اليمين الإسرائيلي يحاول منع تعيين جنرال رئيساً للأركان

بسبب تصريحات انتقد فيها تصرفات «نازية» في الدولة العبرية

TT

اليمين الإسرائيلي يحاول منع تعيين جنرال رئيساً للأركان

مع بدء وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إجراء لقاءات تمهيدية بغرض اختيار رئيس الأركان المقبل للجيش، أطلقت قوى اليمين المتطرف حملة شعبية ضد أحد الجنرالات ممن يعدّون مرشحين أقوياء، بسبب تصريحات إنسانية كان قد أدلى بها تنطوي على انتقادات للفكر المتطرف لبعض المسؤولين.
والجنرال المقصود هو يائير جولان، النائب السابق لرئيس الأركان الحالي، والذي تم تعيينه رئيساً مؤقتاً للأركان في يناير (كانون الثاني) من السنة الماضية، لمدة 18 يوماً، عندما تم إدخال رئيس الأركان الحالي، غادي آيزنكوت، المستشفى للعلاج. وسبق لليمين الإسرائيلي أن هاجمه في الماضي مرات عدة وطالب بإقالته من الجيش بسبب تصريحات له؛ أبرزها في 4 مايو (أيار) عام 2016. فقد شارك جولان في إحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست اليهود، وأدلى بأقوال تعد الأولى من نوعها لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، يشبه فيها سلوكيات وتصرفات في المجتمع الإسرائيلي بسلوكيات وتصرفات أقدمت عليها النازية في ألمانيا.
وقال جولان يومها إن ما يقلقه ويخيفه في ذكرى المحرقة هو «تشخيص أمور تبعث على الغثيان كانت قد حصلت في أوروبا عامة، وألمانيا خاصة، قبل 70 أو 80 أو 90 عاماً، وأن هناك أدلة حصول مثل هذه الأمور في إسرائيل في عام 2016». وأضاف جولان أن «الذكرى يجب أن تدفعنا إلى التفكير معمقاً بشأن مسؤولية القيادة، ونوعية المجتمع. فلا يوجد أسهل وأبسط من الكراهية ولا أسهل من إثارة المخاوف والرعب». ودعا جولان في خطابه إلى مناقشة القدرة على استئصال براعم عدم التسامح وجذور العنف والتدمير الذاتي التي تنشأ على الطريق المؤدية إلى الانحلال الأخلاقي.
وفي تصريحات أخرى، قال جولان إن «الاستخدام غير السليم للأسلحة وانتهاك حرمة السلاح قد تغلغلا منذ تأسيس جيش الدفاع الإسرائيلي». ثم قال إنه يفضل تعريض جنوده للخطر على أن يقتل امرأة فلسطينية مسنة تتقدم نحوهم من دون معرفة أهدافها.
ويعد اليمين الإسرائيلي هذه التصريحات يسارية لا تلائم رئيس أركان الجيش. وتم تجنيد مائة عائلة ثكلى تنتمي إلى اليمين السياسي وجهت عريضة إلى كل من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، تناشدهما فيها الامتناع عن تعيين مثل هذا الرجل رئيساً لأركان الجيش؛ «فهو مستعد لتعريض جنودنا للخطر (لكيلا يحميهم من الإرهاب)». ونظمت حركة «إم ترتسو» المتطرفة حملة إعلامية واسعة ضد ترشيح جولان، مما اضطر ليبرمان إلى إصدار بيان يدافع عنه فيه قائلاً إنه شارك في كل حروب إسرائيل وأبلى بلاء حسناً في «الانتصار على الأعداء». المعروف أن رئيس الأركان الحالي، آيزنكوت، سينهي دورته في مطلع سنة 2019، بعد خدمة 4 سنوات في منصبه. وهنالك 4 مرشحين أقوياء لخلافته، هم، بالإضافة إلى جولان: أفيف كوخافي، ونيتسان آلون، وإيال زمير، وجميعهم أعضاء في رئاسة الأركان. وقد اجتمع بهم ليبرمان، وفقاً لنظام اختيار رئيس الأركان، وحاول معرفة موقف كل منهم في موضوعات أساسية، مثل الموقف من إيران ومن «حزب الله» اللبناني ومن الوضع في قطاع غزة. وسيجتمع بهم نتنياهو أيضاً للغرض نفسه. وبحسب النظام، يختار وزير الدفاع اثنين منهم مرشحين نهائيين، حتى تختار الحكومة أحدهما.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.