توقع خرق في مشاورات الحكومة وعون يرفض ربطها بمعركة الرئاسة

TT

توقع خرق في مشاورات الحكومة وعون يرفض ربطها بمعركة الرئاسة

عكست المواقف الأخيرة التي أطلقها كل من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل الذي هدّد باللجوء إلى الشارع، استمرار الخلاف في مقاربة تشكيل الحكومة، في وقت حرص رئيس الجمهورية ميشال عون على رفض ربط التأخير بمعركة الرئاسة المقبلة وهو ما أكد عليه باسيل.
هذه الأجواء السلبية التي لا تزال تسيطر على الوضع السياسي في لبنان وعكسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، يحاول المطلعون على موقفي عون والحريري التخفيف من وطأتها بالتعويل على مستجدات جدية قد تظهر خلال الأيام المقبلة. وقالت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»، أن الساعات الـ48 ساعة قد تشهد تحريكا للمشاورات بعد جمود الأسبوعين الأخيرين، مكررة اعتبار أن العقدة المسيحية باتت قريبة من الحل عبر منح «حزب القوات اللبنانية» أربعة وزراء لا تتضمن نائب رئيس الحكومة، على أن يبقى مطلب حصول القوات على وزارة سيادية، بيد الحريري الذي سبق أن تعهد بدوره أن يحلّ العقدة الدرزية.
من جهتها، لم تنف مصادر مطلعة صعوبة الموقف الذي يواجهه الحريري، لكنها أكدت أن الأمور ليست مستعصية والمواقف التصعيدية الأخيرة على لسان وزير الخارجية جبران باسيل وتلويحه باللجوء إلى الشارع، لا تهدف إلا إلى رفع السقف مع تشديدها على أنه لا عقد خارجية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يكون باسيل طرفا في العقدتين الأساسيتين يكون واضحا أين هي العقدة ومن هو سببها».
وكان الحريري قد رفض تحميله مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة، داعيا الجميع إلى التواضع والتضحية من أجل مصلحة لبنان، ومؤكدا أنه من المبكر الحديث عن معركة رئاسة الجمهورية، نافيا وجود أي تدخّل خارجي يعيق التأليف.
في المقابل وفي تعليقه أمام زواره على ربط التأخير بالتدخل الخارجي يقول عون: «ليس هناك تدخل خارجي مباشر إنما بعض المناخات»، مع تأكيده على أن الحل ممكن في الداخل إذا قرّر الأفرقاء ذلك. وهو الموقف الذي لا يختلف كثيرا عن موقف رئيس مجلس النواب الذي قال أمس في لقاء الأربعاء النيابي إن «العقدة ما زالت هي هي، وتتعلق بالحصص والأحجام»، مضيفا أن «التدخل الخارجي إذا ما وجد، فإنه بسبب استجراره من الداخل، والمطلوب أن نعمل على إقناع الجميع، حتى أصدقائنا، بأننا نحن من نحل قضايانا الداخلية».
وجدد رئيس مجلس النواب تأكيد ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة نظرا إلى الوضع الاقتصادي والمعيشي الضاغط وموجبات إطلاق عجلة الدولة وتفعيلها، قائلا: «إذا دخل الفقر من النافذة خرج الإيمان من الباب».
وحرص عون أمس على التأكيد أمام زواره أمس على رفضه ربط تأخير الحكومة بالمعركة الرئاسية المقبلة التي يشكّل باسيل أحد مرشحيها، وقالت مصادر قريبة لـ«الشرق الأوسط» نقلا عن عون: «يحاولون القول إن السبب الرئيسي في تأخير التشكيل هو الاستحقاق الرئاسي المقبل، وكأن العقد الأخرى غير موجودة أو مهمة، ما يبدو وكأنها محاولات لصرف النظر عن الأسباب الحقيقية وافتعال سبب غير موجود، في وقت لا يزال عهد عون في بدايته وهو يعوّل على تحقيق الكثير في السنوات المقبلة وبعد تشكيل الحكومة».
وما حرص عون على إثارته، تطرق إليه باسيل في بيان صدر عن مكتبه، واصفا ما يحصل بـ«الحملة المكشوفة التي تهدف إلى ضرب عهد العماد عون». ولفت البيان إلى أن «هذه الأجواء الواهمة تتركز حول عرقلة تشكيل الحكومة وقيام حملة رئاسية وحصول انتخابات رئاسية مبكرة واتهام رئيس الجمهورية ورئيس التيار بها». معتبرا أنها تهدف إلى ضرب العهد «ووصلت الهلوسة السياسية بالبعض ‏إلى درجة اتهام الإنسان بإطلاق النار على نفسه، فيما يعلم الجميع أننا نحن لسنا في مرحلة انتحار سياسي بل في مرحلة إنجاز سياسي».
وفي الإطار نفسه، أكد عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله في حديث إذاعي «اللغط الأساسي في تشكيل الحكومة هو محاولة طرف سياسي أساسي إيجاد أعراف جديدة في تشكيلها مخالفا الدستور واتفاق الطائف»، مع تأكيده على عدم وجود عقد خارجية. وأضاف: «بغض النظر عما يقال من عقد مسيحية أو سنية أو درزية من بداية التكليف، عندما بدأ الحديث عن الأحجام والأوزان والمعايير المتخلفة التي نرفضها، فقد تأكد للجميع أن الهدف من كل العقد أن يكون لطرف سياسي الثلث المعطل، لذا الحديث عن عقدة درزية أو مسيحية يحمل في طياته قرار بتحجيم أو توقيف بعض القوى السياسية لصالح تكبير حجم بعضهم في الحكومة، وهذا لن يمر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.