تواصل إحالة مسؤولين عراقيين إلى القضاء... والنزاهة تشكّك

العبادي أعفى عدداً من المديرين العامين في وزارة الكهرباء

TT

تواصل إحالة مسؤولين عراقيين إلى القضاء... والنزاهة تشكّك

تواصل مسلسل إحالة كبار المسؤولين المتورطين بشبهات فساد إلى القضاء. وفي أحدث حلقات هذا المسلسل، أصدرت رئاسة الوزراء أمس، أمراً بإحالة مدير عام الاستثمارات في وزارة الكهرباء، رعد قاسم إلى هيئة النزاهة، بحسب تسريبات من رئاسة الوزراء، على رغم أن الأخيرة لم تعلن موضوع الإحالة رسمياً.
وأكدت رئاسة الوزراء في بيان مقتضب إعفاء قاسم من منصبه، وأشارت إلى أن رئيس الحكومة حيدر العبادي وجه بـ«إجراء الإصلاحات في وزارة الكهرباء وإعادة هيكلتها بما يخدم مصلحة البلد وأبناء شعبنا وتوفير الكهرباء للمواطنين».
وذكر البيان أن العبادي «أصدر مجموعة من الأوامر التي تقضي بإعفاء عدد من المديرين العامين في عدد من الدوائر، منها الاستثمارات والعقود وتوزيع كهرباء بغداد والدائرة الإدارية، إضافة إلى تغييرات في الدوائر القانونية والتشغيل والتحكم ودوائر أخرى».
وكان العبادي قرر الأسبوع الماضي سحب يد وزير الكهرباء قاسم الفهداوي وإيقافه عن العمل، كما قرر قبل ثلاثة أيام إحالة 3 وزراء سابقين و12 موظفاً كبيراً إلى هيئة النزاهة، ثم أعلنت الحكومة أول من أمس، عن إحالة مئات المسؤولين إلى القضاء.
وأظهرت وثيقة صادرة من رئيس ديوان الوقف السني أمس، إيقاف العمل بجميع الصلاحيات الممنوحة للمديرين العامين ومعاونيهم في الوقف بناءً على طلب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأوردت الوثيقة الموقعة من قبل رئيس ديوان الوقف السني بالوكالة سعد كمبش، أنه «لمقتضيات مصلحة العمل العامة تقرر إيقاف العمل بجميع الصلاحيات الممنوحة إلى المديرين العامين ومعاونيهم، وعرض جميع بريد دوائر الديوان على رئاسته طيلة فترة تولينا مهام رئيس ديوان الوقف السني بالوكالة». وتترد أنباء عن عزم العبادي سحب يد رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم، لكن مصادر الديوان تنفي ذلك.
ويلفت الانتباه في موضوع الإحالات المتواصلة إلى أن مصدرا في هيئة النزاهة المستقلة شكك في حملة رئاسة الوزراء ونفى علمه بوصول أي كتاب رسمي إلى الهيئة من رئاسة الوزراء بخصوص أوامر الإحالة.
وقال المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «على حد علمي لم يصل أي كتاب إحالة إلى الهيئة، ثم إن أغلب الملفات التي تتحدث عنها رئاسة الوزراء موجودة ومفتوحة في النزاهة ومنها ملف المدارس ووزير التربية السابق محمد تميم».
وأكد المصدر أن «كل ما فعله رئيس الوزراء هو أنه قام بطلب توضيحات بشأن ما وصلت إليه التحقيقات في هذا الملف أو ذاك، ثم أصدر توجيهات بإحالتها إلى القضاء، علما بأن هيئة النزاهة مستقلة ومرتبطة في البرلمان ولا تأخذ أوامرها من رئاسة الوزراء».
وفي موضوع متصل بنشر بعض أسماء المسؤولين المتهمين بالفساد، نفت هيئة النزاهة، أمس، أنها قامت بنشر أسماء «مطلوبين» بقضايا منظورة من قبلها، مؤكدة أنها تسير وفق المعايير والحدود التي رسمها القانون وتحتم سرية التحقيق.
ودعت الهيئة إلى «عدم الانجرار وراء الأكاذيب والشائعات التي يحاول البعض تمريرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر أسماء وهمية بانتحال شعار الهيئة وصفتها، مؤكدة أن القائمة التي نسبها البعض إلى هيئة النزاهة عارية عن الصحة، ولم تكن هي أو من يمثلها مصدراً لها بتاتاً».
وحضت الهيئة على «أهمية استقاء الأخبار والمعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم الركون إلى المصادر التي لا تُمثِل الهيئة رسمياً؛ مما يُدخل الرأي العامَ في حالة من التشويش والضبابيَة».
ورأى الخبير القانوني جمال الأسدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء «ليست من صلاحياته إحالة أي مسؤول إلى النزاهة، نعم يستطيع مكتبه أو الأمانة العامة لمجلس الوزراء إحالة موظفيها استناداً إلى قانون الخدمة المدنية».
ويتساءل الأسدي: «ماذا لو كان للعبادي ملف للفساد في هيئة النزاهة وهذا احتمال وارد فهل سيقوم بإحالته للقضاء؟ الفكرة أن عمل هيئة النزاهة مستقل وليس خاضعاً لرئيس الوزراء».
ويرجح أن موضوع الإحالات التي يعلنها العبادي هدفها «الاستهلاك الإعلامي وليس العمل الفعلي، كما أن لها صلة بموضوع الولاية الثانية الذي يطمح إليه العبادي».
ويشير الأسدي إلى أن «المادة الثانية من قانون هيئة النزاهة تربطها بمجلس النواب وليس بالوزراء، ومهمتها تنحصر في تقديم المعلومات وإجراء التحقيقات وإحالتها إلى القضاء، أما إذا حدث وخضعت الهيئة إلى تعليمات رئيس الوزراء فذلك مؤشر واضح على خلل في عملها وصدقيتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».