خاصة البنوك التي تتعامل في الليرة بدءا من الجمعة الماضي.
من جهته، يعتقد صندوق النقد أن تركيا لديها مستوى قليل من الاحتياطيات الكافية مما يجعلها عرضة لهجمات المضاربة.
ورجح خبراء أن تتجه أنقرة لمساعدات من المجتمع الدولي، فضلا عن القلق بين أوساط المتعاملين والمستثمرين من التدخل السياسي في «استقلالية» قرارات البنك المركزي، خاصة أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عين صهره كوزير مالية.
وجاء انخفاض العملة الحالي لصالح محبي السفر والعطلات في فترة الصيف في تركيا.
وأفادت الوحدة الاقتصادية لصحيفة «الإيكونوميست» البريطانية أن البنوك الغربية ستعاني من خسائر تراجع الليرة التركية قريبا، بسبب تداخل العلاقات المصرفية بين البنوك الأوروبية والأميركية مع نظيرتها التركية، غير أن الشركات التركية ستكافح لسداد الديون بالعملات الأجنبية.
«وأدى الانخفاض الحاد لليرة التركية إلى تضاعف قيمة العملة المحلية المطلوبة لتسديد الديون الخارجية منذ بداية العام»، وفقا للوحدة الاقتصادية للإيكونومست.
وانخفضت العملات الناشئة في العالم أمام الدولار في أعقاب أزمة الليرة التركية، لينخفض الراند الجنوب أفريقي إلى أدنى مستوى له منذ عامين، والروبل الروسي لأدنى مستوى له منذ أوائل عام 2016.
ومع ارتفاع الدولار، يخشى المستثمرون أن تعاني الاقتصادات النامية من خروج رؤوس الأموال، الأمر الذي قد يخلق أزمات جديدة في العملات. ويحذر نيل ويلسون خبير الأسواق الناشئة في موقع markets.com في تصريحات من قوة الدولار وتأثيرها على الأشواق الناشئة، مفسرا الأمر «بتجارة أحادية الاتجاه» كون الدولار الرابح الأكبر في خسارة العملات الناشئة. موضحا أن ارتفاع الدولار ما زال في بدايته، وهو الأمر الذي سيضيف مزيدا من «التقلب» على عملات الأسواق الناشئة.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».