إثيوبيا تقطع الإنترنت في الشرق مع اندلاع التوترات العرقية

إثيوبيا تقطع الإنترنت في الشرق مع اندلاع التوترات العرقية
TT

إثيوبيا تقطع الإنترنت في الشرق مع اندلاع التوترات العرقية

إثيوبيا تقطع الإنترنت في الشرق مع اندلاع التوترات العرقية

منذ توليه المنصب في أبريل (نيسان) الماضي، غير رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد شكل السياسة والاقتصاد بالكامل في البلاد التي يصل تعداد سكانها إلى مائة مليون نسمة. لكن في الأمس قطعت السلطات الإثيوبية الإنترنت عن شرق البلاد وسط أعمال عنف تفجرت هناك، وذلك في مؤشر على التحديات الإصلاحية التي تواجه آبي في احتواء التوترات العرقية في بعض المناطق.
وذكر شهود عيان لوكالة «رويترز»، أحدهم يتحدر من منطقة أوروميا والآخر من مدينة هرر، أن خدمة الإنترنت مقطوعة منذ ثلاثة أيام. وهذه المرة الأولى التي تنقطع فيها الخدمة منذ أن رفع البرلمان حالة الطوارئ في يونيو (حزيران). وكان الحدّ من قدرة الشبان على تنظيم المظاهرات أو الإضرابات باستخدام الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي يمثل استراتيجية لاحتواء الاحتجاجات. وإثيوبيا من الدول القليلة التي ما زالت الحكومة تحتكر الاتصالات فيها مما يعني أن قطع الإنترنت يكون أسهل مما لو كانت هناك شركات متعددة لتقديم الخدمة.
واندلعت أعمال عنف في جيجيقا عاصمة المنطقة الصومالية يوم السبت. وقالت «رويترز» إن قوات الأمن قتلت أربعة أشخاص بالرصاص. وقال أحمد شيدي المتحدث باسم الحكومة لـ«رويترز»، أمس الأربعاء، إن رئيس المنطقة الصومالية تنحى عن منصبه ولم يُعَد تكليفه بالمنصب، بعكس ما ذكرته تقارير إعلامية محلية. وأحجم شيدي عن التعليق على قطع الإنترنت الذي كانت جماعة «أكسس ناو» الحقوقية أول من أبلغ به.
وقال السكان في أوروميا وهرر إنهم يخشون أن يمتد العنف من المنطقة الصومالية إلى أجزاء أخرى في شرق إثيوبيا، لأن العمليات الثأرية العرقية المتبادلة كانت جزءاً من الاضطرابات التي عصفت بالبلاد لمدة ثلاث سنوات حتى استقالة رئيس الوزراء هايلي مريم ديسالين في فبراير (شباط) الماضي.
الحكومة فرضت حالة الطوارئ في فبراير بعد يوم من استقالة هايلي مريم. ويشير قرار الحكومة بقطع الإنترنت في ظل أعمال العنف خلال مطلع الأسبوع إلى استمرار ردّ فعلها غير المحسوب على الاضطرابات في السنوات القليلة الماضية.
وقطعت الحكومة الإنترنت من حين لآخر خلال الاحتجاجات التي سبقت تولي آبي السلطة، وذلك لعدة شهور أحياناً، في منطقة أوروميا التي تحيط بالعاصمة أديس أبابا وتمتد شرقاً حتى المنطقة الصومالية.
وذكر التلفزيون الحكومي أن حكومة إثيوبيا وقَّعَت اتفاقاً لإنهاء العمليات القتالية مع جبهة تحرير أورومو. ويبدو أن الاتفاق خطوة أخرى في حملة يشنّها رئيس الوزراء الجديد آبي أحمد لإصلاح المؤسسات وفتح قطاعات من الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة وتحسين الأمن والعلاقات الدبلوماسية. ومنذ السبعينات يخوض متمردون حرباً مسلحة محدودة من أجل حصول منطقة أوروميا على حق تقرير المصير. وتعد أوروميا أكبر مناطق إثيوبيا وتقطنها جماعة أورومو العرقية. وكانت جبهة تحرير أورومو جزءاً في بادئ الأمر من حكومة انتقالية شكلها عام 1991 متمردون من ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية التي أطاحت بمنجيستو هيلا مريم من السلطة، ولكن سرعان ما اختلفت مع الائتلاف.
وقال وزير الإعلام الإثيوبي يماني جبر ميسكيل إن الحكومة وقعت اتفاق مصالحة لإنهاء العمليات القتالية مع الزعيم المنفي لجبهة تحرير أورومو داود إبسا الذي يعيش في المنفى في أسمرة عاصمة إريتريا. وأضاف قائلا في تغريدة على «تويتر» إن «الاتفاق ينص على أن جبهة تحرير أورومو ستباشر أنشطتها السياسية في إثيوبيا من خلال وسائل سلمية». وتم التوقيع على الاتفاق في أسمرة. وكانت الجبهة قد أعلنت وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد الشهر الماضي بعد أن استبعدها البرلمان من قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة التي أدرجت ضمنها في 2008.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.