مقاتلون أوروبيون في إدلب يقومون بنقل نسائهم وأطفالهم للحدود مع تركيا

30 % من 5000 مقاتل أوروبي عادوا إلى بلدانهم

TT

مقاتلون أوروبيون في إدلب يقومون بنقل نسائهم وأطفالهم للحدود مع تركيا

قال شاب بلجيكي سبق أن حارب في صفوف «داعش»، وأصبح الآن في صفوف جيش «تحرير الشام» أو «جبهة النصرة» سابقا، بأن هناك الكثير من المقاتلين الأجانب يتصرفون الآن كمقاتلين مستقلين، يذهبون للانضمام إلى الجماعات المسلحة المختلفة الموجودة على الأراضي السورية، مثل جماعة «حراس الدين» أو «تحرير الشام». واهتمت الصحف البلجيكية أمس بتصريحات الشاب البلجيكي، الذي أطلق على نفسه اسم أبو عبد الرحمن البلجيكي، وكان يتحدث عبر الإنترنت مع إحدى محطات التلفزة الفضائية «تلفزيون الآن»، ومعه هولنديان، وكانوا قد سافروا قبل خمس سنوات إلى سوريا للمشاركة في العمليات القتالية. وتحدث الثلاثة وهم ملثمون خشية تعرض عائلاتهم لأي مشاكل.
وأشار أبو عبد الرحمن البلجيكي إلى وجود ما يزيد عن عشرة آلاف مقاتل أجنبي حاليا في مدينة إدلب وسيعملون على حمايتها من هجوم النظام وأضاف «هؤلاء المقاتلون سوف يقاتلون حتى النهاية وفي نفس الوقت استبعد أبو محمد البلجيكي أن يكون مصير إدلب نفس مصير درعا والغوطة». وأشار إلى وجود استعدادات وخطوط دفاعية يقومون بها لصد أي هجوم للنظام.
وحسب ما نقلت وكالة الأنباء البلجيكية عن الأشخاص الثلاثة فهم جميعا يرفضون وصفهم بالإرهابيين. ويقول أبو عبد الرحمن البلجيكي «نحن إرهابيون إذا كان الدفاع عن المواطنين ضد الظلم والقمع الذي يتعرض له الشعب السوري يعني إرهابا». ويقول شخص آخر يدعى أبو الزبير الهولندي نحن نستعد لهجوم من قوات النظام على إدلب ببناء خطوط دفاعية وبالاستعداد ذهنيا من خلال الصلاة والاستغفار وإذا ما نجح النظام في كسر الخطوط الدفاعية سوف نقوم نحن والإخوة من المهاجرين بنقل النساء والأطفال إلى مكان آخر آمن بالقرب من الحدود مع تركيا، وأضاف «نعلم أن تحرير الشام تسيطر على إدلب وقد أخذوا على عاتقهم حماية السوريين والمهاجرين من المقاتلين الأجانب ويبذلون قصارى جهدهم لمواجهة مؤامرات أجهزة الاستخبارات أو الجماعات التي تعمل لصالح أجندات خارجية».
ومن جهته قال أبو عبد الرحمن البلجيكي، بأن المقاتلين المستقلين يتحركون في مجموعات بين الجماعات المقاتلة المختلفة وقد أخذوا تعهدات على القادة العسكريين في تحرير الشام بأنهم لن يخونونا أو يبيعونا بل سيقومون بحمايتنا وأنا أعتقد أنهم سيفعلون ذلك».
وقال شخص ثالث يدعى أبو محمد الهولندي بأنه جاء إلى سوريا للمشاركة في حماية الشعب السوري وسوف يستمر في ذلك حتى الموت ونفى أبو محمد أن يكون عضوا في تنظيم «القاعدة» في ظل ترديد البعض بوجود صلة بين «جبهة النصرة» سابقا وتنظيم «القاعدة»، وقال أبو محمد الهولندي «لقد ارتكبت القاعدة بعض الأخطاء ولكنها عانت الكثير ونحن نحترمها».
وفي وقت سابق من العام الحالي كشف تقرير صادر عن «فرونتكس»، وهي وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي تختص بمراقبة الحدود الدولية للدول الأعضاء، أن «ما يقدر بنحو 30 في المائة من 5000 مقاتل إرهابي أوروبي عادوا إلى بلدانهم قادمين من سوريا والعراق وليبيا». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال توماس رونارد مسؤول متابعة الأبحاث في المعهد الملكي للعلاقات الدولية ببروكسل «ايغمونت»، «هناك الكثير من التحديات وأمور لا نزال لا نعرف كيف ستتم معالجتها مثل وضعية هؤلاء الأشخاص بعد عودتهم من سوريا، هل سيدخلون السجون أم لا؟ وكيف سيتم التعامل معهم؟ وسبق أن نظم المعهد مؤتمرا حول هذا الصدد انعقد قبل أسابيع قليلة والمؤتمر شكل فرصة لتبادل الآراء ومحاولة الوصول إلى حلول عملية والمطالبة بتفعيل هذه الحلول».
وفي النصف الأول من فبراير (شباط) الماضي أشار تقرير أمني صدر في بروكسل إلى أن الأرقام المسجلة لـ«الدواعش» العائدين إلى أوروبا، بعد هزيمة تنظيمهم في سوريا والعراق تشير إلى أن عددهم يقلّ كثيراً عن التوقعات التي كانت تتحدث عن مخاوف من «عودة جماعية». وأوضح التقرير أن عدد العائدين من «المقاتلين الأجانب» لم يَزِد على عشرات سنوياً، لافتاً إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات من «داعش» بالقتال حتى الرمق الأخير للاحتفاظ بأكبر مساحة ممكنة من الأراضي. وذكر معهد «إيغمونت» أن التحقيقات أوضحت أن العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق قُتل أو تم اعتقاله، خصوصاً من قبل المجموعات الكردية و«لكنَّ هناك قِلّة منهم استطاعت الإفلات والذهاب إلى أماكن صراعات أخرى مثل الصومال وأفغانستان ونيجيريا».
ومن جانبه قال فيليب لامبرتس زعيم كتله الخضر في البرلمان الأوروبي، بأن التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم يصل بعد إلى الشكل المطلوب وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، حول ما تردد بشأن وصول أعداد من المقاتلين الأجانب من مناطق الصراعات وخاصة من سوريا والعراق، أجاب لامبرتس بالقول «بالفعل هذا حقيقي، المقاتلون على أعتاب أوروبا، ويجب أن نحتاط لهذا الخطر ولكن للأسف الشديد لا يمكن معرفة أعداد هؤلاء بشكل محدد، ولا يستطيع أحد أن يتحكم في هذا الأمر، لأن هؤلاء عندما سافروا لم يعلنوا مسبقا أنهم ذاهبون بغرض القتال، ومن هذا المنطلق لا يمكن حصرهم بشكل محدد، ولا يمكن أيضا القول بالتحديد كم عدد الذين عادوا من هناك، ولكن على أية حال يجب أن نكون حذرين، ونكثف من إجراءات مراقبة الحدود، ونستعد لعودتهم وذلك نظرا لما يمكن أن يشكلوه من خطر على المجتمعات الأوروبية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».