المؤبد لبديع وقيادات من «الإخوان»... وإحالة أوراق 3 متهمين إلى المفتي

الجماعة أسست تنظيمات مسلحة في سوريا وتونس وعناصرها انضموا إلى «داعش»

محمد بديع مرشد جماعة الإخوان أمام المحكمة في قضية تتعلق بالاحتجاجات العنيفة التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013 (أ ب)
محمد بديع مرشد جماعة الإخوان أمام المحكمة في قضية تتعلق بالاحتجاجات العنيفة التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013 (أ ب)
TT

المؤبد لبديع وقيادات من «الإخوان»... وإحالة أوراق 3 متهمين إلى المفتي

محمد بديع مرشد جماعة الإخوان أمام المحكمة في قضية تتعلق بالاحتجاجات العنيفة التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013 (أ ب)
محمد بديع مرشد جماعة الإخوان أمام المحكمة في قضية تتعلق بالاحتجاجات العنيفة التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013 (أ ب)

قضت محكمة جنايات القاهرة، أمس، بمعاقبة محمد بديع مرشد جماعة «الإخوان»، وقيادات الجماعة، محمد البلتاجي، وعصام العريان، وصفوت حجازي، وحسين عنتر، بالسجن المؤبد، والسجن المشدد 15 سنة للقيادي باسم عودة، والسجن 10 سنوات لثلاثة متهمين آخرين، في إعادة محاكمتهم بقضية تتعلق بالاحتجاجات العنيفة التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، والمعروفة إعلامياً بـ«أحداث البحر الأعظم».
وكانت محكمة جنايات الجيزة قد قضت في سبتمبر (أيلول) 2014، بمعاقبة المتهمين بالسجن المؤبد، إلا أن محكمة النقض (أعلى محكمة مدنية في البلاد) قبلت طعون المتهمين، وأمرت بإعادة محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى. وأسندت النيابة العامة للمتهمين تهم «التحريض على ارتكاب أحداث العنف والإرهاب والقتل العمد، وتأليف عصابة لمهاجمة المواطنين ومقاومة السلطات وإمدادها بالأموال والأسلحة، وارتكاب جرائم الإرهاب والتجمهر والقتل العمد والشروع فيه، واستعراض القوة وفرض السطوة، وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء وإتلاف الممتلكات».
وقال مصدر قضائي إنه «من حق المتهمين الطعن على الحكم مرة أخرى أمام محكمة النقض».
وبديع يحاكم أو تُعاد محاكمته في قضايا عدة يرتبط أغلبها بالاضطرابات وأعمال العنف التي تلت عزل مرسي، وأيدت محكمة النقض حكماً نهائياً بالمؤبد عليه في أبريل (نيسان) الماضي، ليكون جملة الأحكام المؤبدة النهائية التي حصل عليها ثلاثة.
إلى ذلك، قررت محكمة جنايات جنوب القاهرة أمس، إحالة 3 متهمين إلى مفتى الديار المصرية، لإبداء رأيه في إعدامهم، في القضية المعروفة إعلامياً بـ«كتائب أنصار الشريعة»، وحددت جلسة 14 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للنطق بالحكم.
وكان النائب العام المصري السابق المستشار هشام بركات، قد أمر بإحالة 23 متهماً لمحكمة الجنايات، واعترف المتهم الأول بالقضية، ويدعى السيد عطا، وكنيته «أبو عمر»، باعتناقه أفكاراً تكفيرية، وحيازته أسلحة نارية آلية وذخائر ومفرقعات، وارتباطه بأعضاء تنظيم «أنصار بيت المقدس».
ونسبت التحقيقات للمتهم الأول، أنه في الفترة من أغسطس (آب) 2013 إلى مايو (أيار) 2014، أسس وتولى زعامة جماعة عرفت باسم «كتائب أنصار الشريعة»، على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
