بابا الأقباط في مصر يلوح بضوابط جديدة على «الرهبنة»

قال إن التحقيقات في مقتل رئيس الدير مستمرة... والكنيسة ليس لديها ما تخفيه

TT

بابا الأقباط في مصر يلوح بضوابط جديدة على «الرهبنة»

بينما وجهت لجنة شؤون «الرهبنة والأديرة» بالمجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر أمس، الشكر للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بشأن قرارات «ضبط الرهبنة» الأخيرة في الأديرة، لوح تواضروس بصدور قرارات جديدة لـ«الرهبنة»، مؤكداً أنه «على الرهبان أن يعيشوا في الدير، لأن ذلك هو اختيارهم في الأساس»، لافتاً إلى أن صدور القرارات الأخيرة من اللجنة التابعة للمجمع المقدس والمختصة بشؤون «الرهبان والأديرة»، كانت من أجل ضبط النظام الرهباني.
وفي أول تعليق لبابا الأقباط على مقتل رئيس أحد الأديرة في مصر، قال تواضروس خلال عظته الأسبوعية، التي ألقاها الليلة قبل الماضية بمقر الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية بالقاهرة: «لا بد أن ننظر إلى الحادث الذي وقع بدير القديس (أبو مقار) بوادي النطرون بمحافظة البحيرة (100 كيلومتر شمال غربي القاهرة) على أنه جريمة، فهناك جان وهناك مجني عليه وهو الأنبا إبيفانيوس رئيس الدير، والتحقيقات التي تجريها الشرطة والنيابة العامة ما زالت مستمرة، وإلى الآن لم يتم الوصول إلى الجاني... والكنيسة أيضاً ليس لديها ما تخفيه».
تعليق البابا، بعد أيام من محاولة قس شاب يدعى فلتاؤوس المقاري الانتحار من مبنى مرتفع بدير «أبو مقار»، وصدور قرار من الكنيسة بتجريد الأسقف أشعياء المقاري، وطرده من مجمع دير «القديس مكاريوس الكبير» بوادي النطرون، وإعادته لاسمه العلماني وعدم انتسابه إلى الرهبنة، وحثه على التوبة وإصلاح حياته من أجل خلاصه وأبديته. وقال بابا الأقباط، إن الكيان الرهباني كيان نقي والنظام نفسه تم اختباره عبر قرون كثيرة، مطالباً بضرورة أن يحافظ الشعب المسيحي على نقاء الآباء الرهبان والابتعاد عن حياتهم، وأنه على الكنيسة أن تضبط الحياة الرهبانية باستمرار، والبابا كيرلس السادس أصدر من قبل قراراً بعودة كل الرهبان إلى الأديرة، والكنيسة المصرية واحدة من أقوى كنائس العالم.
مضيفاً أن الكنيسة لديها لجنة «الرهبان والأديرة» تمارس عملها بكل هدوء وهي معنية بضبط الحياة الرهبانية، وأنه في أيام الراحل البابا شنودة اتخذ قراراً بعودة الرهبان إلى الأديرة بعد 7 سنوات، مطالباً بضرورة الانتباه لـ«الصفحات الصفراء» في وسائل الإعلام أو صفحات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن الكنيسة أيضاً ليس لديها ما تخفيه، موضحاً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ذكر أن مصر تعرضت في 3 أشهر لـ21 ألف إشاعة ضد البلاد والاقتصاد والسياسة والكنيسة. وأشار بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية إلى أنه أعطى مهلة شهراً للرهبان لإغلاق صفحات التواصل الاجتماعي، وأنه سيتم اتخاذ إجراءات كنسية ضد من لم يلتزم بهذه القرارات.
وكانت الكنيسة قد وضعت مؤخراً ضوابط جديدة على «الرهبنة» داخل الأديرة، منها، مطالبة الأساقفة بالتخلي الطوعي عن السلوكيات والتصرفات التي لا تليق بالحياة الرهبانية، ومنح الرهبان فرصة لمدة شهر لغلق أي صفحات أو حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاسبة كل راهب وتجريده من الرهبنة والكهنوت وإعلان ذلك رسمياً في حالة الظهور الإعلامي بأي صورة ولأي سبب وبأي وسيلة، أو التورط في أي تعاملات مالية أو مشروعات لم يكلفه بها الدير، إضافة إلى الوجود خارج الدير من دون مبرر والخروج والزيارات من دون إذن مسبق من رئيس الدير.
وقال بابا الأقباط خلال عظته مساء (الأربعاء) إن منطقة «وادي النطرون» تعد جامعة الروحيات، ولذلك سميت «الأسقيط» ومعناها «مكان النسك»، وسارت المنطقة دارا للنسك وظهر آلاف القديسين على مدى التاريخ، وأصبحت مناطق للخدمة الروحية يأتي لها الناس من كل العالم، حتى إن أحد القديسين قال إن «السماء بكل جمالها لم تكن بجمال البرية بكل نساكها»، وإن «الحياة الديرية عامرة إلى الأبد، والأديرة المصرية يوجد بها مئات من الرهبان الملتزمين، ويجب أن نعرف قيمة الأديرة المصرية في الحياة فهي تصلي من أجل العالم كله، وهي حارسة بصلواتها كل بلادنا، فالأديرة واحات للصلاة من أجل الجميع».
إلى ذلك، وجهت لجنة شؤون «الرهبنة والأديرة» الشكر لبابا الأقباط، وقالت في بيان لها أمس، إننا نشكر البابا تواضروس الثاني لاستجابته لتوصيات الآباء «المطارنة والأساقفة» أعضاء لجنة الرهبنة والأديرة القبطية الأرثوذكسية في اجتماعها، الذي انعقد بدير القديس الأنبا بيشوي مطلع أغسطس (آب) الحالي. وأكد بيان اللجنة أن «تفعيل قرارات الرهبنة لكي نحافظ على كنيستنا في كل مؤسساتها وميادين خدمتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».