يأتي هذا في وقت تحدثت دراسة مصرية عن جذور التطرف والعنف في نصوص مؤسسي وقيادات «الإخوان». وأكدت الدراسة أن العنف لدى «الإخوان»، التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، لم يكن وليد اللحظة الراهنة؛ بل «استراتيجية متجذرة وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا في العديد من كتاباته ورسائله الموجهة إلى أنصاره، وسار على نهجها من بعده قيادات ومنظرو الجماعة كافة، وعلى رأسهم سيد قطب». وأشارت الدراسة، التي أعدها مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، إلى أن البنا سعى إلى شرعنة العنف من خلال إضفاء صبغة دينية عليه، تحت دعاوى «الجهاد»... و«اعتبر البنا العنف وسيلة لا غنى عنها في استعادة الحكم الإسلامي». وعرضت الدراسة النصوص التي أوضحت تدرج البنا في تبني العنف حتى وصل إلى ضرورة محاربة الأنظمة القائمة والمجتمع، وهو ما يظهر في مقاله بالعدد الأول لمجلة «النذير» في قوله: «سنتوجه بدعوتنا إلى المسؤولين من قادة البلد ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه، وسندعوهم إلى منهاجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا وسنطالبهم بأن يسيروا عليه».
وأشارت الدراسة المصرية إلى أن قيادات «الإخوان» سارت على منهجية البنا في إعلانهم العداء لمبادئ الديمقراطية ونظام الأحزاب وانتقاد الحريات العامة والدعوة إلى التطرف والعنف، وقد بدا هذا واضحاً في كتابات قطب وتبنيه مفاهيم «الحاكمية، وجاهلية المجتمع، وتكفير المجتمعات والأنظمة»، ومن ثم تبني العنف لإقامة الخلافة وفقاً للجماعة، وهي النصوص نفسها التي تُشرعن بها الجماعات الإرهابية المعاصرة أعمال العنف والقتل الوحشي ضد كافة فئات المجتمع.
ورصدت الدراسة أيضاً تحول الجماعة «فيما بعد قطب» إلى تبني منهاج جديد للعنف وتجذيره على المستوى النظري؛ حيث بدأت كتابات ونصوص قيادات التنظيم في مهاجمة قيم الديمقراطية والحداثة والحرية واتهامها بتخلف المجتمعات... ومن ثم رأت ضرورة طرح الإسلام بديلاً يقوم على مراحل متدرجة لاستعادة الحكم الإسلامي، يعتمد على التغلغل واختراق المؤسسات والمجتمعات مع ضرورة التواصل والتنسيق مع الجماعات «الجهادية» الإرهابية، وضرورة بناء قوة لحماية الجماعة وتأمين الوصول إلى الحكم.
وأكدت الدراسة في الصدد نفسه، أن تطرف الجماعة وعنفها تعدى محاولات التبرير النظري إلى الواقع العملي بالعمل على بناء قوة ذاتية لحماية الجماعة وتحقيق أهدافها الخاصة، بدءاً من تأسيس نظام الجوالة والكشافة، وتأسيس النظام الخاص السري للجماعة الذي استخدم لتنفيذ العديد من أعمال العنف، كذلك تم تأسيس تنظيمات مسلحة تابعة للجماعة في سوريا فيما عرفت بـ«الطليعة»، كما تم تأسيس جهاز عسكري خاص بالتنظيم في تونس، كذلك أعلنت حركة «حسم» في مصر ارتباطها بالجماعة، بالإضافة إلى ذلك رصدت الدراسة انضمام عناصر من الجماعة في صفوف تنظيم داعش.
وبايع «أنصار بيت المقدس» في سيناء، «داعش» الإرهابي، وبدل اسمه إلى «ولاية سيناء»، ومنذ حينها وهو يحاول استهداف الشرطة والجيش والمدنيين. وأطلق الجيش المصري بمساعدة الشرطة عملية عسكرية شاملة في شمال ووسط سيناء، في فبراير (شباط) الماضي، لمواجهة العناصر المتطرفة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.